احفظ اللـــــــــــــه يحفظك .. يا بــــــــــلال

ابني الحبيب بلال ...
اليوميغمرني سرور كبير ، وتملأ فؤادي غبطة وسعادة ، وأنا أراك يا فِلذة كبدي ،وأعيش يا مهجة روحي ، لحظة عزيزة في نفسي ، و قد ختمت حفظ الحزب الأخير منالقرآن العظيم ، وعمرك يصافح ' 6 ' أعوام ...
فما أبهاها من فرحة ...
وما أحلاها من مناسبة ...

******
جميع الأهل والخِلاّن تُحيّي أكمل الفرســانِ
تحيّى فلذة الكبــدِ من الأعماق ِ والوجدانِ
حماك الله يا ولـدي من الزلاّتِ والعصيـانِ
حباك الله منزلــة فكنت منارة الفتيــانِ
وللقرآن أحفظهـم بلا خطإٍ ولا نسيــانِ
لَأنت بحبك القرآن لقلبي الروح والريحان
هنيئاً حملك القرآن بصدرٍ للهدى ريـّـان
******
فحُقٌ لك أن تفرح ..
وجدير بنا أن نبتهج ..
{{ قل بفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون }}

ابني الحبيب بلال ..
اسمح لي أن أتحدث معك بحديث في رحاب القرآن ..
أتَعلمُ أولاً يا مهجة روحي لماذا اخترت لك اسمك الذي تسميت به ؟
سأجيبك يا ولدي ..
لقد أسميتك ' بلالاً ' لسببين اثنين ؟
أولهما حبي لذاك الصحابي الجليل ، مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم !
لتتذكردائماً بأنك حملت اسم صحابي ، ارتبط اسمه برفع كلمة الحق ، التي لاقى فيسبيلها الذلّ والهوان ، ولكن بصبره على ما فيها من الحق ، تبوأ المكانةالسامية ، ونال الدرجة الرفيعة في الدنيا والآخرة !
والسبب الثاني هو حبي لمسجد ' بلال بن رباح ' في مدينتي البيضاء ..
ولعلك تسألني : ما سبب حبك له على وجه الخصوص ؟
وأنابدوري أقول لك يا قرة عيني : بأن مسجد بلال بن رباح هو الذي عشت فيه أروحلحظات العمر ، ففيه تعلمت وعلّمت . وفيه قرأتُ القرآن ، ورفعتُ الآذانمراراً للصلاة !
في مسجد بلال نشأتُ وترعرعتُ ..
وفيه حفظت كثيراً من سور القرآن الكريم ..
هذا المسجد قطعة من فؤادي ..
يجري حبه في دم عروقي ..
ولعلكيا بني الغالي تحترم مستقبلاً رغبة والدك الذي سمّاك باسمه ، لكي تجددالارتباط بربك وخالقك كلما تذكرت ذلك ، وعندما تحاول الدنيا بزخارفهاالنكوص بك إلى الوراء .

ولقد نصحتُ ولي تجاربُ جمةٌ ولقيتُ كلَّ معلمٍ مأمونِ
فإذا النعيم وكل مالٍ زائــلٍ يفنى ويبقى سعينا للدينِ
يا بلالي العزيز ...
أنت اليوم صغير في عمرك ..
ولكنككبير القدر والمقام ، بالذي قد حمله صدرك الزاكي من آي الذكر الحكيم ، فلاتعتقد بأن أحداً قد أُعطي خيراً مما أعطاكهُ الله سبحانه ، فلقد جاء فيالأثر يا صغيري : ' من حفظ القرآن وظن أن أحداً قد أُعطي خيراً مما أُعطيهفقد ازدرى نعمة الله عليه ' !! .
ج
هل تعلم يا بلال الحبيب ..
بأنما حفظته من سور وآياتٍ ، لو أنزله الله العظيم على الجبال لتفطّرت ،وذهبت هباءً منثوراً ، واقرأ يا ولدي قوله تعالى : {{ إنا سنلقي عليكقولاً ثقيلاً }}
لتعلم المقدار العظيم ، والحمل الكبير ، الذي قد أُودِع في قلبِك الطاهر البرئ ..
وكيفلا .. وعندما نزلت أولى آيات القرآن على قلب حبيبنا محمد صلى الله عليهوسلم ، رجع إلى بيته ، وارتمى في فراشه ، يعلوه الوجلُ ، وتغشاهُ قشعريرة، والعرقُ يتصببُ منهُ ، ومفاصلهُ ترتعد من هيبة ما أنزله الله عليه .
******

منع القرآنُ بوعدهِ ووعيــدهِ مُقَلَ العيونِ فليلها لا تّهجـعُ
فهموا عن الملك الجليل كلامه فهماً تذل له الرقابُ وتخشعُ

