مقالات مختارة : إلى المؤتمر الوطنى العام، تاورغاء تصرخ

الإعادلي غزوان : إلى المؤتمر الوطنى العام، تاورغاء تصرخ
24 اغسطس 2012

ذكرنا في رسالة سالفة الى عدة جهات محلية ودولية صورا إجمالية من الأذى والإضطهاد والتنكيل الذي يتعرض له السجناء من أهالى تاورغاء في السجون وخصوصا فى سجون مصراته، واليوم سيكون الحديث عن صور أشد شناعة من سابقتها ، ودافعنا لذلك هو ما بلغنا علمه من معلومات عن بعض التصرفات التي لا تمت إلى الدين والأخلاق بصلة, والتي تصدر تجاه الموقوفين من أهالى تاورغاء من قبل إدارات التحقيق وأمراء السجون الخفية، فقد علمنا بأنهم يمارسون الضغط على المساجين وتعذيبهم وارغامهم على اشياء لم يفعلوها مثل اتهامهم بالاغتصاب كذبا وتسجيل ذلك لعرضها على المحكمة زورا.. فأردنا أن نجلي الصورة بنقل واقعي للأحداث التي سمعناها من داخل أسوار السجون وهي تؤكد ما ذكره المعتقلين وتزيد، حيث تشكل قضية المعتقلين من ابناء تاورغاء وسوء معاملتهم فى سجون مصراته إحدى القضايا الإنسانية الوطنية إن لم ترتقى الى العالمية والتي لم تأخذ الاهتمام المطلوب من الدولة للأسف الشديد ومؤسساتها الحقوقية والإنسانية.
وحين يتكلم متكلم عن أساليب الإيذاء والتعذيب التي تمارسها إدارات السجون عليه أن يمتلك الشجاعة ليحمٍّل مسؤولية تلك الأعمال من وظف هؤلاء الأشخاص للقيام بها.
أن ما سنورده إنما هو سرد إجمالي لأشهر طرق التعذيب وأساليب المحققين الوحشية التى مورست ومازالت تمارس على أبناء تاورغاء وغيرهم من أبناء الوطن ومع ذلك سنعرض صفحا عن ذكر بعض طرق التحقيق – والله يشهد على وقوعها
إن من أكثر الأساليب استخداما فى تعذيب المعتقلين من أهالى تاورغاء (التسهير) وهو إجبار السجين على الوقوف في مكتب التحقيق تحت مراقبة الكاميرا،مع وضع القيد في يديه و أحيانا كثيرة في رجليه أيضا،ويطول ذلك لأيام وأسابيع حتى يصل إلى شهر وأكثر، و كثرة الوقوف يفقد السيطرة على القدرة العقلية ويدخل في عالم التخيلات فيصبح كالمجنون لا يملك من أمره شيئا فربما قضى حاجته على نفسه وربما فعل أكثر من ذلك، ثم يتعمد السجان إجراءالتحقيق في مثل هذه الظروف، ففي كثير من الحالات يعترف السجين بما لم تجني يداه دون وعي منه فتستغل هذه النقطة ويجبرعلى التصديق على ما نطق به.
ومن أساليب التعذيب التى تمارس على المعتقلين من اهالى تاورغاء (التعليق) وهو أن تعلق يد السجين بالنافذة أو بحديده مركوزة في الجدار حاملة جسمه كاملا عن الأرض، وربما كان التعليق من جهة القدمين ويبقى السجين منكسا لساعات طويلة، مع تكرار تلك العملية لأيام متواصلة، ويندرج تحت هذا الأسلوب ما يسمى ب(الشواية) وقد أخذت هذه التسمية من طريقة شوي الدجاج على الشواية – فيعلق السجين بيديه وقدميه جميعا في حديدة لها طرفان منحنيان ثم تدار تلك الحديدة ويدور معها جسم السجين الذي يكون ثقله جميعا متعلق بأطرافه وفي هذا من الآلآم الفظيعة الشيء الكثير .
ومن طرق التعذيب (الضرب) وهذا أسلوب يتفنن المحققون وأمراء السجون في تطبيقه ،فبعضهم يقتصر بالضرب على القدمين (الفلقه) وبعضهم يضرب على الظهر،وبعضهم لا يتحاشى في ضربه أي موضع من الجسم ،حتى الرأس فأحد السجناء كسرت العصي على رأسه وهو الآن يعاني من رضوض في الجمجمة والآم عظيمة في الرأس لا يستطيع النوم منها.
