لا أكتم الشوق » عنوان الديوان الأول للدكتور شعبان العبيدي

لا أكتم الشوق » عنوان الديوان الأول للدكتور شعبان العبيدي

02:06:49 21/9/2010

المنارة – خاص – أحمد خليفة



صدر في الفترة الماضية عن دار الفضيل للنشر والتوزيع في مدينة بنغازي الديوان الأول لأستاذ اللغة العربية بالجامعات الليبية الدكتور'شعبان عوض العبيدي' بعنوان'لا أكتم الشوق'الذي ضم بين دفتي غلافه إحدى وثلاثين قصيدة جاءت في ست وسبعين صفحة من القطع المتوسط، و قدم لها الرئيس السابق لقسم اللغة العربية بجامعة قاريونس الأستاذ مراجع الطلحي.



تدور موضوعات قصائد هذا الديوان كما يقول الأستاذ الطلحي حول قضايا معينة منها التأثر البالغ بشؤون الوطن العربي وشُجونِه ، وأحداثه الملتهبة التي توقِظ كل ضمير حي، من مأساة فلسطين، إلى ما يتعرض له لبنان من اعتداءات، إلى نكبة النكبات وأم النكسات: احتلال العراق، وتشريد أهله، وتجويعهم وتقتيلهم وترويعهم ليل نهار، وما جرى في ( غزة العزّة ) من هجمة صهيونية حاقدة بربرية'.



شاهد عيان



وفي مقدمته التي عنونها ب'أملٌ تراه'أشار الطلحي إلى أنه كان'شاهداً على ميلاد قصائدَ عديدةٍ احتواها هذا الديوانُ المختار مما نظمه الشاعر: شعبانُ عوضٌ ؛ إذ كنّا رفاقاً منذ السنة الأولى الإعدادية إلى اليوم ، وضمّنا رحاب معهد الإمام مالك بن أنس الديني في مدينة البيضاء'.



وأوضح أن'تحدي الصعابِ ومُعاركتُها، ومغالبةُ آلامِها، والطموح الذي لا حدودَ له، هي ما صَنَع شاعرنا، وهذه الأبيات هي من أصدق الدلائل على نفسيته وفهم أبعادها، وإدراك أغوارها العميقة، ولا تنظر إليها على أنها من مبالغات شعرنا العربي المترسبة إلينا من قديمِه وحديثِه، فلا مبالغةَ فيها، بل هي وصف صادق لحقيقة هذا الشاعر المكافح لكل عوامل الإحباط والقعود'.



غلاف الديوان



لغة متميزة وعبارة بسيطة



وقال ' لشاعرنا لغتُه المتميزة التي لا تخطئها عينٌ ، ولا يزيغ عنها لُبُّ ذي اللُّبّ ، امتيازها في عبارتها البسيطة ، السهلة ، الجارية على الألسنة ، فلا تحتاج في فهم مفردات معجمه الشعريّ إلى تأبُّط معجم لغوي لتفتش فيه عن معاني مفردات الشاعر'.



وأردف أن الشاعر'تحاشى ببراعةٍ الكلمات المعجميّة المندثرة على ألسنة المتكلمين باللغة، وفصاحة الكلمة مما تطلبه بلاغة العرب، ببعدها عن الحوشي، والكزّ من ألفاظ اللغة، غير أن تركيب جمله وكلامه من النمط الصعب، فقد تُغريك سهولة ألفاظه ووضوح تراكيبه بمحاكاتها، واصطناع أمثالها، ولكن دون ذلك خرطُ القَتاد'.



وذهب الطلحي في تقديمه لهذه المجموعة الشعرية إلى أن لها'ميزة'وهي استخدام الشاعر'رموزاً عربية ، نابعةً من بيئتنا ، ومن تاريخنا الضارب بأوتاده في أعماق الأرض، ولم يلجأ ــ شأن الكثيرين ــ إلى استقراض رموز لا صلة لها بنا من قريب ولا من بعيد ، مما يضطرّك إلى قراءة موسعة في عالم أساطير الأمم والأجناس المختلفة ، ثم تشعر - عقب قراءاتك هذه الأشعارَ - بغثاثة هذه الأساطير وسماجتها، وأنها حُشِرت حشراً لا مسوّغَ له ولا مبرر'.



اعتزازٌ بالأوائل



ونوّه إلى أن الشاعر نظم'شعرَه موزوناً مقفىًّ، وهذا من لوازم اعتداده بتراث أمته، وحفاظاً على مسلك الأجداد في قرض أشعارهم، واعتزازاً بجهد الخليل بن أحمد في الكشف عن قواعد إيقاع الشعر العربي، وهو إيقاعٌ يخلب العقلَ، ويأخذ بمجامع اللُّبّ، له أنساق مقطعية مرهفةُ الوقع تحسّها الأذن، وتطرب لها، وهي أنساقٌ منظمة في معاييرَ وزنية ترقص'.