******
فإذاكانت هذه هي الحال ، فإياك يا بلال ثم إياك ، أن تجعل من القرآن وحفظهجسراً ، وحبلاً لتصل به إلى مصالح شخصية ، أو مآرب دنيوية ، أو مكانة لدىفقراء العباد ، أو أداة للتملق والنفاق ، أو غرضاً للابتزاز والتكسبوالثراء ، فقد حذرنا من كل ذلك صلى الله عليه وسلم بقوله : ' اقرؤا القرآنولا تأكلوا به ولا تستكثروا به ' .
يا بلال الغالي ..
إذاكنت مستوحشاً بلا أنيس ، أو خائفاً بلا جليس ، أو داهمك همّ عجزت عنإزالته ، أو نابتك مصيبة أحزنت فؤادك ، فما عليك إلا أن تقرأ كتاب الله ،لأنك بتلاوته تناجي ربك ، ووحده الذي يملك طمأنينة القلوب ، وانشراحالصدور ..
يا بلالي الحبيب ..
القرآن حجة لك أو عليك ..
فلا يكن حظك من القرآن الحفظ فقط ؟
بل لا بد وأن تتخلّق بأخلاقه ، وتتأدب بآدابه ، وتلتزم حدوده ، ويكن قائدك
لا مقودك ، وحاكمك لا محكومك ..
اجعله منهج حياتك ولن تضل أبداً ..
ففيه وصف الدواء ، لمن ألم به الداء العُضال .

يا ولدي ..
شرّق بالقرآن وغرّب ..
قم بالقرآن واقعدِ ..
تحرك بالقرآن واسكن ..
أقبل بالقرآن وأدبر ..
أحبب بالقرآن وأبغض ..
خذ بالقرآن واترك ..
حاكم بالقرآن وخاصم ..

يا بني العزيز ..
حلل ما حلل القرآن تُفلِح ..
وحرّم ما حرمه تسْعدْ ..

يا بلال ..
اجعلالقرآن الكريم لحياتك دستوراً ، ولسلوكك ولمعاملاتك منهاجاً ، وعلى هواكورغباتك سلطاناً ، كن معه في طول حياتك وعرضها ، في رضاك وسخطك ، في فقركوغناك ، في حلك وسفرك .

يا ولدي الحبيب ..
لا أريد بحديثي هذا الإكثار عليك ..
ولا أريد من ورائه تبديل فرحك بما حفظته بهمٍّ يكدّرك ..
ولكنها الحقيقة يا طفلي العزيز ..
فالقرآن هو من وهبنا العزة والكرامة ..
ومن كان سبباً في إزاحة الكربات والمنغصات في حياتنا ..
فأوصيك يا بلالي الغالي ..
أن تستمر على ذات الطريق ..
وهذه وصيتي إليك في حياتي وبعد مماتي ..
وتذكر يا ولدي الحبيب ..
بأن من خدم القرآن خدمه كل شيء ..
ومن ابتعد عن القرآن ابتعد عنه كل شيء ..

جزى الله خيراً من علمك وحفظك ..
وجزىالله خيراً زوجتي الكريمة ، وأمك الفاضلة ، التي أعطتك من الوقت والنصح ،ما لم أعطك معشاره ، فأشرفت على تيسير أمورك ، وتشجيعك ، وكانت في حثها بكغامرة ..
وآمل في الختام أن يمد الله في عمرك ، وفي عمري ، و أراك قد أتممت حفظ الكتاب ، وما ذلك على الله بعزيز ..
وكنعلى حذر يا بلال من شقيقتك الحبوبة عائشة ، التي ابتهجت معنا بهذاالمناسبة السارة ، فهي تقترب منك رويداً رويداً ، وليت شعري يا بلال منالذي سيسبق الآخر في ذلك .




ابني الحبيب بلال ..
ابنتي الغالية عائشة ..
إن مكنني ربي من رؤية أمنيتي حياً فلا شك بأنها ستكون أروع لحظات العمر على الإطلاق ..
وإن كان الأجل هو الأسبق إلي .. فلا تحرماني من إهداء ثواب تلاوتكما بين الحين والآخر ..
فإذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث ، ومن بينها ' ولد صالح يدعو له ' .
******

حفظكما ربي ورعاكما ..
وسدد خطاكما ..
وبلغكما آمالكما بفضل القرآن ..
والتحايا راسياتٌ كالجبال أزفها فرحاً إلى ولدي بلال
جعلك الله ذخراً لي في جنته ..وأدخل عظيم جرمي .. في عظيم عفوه ..

ربي يحفظ بلال ويحفظ عائشه ....ويحفظك أنت ...إنه على كل شيء حفيظ

بارك الله فيك

جزاك الله خيرا علي المعلومات القيمة

بارك الله فيك

موضوع قيم جعله الله فى ميزان حسناتك