ومن طرق التعذيب أيضا (الكهرباء) وهو عبارة عن ماس كهربائي على درجة عالية يصعق به السجين ،وهو يترك آثارا سيئة طويلة المدى على الأعصاب .
ومنها أيضا حرق السجين بأعقاب السجائر،أسلوب سادي بهدف إلحاق اكبر قدر من الألم بالسجين لإرغامه على الاعتراف وعملية الحرق هنا تجرى بطريقة مدروسة و تستهدف اكثر مناطق الجلد حساسية مما لا يسمح حتى بذكرها وضرب وجهه بالأجسام الثقيلة مما يتسبب أحيانا بكسور في الأنف و عظام الوجه،والقيام بنتف اللحى وجر السجين من لحيته ورأسه ورشه بالماء المغلى وغير ذلك من الإذاءات الجسدية .
ومن الاساليب التى مورست أيضا التعرية الكاملة و تقييد اليدين من الخلف وهو أحد أحقر الأساليب التي يلجأ لها القائمين على التعذيب في أقبية التحقيق، بهدف كسر و تحطيم روحية ومعنوية السجين، وزعزعة إيمانه بالقيم لتسهيل كسر صلابته الأخلاقية والوطنية.
وكثيرا ما تقارن تلك الضغوط ا لنفسية التي تفوق أحيانا الضغوط الجسدية، كإيداع السجين في زنزانة إنفرادية ومنعه من الزيارة والإتصال بأهله من حين القبض عليه ويستمر ذلك لأشهر متواصلة لا يعلم شيئا عن أهله ولا يعلمون عنه شيئا،والكثير من هذه الحالات حصلت دون حصول ذويهم عن حالة ومكان أبنائهم ، وحين مراجعة أهاليهم في شأنه أجابوا القائمين على التعذيب بأن ينسوا ولدهم ويمحوا اسمه من بطاقة العائلة !!!
ومن الإذاء النفسي الذى طبِّق على المعتقلين من أهالى تاورغاء إسماع السجين الشتم والسب المقذع الذي يطال والديه وأهله،بل يتلقى مكرها الكلمات الفاحشة التي تنبو عنها الأسماع والنفوس السليمة ولربما ليهينوا كرامته ويكسروا نفسه .
وغير ذلك من الأمور التي تتفطر لها القلوب وتشيب لها الرؤوس حتى بلغ الحال إلى تخصيص مقبرة جماعية يطلق عليها اسم (مقبرة جنات)
وإلى هنا نقف ونتسائل :
هل من عاقل يرتق ما فتق من الجراح قبل أن تتعمق وتلتهب فلا تجد من يداويها ؟؟
إنا نفوسنا قد امتلأت غيضا وحنقا على سياسات إجرامية يقوم عليها فئة من المارقين،وهم بهذه التصرفات يدقو المسامير في نعش الدولة.
وعند كتابتنا لهذه السطور بلغنا خبر وفاة المواطن (طارق الرفاعى) فى العشرينات من عمره تحت التعذيب والمواطن (مسعود ميلاد العمارى) الذي تأكد خبر وفاته بعد اختطافه من يومين سابقين وحرق جثته وعند التحقق من حاله ممن يعرفه معرفة وثيقة أكدوا متانة دينه وحسن خلقه وبعده عن مقاربة مثل هذا الأمر.
السادة اعضاء المؤتمرالوطنى العام…بالله عليكم بأي حق يستباح دم هذان المواطنان ، وغيره ممن اعتقلوا وعذبو بغير وجه حق؟؟ وبأي حق تهدر كرامته وتصادر حقوقه ؟؟
إن عدد المعتقلين فى سجون مصراته يقارب 1200 مواطن تاورغى، والذين توفو تحت التعذيب قرابة 65 شخص، والمفقودين قرابة 157 شخص،ولا سيما ان كافة المنظمات الحقوقية تقر بأن هناك انتهاك لحقوق الانسان فى هذه السجون ومن بينها هيومن رايتس ووتش وأغلب المنظمات العالمية ومنظمة اطباء بلا حدود التى قالت في وقت سابق إنها علقت عملياتها في سجون مصراته نظرا للعدد الكبير من حالات التعذيب التي اطلعت عليها.
