حكومة (حرب الجنرالين)

لا أحد يريد بقاء البلاد من دون حكومة.

ولا أحد يسعى الى (حكومة كيف ما كان).

رئيس الجمهورية مصمّم على حكومة تنعش لبنان.

ورئيس المجلس يحبّذ (حكومة انقاذية).

والرئيس المكلّف، يمضي الوقت الضائع بالحوار.

وهذا يعني يحاور ويناور.

فهو بالتأكيد لا يريد استعادة حكومة الوحدة المستقيلة.

ويرغب بحكومة سياسية مطعّمة بعناصر متخصصة.

ويغلب عليها طابع التقنوقراط.

انه يدرك أن دونه صعوبات وعقبات.

إلاّ ان السياسيين بشروطهم من هنا وهناك يساعدونه، عى بلوغ غايته.

ويمهّدون (بعد كَمّ يوم) لولادة حكومته الآتية.

وعلى تقليص عدد السياسيين فيها.

وعلى تكثيف نسبة الاختصاصيين بين أعضائها.

كان الجنرال ديغول يريد صيغة جديدة للجمهورية الخامسة.

تعب الجنرال في بداية عهده بالصراع الذي أبعده عن فرنسا.

وجعله يلجأ الى بريطانيا، أيام حكومة (فيشي).

ويقاوم من لندن حكم الجنرال بيتان في باريس.

وفي كتاب (ديغول وبيتان)، يجري مؤلفه فريدريك سالابارو، مقارنة بين جنديين، خدما فرنسا. كل على طريقته.

وفي النهاية سقط فيليب بيتان، ومجّد التاريخ شارل ديغول.

ويتساءل الكاتب: لمن يدين الفرنسيون بالوفاء.

وتأتي الاجابة ان فيشي وبيتان، هما النقطة السوداء في تاريخ فرنسا.

يومئذ أدرك الفرنسيون، ان شعلة المقاومة لن تنطفىء.

ووقفوا صفاً واحداً وراء الجنرال ديغول.

وابتكر جنرال فرنسا نظام الجمهورية الخامسة.

وأصبح لزاماً على من يريد ان يترشح للنيابة، أو للحكومة، أن يعمل مختارا ليصعد الى السلطة السياسية.

ذهب الجنرال الى التاريخ، وبقي الفرنسيون ممن ينتمون الى اليمين أو الى اليسار يحافظون على هذا النظام.



***

14 آذار لا تريد المشاركة في حكومة نجيب ميقاتي.

لأسباب عديدة أهمها انه (هبط) عليها بمظلة سورية.

وجاء بانقلاب سياسي، جعل الأكثرية السابقة، أقلية لا أكثرية.

وجاء دورها لتحكم البلاد، بدلاً منها.

لكنها، لا (تمانع) في مشاركتها الحكم.

ولذلك، فان السياسيين من هنا ومن هناك يصعّدون شروطهم.

لا الرئيس ميشال سليمان يجاري الفريقين في كل ما يذهبان اليه.

يكفيه ما حصده من وزرآء كانوا محسوبين عليه.

ولا الرئيس ميقاتي الذي جاء من دون شروط مسبقة، كما يقول، يوافق على ان تملى عليه شروط، وهو الذي لم يدفع ثمن (صكّ التكليف).

وليس وارداً عنده ان يدفع ثمن صكّ التأليف.

من هنا يريد حكومة يكافىء فيها من صنعوا الانقلاب على الأكثرية، والباقي عنده تفاصيل.

لا يريد العودة الى الصرع التاريخي، بين الجنرالين ديغول وبيتان.

ولا يريد حكومة تتألف، وتغرق من ثم في الشلل والجمود.

واللبنانيون، وإن كانت أقلية منهم واعية للمصير الذي آلت اليه جمهوريتهم، يفضلون حكومة تعمل وتنتج.

سواء أكانت بسياسيين أو بعناصر تقنية مسيَّسة من العالم الآخر.

لماذا ?

لأن البلاد (تورطت) في حكومة الوحدة... ولا يريدون تكرارها.

لأنها كانت وحدة للخلافات.

لا وحدة للقوى الفاعلة في تخليص البلاد من الأزمات والمشاكل والمصايب!