مقالات مختارة - علي رحيل: الانحناء للعاصفة من أجل المستقبل

علي محمد رحيل : الانحناء للعاصفة من أجل المستقبل
7 يونيو 2012
عندما تنزل الهزيمة بإمرئ فقد تزيده الهزيمة حكمة ” موريوكوتا “

شعب ينحني أبناؤه عندما يتبادلون التحية
وينحنون أمام الزائر الغريب حتى قبل أن يعرفوه
لكنهم أبدا لاينحنون للهزيمة
وعندما كانت قواتهم وسفنهم تغرق في البحر وقواتهم تمنى بهزائم متكررة وابناؤهم يسقطون في ميادين المواجهة أعلنوا في تحد : نحن مائة مليون من البشر وعلى الأمريكيين أن يذكروا أن الموتى وحدهم هم الذين لايركعون
الركوع للعاصفة كانت أهم ميزات المجتمع الياباني بعد أن إنتهت الحرب العالمية الثانية والإنسان الياباني هو الذي إستطاع أن يحقق قفزة عالية نقلت بلاده إلى مصاف الدول الصناعية الكبرى بعمل كان يقدسه ويحترمه حتى صار العمل جزء من حياته …
الجميع كان يعمل أويقرأ فقط وليس هناك حل ثالث ..
إتجاهان لاثالث لهما وتصنيفان للمجتمع لايمكن لأحد الخروج منها والغاية خدمة الوكن ونهوضه ..
كلهم يعملون وساعات العمل مليئة دائما وليس هناك وقت ضائع وكل شئ يسير بحساب وبهم صارت اليابان كمانراها اليوم مع هذا التفوق الهائل في الصناعات الدقيقة
ومانراه اليوم سبقه تمزق خلال عهود من الإقطاع قبل عام 1870 حين كانت البلد مسرحا للصراعات والصدامات بين القبائل والجماعات المتنافرة وليس هذا فقط بل أن اليابانيون عاشوا فترات طويلة إحتواهم الخوف وذاقوا مرارة الجوع والفقر والحرمان وعاشوا ألوان عدة من الإضطهاد في ظل الفاشية والدكتاتورية العسكرية ثم الحروب والإحتلال الأجنبي الذي أحسوا معه بالخشوع والتبعية بعد الهزيمة …
أمة مرت بكل هذه التجارب ثم صعدت لتحتل مكانها وتقف في الطليعة وتتفوق على كثيرين ولم تتوقف لكي تتحسس وتلعن جراحها وانطلقت الى الأمام بكل ثقل جراحها ..
لم يكن وراء هذه التجربة شئ إلا عزيمة شعب صادق..
ماذا في هذا المواطن الياباني شئ يختلف عن غيره من الشعوب؟
كيف يفكر ؟ كيف يعمل ؟ ماهى صفاته ؟
… كانت أعظم صفاته هو السلام مع المحيط من حوله والأهم من هذا عدم الزهو بنفسه أوإعطاء نفسه مقدار أكبر منه ويترك للمستقبل أن يحدد مكانته ..
جون فوستر دالاس قال لرئيس وزراء اليابان في الخمسينات انه على اليابان ألاتتوقع أن تبيع للولايات المتحدة الأمريكية شيئا لأن اليابانيين لن يتمكنوا من صنع أي شئ تحتاج إليه أمريكا …
وبقى هذا التصريح دون اجابة الى ان تدفقت فيه السيارات اليابانية والاجهزة الالكترونية وغيرها من السلع على الولايات المتحدة الى ان بلغ العجز الميزاني الامريكي لصالح اليابان ارقاما خيالية مما دعى الحكومة الأمريكية الى فرض قيود على الواردات اليابانية وخاصة السيارات التي وصلت في مستهل الثمانينات الى مليونين ونصف سيارة
وهذا الحافز جعل من كل ياباني اديسون عصره يأخذ التقنية من الغير ويطورها لحساب نفسه ويعيد تصديرها الى ان اصبحت لهم صناعات خاصة بهم لايمكن للاسواق العالمية ان تستغني عنها ..
هى اليابان وشعبها
الخروج من الهزيمة بإنحناءة
العمل قبل كل شئ والتوجه الى الصناعة
تعاليم كونفشيوس التي ظهرت في الصين وأخذتها اليابان لتحافظ على قيمها الأخلاقية وترابطها الأسري
الانحناءة الرائعة بين الجميع مع ابتسامة مشرقة بين الكل تعرف فيها الالتحام الشديد بين كل طبقات الشعب
أمة هزمت لكنها تستحق أن تكون نموذجا.

علي محمد رحيل