الحاج عبد الله القويري مؤسس معهد القويري الديني بمصراتة

من طرف **زهرة اللوتس** 2011-12-15, 8:14 pm

الحاج عبد الله القويري مؤسس معهد القويري الديني بمصراتة

هو الحاج عبد الله أحمد القويري، من قبيلة أولاد بعيو، و ينتهي نسبه إلى عبد السلام الأسمر الفيتوري من سلالة الحسين بن علي -رضي الله عنهما-.
ولد الحاج عبد الله القويري بمصراتة عام 1877م. بقرية أولاد بعيو الواقعة جنوب قوز* التيك بمنطقة "القواري" وعائلته تعرف من بين عائلات آل القويري الأخريات بعائلة "الحاج"، و"الحاج" الذي تعرف به العائلة هو : "مَحَمِد" -بفتح الميم- [ما يكتب حالياً:امحمد] ابن محمد القويري، وهو جد الحاج عبد الله الذي نؤرخ له.
وعائلة "الحاج" اشتهرت -مثل عائلات كثيرة في مصراتة- بنشاطها التجاري، وعند منتصف القرن التاسع عشرلم يقتصر تعاملها التجاري على منطقة مصراتة أو داخل حدود القطر الليبي وإنما تجاوز ذلك إلى ما وراء البحر الأبيض المتوسط، ولا سيما تركيا، وإلى ما وراء الصحراء الكبرى مع بعض البلدان الأفريقية، بالإضافة إلى تونس ومصر، وفي الإسكندرية بالذات كانت لهم صلة تجارية متميزة بدأت من تلك الفترة، ثم أخذت تنمو، وتتوثق عقداً بعد عقد.
وقد كانت تجارتهم تدار من مقر العائلة بمصراتة، يتعاملون بالثقة مع غيرهم من التجار حسب أحوال التجارة في تلك الفترة، وقد يسافر بعض أفراد العائلة إلى الإسكندرية، وقد يقيم بعضهم -عزباً- لفترة ثم يعود إلى مصراتة من وقت لآخر، وكثيراً ما كان يلتئم جمع الشمل في "حوش*" العائلة بمناسبة كمناسبة عيد من الأعياد الدينية، أو مناسبة فرح من أفراح العائلة، وهذا هو شأن أغلب أهالي مصراتة، فهم كالنحل مهما تباعد فمرجعه الخلية.
وما كاد ينتهي القرن التاسع عشر ويدخل القرن العشرين حتى كان أولاد الحاج امحمد القويري قد ركزوا تجارتهم وألفوا مكانهم وراموا الاستقرار بمدينة "الإسكندرية"، لذلك عندما غزت إيطاليا ليبيا سنة 1911م. وبدأت مرحلة الحروب الإيطالية ودخل الجيش الإيطالي مصراتة، ثم خرج الناس بعائلاتهم مهاجرين، كان من الطبيعي أن تتجه عائلات القويري إلى الإسكندرية، ومن بينهم عائلة امحمد الحاج حيث يعمل أبناؤها هناك، وكان وقتئذٍ الحاج عبد الله من المستقبلين للعائلات المهاجرة في الإسكندرية، ومن هنا هاجرت عائلة "امحمد الحاج" واستقرت بالإسكندرية، كما هاجر أبناء عمومتهم عائلة "عمر القويري" واستوطنت الصعيد.
وبعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، وخرج الطليان مهزومين، جاء الحاج عبد الله القويري بسيارة إلى مصراتة، ما زال يذكرها اهالي القرية بلونها وشكلها، باعتبارها أول سيارة تدخل قرية أولاد بعيو، بل صاحبها هو أول من تجول في القرية وعلى رأسه طربوش طويل بزر قصير، وشاهده اطفال القرية وهو يدلف إلى حجر القوز وقت الظهيرة ليدفن نفسه في الرمال الساخنة طلباً للإستشفاء من "الروماتيزم".
عرف أهل القرية فيما بعد أن الحاج عبد الله القويري هو عميد الأسرة في الإسكندرية، وأنه قد حرم من الإنجاب..
بزيارة الحاج عبد الله لمسقط رأسه بعد غيبة طويلة، هزته ذكريات الطفولة والصبا، وساءه أحوال الناس في بلاده، ومستوى معيشتهم وتفشي الأمية فيهم، ففكر أن يقدم لبني وطنه شيئاً لله، لهم فيه نفع وله فيه ثواب، فجاءته فكرة إنشاء مسجد جامع ومدرسة قرآنية، ثم زيَّن الله له فعل الخير، ومهد له طريقه وشجعه على ذلك شركاؤه وأبناء عمومته، لا سيما محمد أبو "الطاهر"، والحاج أحمد أبو "كمال" جازاهم الله خيرا، فكان ميلاد أول معهد ديني حديث منظم متكامل من معاهد الأزهر الشريف في ليبيا، وقد امد الله في عمر
الحاج عبد الله حتى رأى بذور زرعه، ونتاج مشروعه: طلبة في كليات الشريعة واللغة العربية ودار العلوم والإدارة والمعاملات وأصول الدين بالقاهرة، وإن ريع الوقف الذي حبَّسه على المعهد كان كافياً لتسييره، وضامناً لاستمراره إلى ما شاء الله.
وإذا أدركنا أن التعليم في مصراتة إبان تأسيس المعهد كان محصوراً في المدرسة المركزية الإبتدائية، وأن أول فصل يفتح لتعليم ما بعد الصف السادس -وكان يسمى أول ثانوي- سنة 1953م. وقس على ذلك بقية مدن ليبيا باستثناء طرابلس وبنغازي، وإذا أدركنا ذلك عرفنا مدى قيمة إنشاء معهد نظامي يتبع الأزهر الشريف -رحم الله مؤسسه وجازى آل القويري خيراً.
ثم كانت وفاته -رحمه الله- يوم 16 من شهر رجب 1384هـ الموافق 21 نوفمبر 1964م. ودفن في خلوة من خلاوي المعهد كانت قد اتخذت مكتباً لأمانة المعهد في سنواته الأولى، وعندما فتحت وصيته وقرأها ذووه في اليوم التالي لدفنه، وجدوه يوصي بدفنه في مقبرة سيدي بعيو بجوار والده..
رحم الله الحاج عبدالله القويري الذي ستطل علينا الذكرى السابعة والأربعين لوفاته يوم الإثنين 21 نوفمبر القادم.
===================
* القوز: الكثيب الرملي..
* حوش : بيت .
مَحَمِدْ: وكانت تكتب بالتركية Mehemet واستقر الحال على كتابتها [امحمد].
.............
منقول بتصرف من كتاب (معهد القويري الديني - إطلالة الخمسينيات في مصراتة) للأستاذين أحمد جهان الفورتية و أحمد محمد بن نصر