ونفى الطلحي في هذه المُقدّمة أن تكون قصائد هذا الديوان احتوت'مدحاً كذوباً' أو'هِجاءً مذموماً'، فقد تحاشى النظم فيهما، وما علمتُه حاول يوماً أن يمدح أحداً بالغاً ما بلغ، وما علمتُه هجا أحداً، مهما بلغت الخصومةُ بينهما منتهاها، بل إن طبيعة خلقه تنفر من المدح والهجاء نفوراً شديداً، لإدراكه أن المادحَ طالبٌ، وأن الهاجي موتورٌ، وكفاهما ذلك خِسّةً ودناءةً.على حد قوله



عناوين مختارة



ومن ضمن قصائد هذا الديوان الإحدى والثلاثين قصيدة عنوانها'صرخة يعربية' وهي التي اشتُهِر بها العبيدي في بداية الثمانينيات من القرن الماضي حيث صُبِغت أبيات هذه القصيدة بصبغة القومية العربية المطلقة،وبثها التلفيزيون الليبي وإذاعتُه عدة مرات، وقصيدة أخرى عنونها ب'بيروت غرناطة أخرى'قال عنها'إنها قيلت عند اجتياح الصهاينة لبيروت في العام 1982 م'.



كما أن من قصائد هذا الديوان الذي جمعه مرئيا وأخرجه'عبد الباسط الشحومي'قصيدة'وقدس الله قد بِيعت' التي تحدث فيها الشاعر عن أزمة الأمة وشغلها الشاغل القضية الفلسطينية، إضافة إلى قصيدة'وجدنا اليوم درب الأولين'وهي قصيدة قال إنه'ألقاها في حفل تعارف أقامه طلبة قسم اللغة العربية في العام الجامعي 1979 – 1980 م وكان الشاعر يومها طالبا بالقسم.



وضم هذا الديوان أيضا قصائد أخرى اختار لها الشاعر عناوين مثل'قميص يوسف' و'مجد أضعناه بليل'و'أحلام قيس' إلى جانب قصائد أخرى وهي'شارع البزار' و'أغنية إلى تونس' و'خطاب إلى دمشقية' و'أملٌ أراه'وغيرها من القصائد الأخرى.



من جهته قال الدكتور شعبان العبيدي في تصريح خاص'قلت في مقدمتي للديوان نقلا عن ذلك الأعرابي'الشعر شئ يختلج في صدري فينطلق به لساني'وأنا لا أعني هذه العبارة على إطلاقها، وكل ما أريد قوله هو أني لا أستعمل المعجمات ولا الألفاظ الصعبة الغريبة، وأحاول أن يكون ما أنظمه أقرب إلى التلقائية'.





الدكتور شعبان العبيدي





الشعر الشعبي أولا



وكشف أنه عرف'الشعر الشعبي' قبل معرفته'الشعر الفصيح'.معللا لذلك بقوله'لأني نشأت في بيئة بدوية، ومن أبرز الشعراء الذين كانوا يترددون علينا في بيتنا الشاعر الكبير سالم البنكة وهو لي بمنزلة الجد، والشاعر الكبير هاشم عبد الكريم بوالخطابية الذي كانت تربطنا به صلة'.



وذكر أن تأخّر صدور هذا الديوان كان بسبب عدم عرضه إياه'في السابق على أي جهة رسمية لنشره، مع شهرة بعض قصائدي القومية التي كانت تبث في التلفيزيون الليبي في أوقات سابقة، وفي الأشهر الأخيرة رحب الأستاذ حسن الجروشي صاحب مكتبة الفضيل بنشره باتفاق بيني وبينه، وبهذه المناسبة أوجه له خالص شكري'.



لا مدح و لا ذم



وقال العبيدي'بعض أبيات هذه القصائد تعتمد على ما يسمى في علم العروض بالإشباع، وهذا يعود إلى الإلقاء، وقد لا تتضح في الكتابة فتركتها كما نظمتها، وكان بإمكاني أن أغيرها بألفاظ غير مشبعة، ولكن لأمانة التاريخ تركتها كما هي بل تركت الديوان كما هو شاهدا لي أو علي'.منبها إلى ما قاله إنه'مهم'وهو بحسب قوله'إن هذا الشعر لا يذم أحدا ولا يمدح أحدا، يشهد لي بهذا أصدقائي المقربون'.



يشار إلى أن الدكتور شعبان العبيدي يشغل وظيفة عضو هيأة تدريس بقسم اللغة العربية بجامعة قاريونس بدرجة أستاذ، وقد ترأس في السابق قسمي اللغة العربية والدراسات الإسلامية بكلية الآداب ، وعرفه الوسط الثقافي الليبي شاعرا منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي.