مقالات مختارة :د. محمد الصادق : ما هكذا تورد الإبل يا جعودة

د. محمد الصادق : ما هكذا تورد الإبل يا جعودة…

8 مايو 2012
في الوقت الذي تتسع فيه صدورنا للنقد الهادف البنّاء ، فإنه من حقنا الرد على الاتهامات التي لا تستند على أدلة ، والتي تصدر عن البعض الذين لا يستطيعون الرؤية إلا بعين واحدة ، ومن زوايا ضيقة محاولين تجاهل الواقع ومعطياته اليومية ،،
للأسف الشديد خرج علينا مؤخراً الناشط السياسي (صالح جعودة) بتصريحات مغلوطة عنوانها الإثارة وفحواها أجوف لا يستند إلا على لغة القيل والقال ولتشويه قيادات مصرف ليبيا المركزي ، هذه المؤسسة العريقة التي ظلت والعاملون بها على مختلف مستوياتهم الوظيفية موضع ثقة المجتمع .
تصريحات السيد/ صالح جعودة ، التي أدلى بها من خلال برنامج “ما وراء الخبر” عبر قناة الجزيرة ، مفادها ( بأنَّ السيد محافظ مصرف ليبيا المركزي يعمل على تبديد أموال الليبيين ، مُشدداً على أنه لديه الدليل على كل ما يقول ويتحمل مسؤوليته ) .
كان يمكننا التجاوز عما يُقال ويُكتب ، لو إقتصر على خلاف شخصي بين أفراد ، أما أن يطال قيادات المصرف المركزي وإدارته العليا ، ويُطعن في نزاهتهم وأمانتهم ، فإنه قد يكون تعدى مسالة الكرامة الشخصية ليصل إلى المساس بسمعة المؤسسة ومكانتها ، بما من شأنه أن يزعزع ثقة الناس فيها ، ويقلل من إحترامهم لها ، مما لا مناص معه من الرد على ما تضمنته تصريحات المعني :-
أولاً : سنُذكر السيد/ جعودة بالبيان الذي أصدره السيد/ الصديق عمر الكبير ، محافظ مصرف ليبيا المركزي ، بتاريخ 15 مارس 2012 م ، حيث دحض السيد/ المحافظ الاتهامات الموجهة إلى قيادات المصرف وإدارته العليا ، واصفاً إياها بحملة التشويه المتعمدة ترمي إلى المساس بهذه المؤسسة العريقة ، وأوضح بأن هذه الحملة التي طالت قيادات المصرف وإدارته العليا ، وطعنت في نزاهتهم وأمانتهم، ومسّت كرامتهم الشخصية بغرض زعزعة ثقة الناس في المصرف ، تطلبت منّا الرد عليها بأسلوب حضاري بعيداً عن الانتقام الانفعالي ، وكشف ما تنطوي عليه من تَجنٍ واضح ، وافتراءٍ سـافر في حقنا مع احتفاظنا بحق الملاحقة القضائية لمروجي هذه الحملــة التي وصفها بـ (المغرضة) وأكد ( إنه من حق الجمهور أن يعرف الحقيقة بشأن ما يكتب أو يقال، كي لا يفسر بأنه عجز عن المواجهة، واعتراف ضمني بحقيقة ما يشاع ويذاع ) …
ونفى (الكبير) في البيان الاتهامات التي طالت شخصه ، بإنتسـابه إلى ما كان يعرف بـ (حركة اللجان الثورية) ، أو قيامه بإيقاف المنح الدراسية على الطلبة الليبيين الدارسين في أمريكا ، وتطرَّق في هذا الصدد إلى القضية التي أوقف فيها وعدد من القيادات المصرفية في العام 2000 ، موضحاً بأنها لفقت بناء على أوامر مباشرة من الطاغية القذافي، واتهموا فيها بالتقصير في حفظ وصيانة المال العام ، وتحقيق المنفعة للغير وممارسة الوساطة والمحسوبية ، والكسب غير المشروع وذلك للتغطية على تجاوزات نجله الساعدي وأجهزته وبعض المنتفعين بعد أن نهبــوا ما يزيد عن 600 مليـون دينــار ( ستمائة مليون دينار ) المخصصة لمدينة بنغازي وأوضح بأن هذه القضية نُظر فيها أمام مختلف المحاكم المختصة وانتهت ببراءة جميع المتهمين من قيادات ومديرى المصارف ، بالجلسة المنعقدة بتاريخ 7/5/2005 م ، برئاسة المستشار امحمد البوعيشي ، تحت رقم 489/2000 تطهير ، وبمقر محكمة الاستئناف التخصصية طرابلس ، وكذلك الجلسة المنعقدة بتاريخ 8/7/2010 م ، برئاسة المستشار الصادق الطيب الزروق ، تحت رقم 489/2000 إدعاء شعبي ، بمحكمة الاستئناف التخصصية ، دائرة الجنايات السادسة ، وبإمكان الجميع مشاهدة نصوص هذه الأحكام وكافة الوثائق من خلال الموقع الالكتروني لمصرف ليبيا المركزي ..
ثانياً : إحياء منظومة السجل المدني التي تعمَّد النظام السابق تهميشها لفترة امتدت أكثر من أربعة عقود لغرض تحقيق مآربه الشخصية ، وذلك فيما يتعلق باستجلاب بعض المرتزقة من أي مكان ومنحهم تعاريف متمثلة في كتيب عائلة بأنهم مواطنين ليبين .
والكل يعرف أنَّ السجل المدني مُهمّش سواءً في الجانب المكاني أو البشري أو التقني وعندما أنيط بتنفيذ القانون رقم 10 لسنة 2012 م ، تمَّ الاجتماع بالإخوة بالسجل المدني وتمَّ الاتفاق معهم على برنامج عمل وخارطة طريق لتحديث السجل المدني ، وتنظيف وتطوير قاعدة البيانات ، وبفضل الله أولاً ، ثم دعم المجلس الوطني الانتقالي لهذا المشروع ، وبفضل جهود الإخوة بالسجل المدني ومصرف ليبيا المركزي وشركة ليبيا للاتصالات وشركة الديوان للاستشارات الفنية والمعلوماتية ، الذين لبوا النداء وعملوا كفريق واحد لإنجاز هذا العمل في وقت قياسي ، حيث تمَّ ربط أكثر من 130 موقع في السجل المدني في ليبيا الحديثة بشبكة إلكترونية ، وهو ما يُعتبر أكبر انجاز في مستقبل وتاريخ ليبيا ..
ويمكن من خلال قاعدة البيانات المنجزة إجراء الانتخابات ، وإجراء الخطط العلمية السليمة في مجالات التعليم والصحة والاقتصاد والإسكان .
كما أنَّ هذا العمل سيوفر لليبيا من 200 إلى 250 مليون دينار من الخروقات والسرقات التي كانت تتم في السابق .
ختامـاً ندعو السيد/ صالح جعودة ، لتقديم ما لديه من أدلة تثبت صحة إدعاءاته للقضاء الليبي النزيه ، فنحن بفضل الله أولاً وبفضل ثورة 17 فبراير ، أصبحنا ننعم بالحرية والشفافية التي تقتضي تنوير الرأي العام بالحقائق ، فالوطن أكبر منا جميعاً ويستوعبنا جميعاً ، لو وضعنا الحق أمامنا وابتعدنا عن الماضي ممثلاً في خصومة الفجور والضرب تحت الحزام ، وعلى إخواننا انتهاج خصومة الشرف والابتعاد عن الاتهام الجزافي على حساب الأبرياء وتعمد الإساءة المجانية فقط لغرض تحقيق مكاسب سياسية ، قد لا تتحقق لأنه في النهاية ، الأمر لن يكون عصياً على الشعب الليبي أن يُقيم مواطنيه .
د/محمد الصادق – بنغازي