إن ما يعانيه المعتقلون من أهالى تاورغاء فى سجون مصراته يتناقض مع أبسط المبادئ الإنسانية،إنها تنتهك:
• المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
تنص على أنه “لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب وسوء المعاملة والعقوبة القاسية أو أللإنسانية”
• المادة الثانية من اتفاقية مناهضة التعذيب
تنص على “إلزام كل طرف باتخاذ التشريعات القضائية والإدارية لمنع أعمال التعذيب”
• اتفاقية جنيف
تنص المادة الحادية والعشرين منها عل أنه “يحظر ممارسة أي إكراه بدني أو معنوي إزاء المحميين خصوصاً بهدف الحصول على معلومات منهم أو من غيرهم.”
• اتفاقية جنيف الرابعة المواد 72، 82، 83، 85، 89، 91، 97، 116
تنص: ” على منح جميع المعتقلين حق ممارسة الأنشطة الذهنية والتعليمية والترفيهية والرياضية ومواصلة الدراسة، والغذاء الكافي كماً ونوعاً، وتوفير الرعاية الصحية، وحظر وجود المعتقلات في أماكن خطرة، وضرورة أن تتوفر بها الشروط الصحية، ووضع المعتقلين من أسرة واحدة في مكان واحد، وعدم فرض عقوبات مالية، وضمان استعانة المعتقل
لم تكتفِ سجون مصراته بالتعذيب الهمجي للمعتقلين والازدراء الكامل للقانون الدولي الإنساني، ولاتفاقيات جنيف، بل لجأت إلى انتزاع المكتسبات الإنسانية والاجتماعية التي حصل عليها المعتقلون . فزيارات الأهل وساعات الرياضة والانتساب إلى الجامعات، واستخدام الهاتف ومجمل الأنشطة الاجتماعية والترفيهية والذهنية، بما فيها التنقل بين الغرف، ومصادرة أموال الأسرى وأغراضهم وكل ما له علاقة بالحياة اليومية للأسير داخل المعتقل، قد تم سحبه وإلغاؤه،
والسؤال هنا لماذا يموت قصداً في التحقيق أو للإهمال الطبي العديد من المواطنين ، إذا ما كانت مهمة مصلحة السجون الحفاظ على أمنهم الشخصي.
السادة اعضاء المؤتمرالوطنى العام..هل جرب أحدكم أن يدق هاتفه المحمول نبأ وفاة ابنه لا قدر الله؟.. هل جربتم أن ذهبتم بنفسكم إلى أحد مقابر مصراته لتلمسو بيديكم جثة أحد الموتى وقد اخترق الرصاص الحى رأسه أو عينيه دون وجه حق؟.. هل جرب أحدكم أن يجرى ملهوفًا بسيارته ليلاً ليلملم جروح عزيز عليه أصيب فى أحداث جنزور التى قتل فيها سبعة مواطنين من أهالى تاورغاء فى 6-2-2012ف ومن بينها الطفلة (حنين) التى لم تتجاوز الأحدى عشر ربيعا.
لا أنكر أنكم انزعجتم لما يحدث كغيركم من الليبيين، ولكن هل يكفى الانزعاج لرجال فى مقامكم المهنى وعملكم
والسؤال هو أين نتائج تحقيقات:
أحداث جنزور 6-2-2012
ونتائج تحقيقات التعذيب والتسويف والاضطهاد الذى يمرون به أهالى تاورغاء هذا إن فتحت التحقيقات فى ذلك أصلا.
وأخيرا نرفع اليكم هذه الرسالة التى نأمل فيها بمعالجة الأمر بالطريقة المناسبة بعد معرفة الحقائق وإننا نشكر سيادتكم على هذا الحرص فإننا نتمنى أن يضع حداً لهذه التجاوزات التي فضلاً عن كونها تعدي على حرمات الله فإنها تسيء إلى سمعة ليبيا الحبيبة وللإنسانية ككل كونها تعتبر جرائم ضد الإنسانية كما أنها تعطي ذريعة قوية لكل من يريد الإساءة إلى سمعة ليبيا في الداخل والخارج والله من وراء القصد.
الإعادلي غزوان