إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
قراءةٌ فِي خواطرٌ أَدبيَّة للشاعرة بَدريّة الأشهَب
2 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
قراءةٌ فِي خواطرٌ أَدبيَّة للشاعرة بَدريّة الأشهَب
جاء في لسان العرب لابن منظور
_ يقال للشيء إذا كَثُر ماؤهُ من النعمة والغضَاضَة حتى يكادُ يهتزّ..(رفيف) ـ
( رفيف الغيم ) أترونَ كيف تبدو الصورة شعريّة لا تجنحُ نحوَ الرّتابةِ أو السّكون، إنها الشفافية تأتي على جناحِ طائرٍ سرّي خَفي لا تَرَاهُ عَينٌ ولا تُسمَعُ خَفَقاتُ جَنَاحيهِ .
فقط نستشعره حين نقلب الصفحة الأولى من (رفيف الغيم).
(الظّمأُ..هُو البِدَايةُ الفِعليّةُ لِرِحلَةِ البَحثِ)
أحببتُ أن يكونَ هذا النصّ أولُ الواصلينَ هُنَا ربما لأنَّهُ يحوي عبارةَ البِداية ، لكن بالفعل إنّها رحلةُ البحثِ التِي تَبدأُ مِن ضَمَئِنَا لأيِّ شَيءٍ نُحبه فَهَذا الظّمأ يَفضحُ فِينا حَالَة المعَانَاةِ والقَلقِ ويُبدّد السَّرابْ.. هُنا وَمَضةٌ وُجوديّة.. لمحةٌ من لمحاتِ الدّهشةِ مُبشِّرةٌ بلونٍ جديد ٍوأسلوبٍ جديدٍ يَختَرِقُ السّكُونَ ويفتَعِلُ الضّجِيج .
(يَشربُ العُصفورُ مِنَ الغَدِيرِ
يَشْرَبُ الغَدِيرُ مِنَ النَّهرِ
يَشْرَبُ النّهرُ مِنْ ضَرعِ السّماء..
إذاً مِنْ أَينَ يأتِي العَطَش.. ؟)
هَاهِي الكَاتِبَةُ تَقتنصُ الرّوعَةَ مِن مَتَاهةِ الحُرُوف وَتجتَرِحُ صِيَاغَةَ هويَّةٍ جَديدةٍ وكَيَانٍ جديدٍ للتَفَاسِيرِ التقليْديّةِ للأَشيَاءِ، وتُتْقِنُ القُدرَةَ العَالِيةَ عَلىَ اكتِشَافِ الحِرَاكِ العَقليّ والمَيْل إِلَى التَفكيرِ بِمَنطِقِ الجمَال.
(أَرخَتِ الشَّمسُ جَدَائِلَهَا أُرجُوحَةً للكَونْ
سَحَبَتِ الشَّمسُ جَدَائِلَهَا
وَقَعَ المتَأَرجِحُونَ أَرْضَاً)
أَيّتُهَا الشّمسُ الكَادِحَةُ لاَ تَفتَأيِن تَحرُثيِنَ الأَرضَ مَعَ الفَلاّحِين بِمِعْوَلِ الضِّياءِ ..جَدَائلٌ بَاهِظَةُ التّكوينِ تَتَلاَقَحُ فِيهَا سِمَاتُ التَنويرِ الإبْدَاعِي فِي أَروِقَةِ الذّوقِ الرّفِيعِ لتَطِيرَ كَلوْحَةٍ بَارِعَةِ التّلوِينِ .
بأسلوبٍ مَا وَبِشَكلٍ مَا تُصَوِّرُ لَنَا بَدريّة الشّمسَ فِينُوسَ السّمَاءِ وهِيَ تَبعثُ الدِّفءَ وَتَعدُ بِالحُبِ، فَأيّ أَلَقٍ هَذَا الذّي نَرَاهُ يُحَفِّزُ فِي دَوَاخِلِنَا القُدرَةَ عَلىَ تَذوُّقِ الجَمَال .
يضجُّ السّكونُ.. يَخرُجُ عَنْ كَونِهِ سُكُونَاً فَنُحِسُّ بِالجَمَالِ وَيغدُو الإِحسَاسُ إِدرَاكَاً يَتَذَوّقُهُ المرءُ .
( يُحَاولُ جَدِّي قَضْمَ الرَّغِيف
لا يَقْوَى عَلَىَ ذَلِك
يُحَاوِلُ جَدِّي كَسْرَهُ بِيَدِهِ
لا يَقْوَى عَلَىَ ذَلِك
وَضَعَ جَدِّي الرَّغِيفَ عَلَىَ رُكبَتِهِ مُحَاوِلاً شَدَّهُ بِيَدِهِ
لا يَقْوَى عَلَىَ ذَلِك
وَضَعَ جَدِّي الرَّغِيفَ عَلىَ الطَّاوِلَةِ
نَظَرَ الرَّغِيفُ إِلَىَ جَدِّي وَبَكَى)
مِنْ أيَام هُومِيرُوس وإِليَاذَتِهِ الشّهِيَرة وأُودِيسَتِهِ العَظِيمَة ثَمَةَ مُسَلّمَةٌ تَقُول إِنّ السّردِيةَ تَتَحكّمُ فِي كُلّ خِطَابٍ مَهمَا كَانَ نَوعُه.. رَشَقَاتٌ مِن الفَخَامَةِ الشّعرِيَة المعهُودَة لَدَىَ بَدرِية تَصُبّ فِيهَا فَيضَاً مِنْ مَخْزُونِهَا الثّقَافِيّ وَالتّرَاثِيّ فِي لَوحَةٍ حِوَارِيّةِ قِمّةٍ فِي التَأثِير تَتَنَاغَمُ لِتُجَسّدَ الحَالَةَ الإنسَانِيَة كَيفَ تَؤُولُ إِلَىَ زَوَال تَستَحضِرُ المشْهَدَ أمَامَك، مُوجِعَاً، بِحَذَافِيِرهِ، يَخرُقُ المنظُورَ بِتَفَاعُلٍ أَقوَىَ طُعُونَاً فِي النّفسِ، تَلتَقِطُكَ بِحِرَفيّة قَلَمِهَا، لِتُوجِعُكَ حِينَ يَكُونُ الوَجَعُ مُتَجَاوِبَاً لِيُفَكِّكَ التّوتُّرَ النّفسِيّ وَيُحَرِّرَ الإِنسَانَ مِنَ الخَوفِ مِنَ النّظَرِ إِلَىَ المِرْآة.
(أتَكَوَّمُ فِي رَحمِ الدُّنْيَا
أَخْرُجُ دُونَ مَخَاض
لا شَيءَ يَستُرُ جَسَدِي إِلَّا الشَّمس المتَوَسِّطِيّة
التِي تَخْتَرِقُ الجِّلدَ إِلَىَ العَظْمِ
لا تَتَذَمَّر أَنتَ مَوْلُودٌ مَارِقٌ
جِئتَ مِنْ رَحمٍ إِلَىَ رَحم
فالخُدَّجُ لا حُقُوقَ لَهُم)
كَالخرِيفِ حِينَ يُلَمْلِمُ ذَرّاتَ الغُبَارِ مِنَ السّحَاب المعْتِم وَيَدفِنُ النُّجُومَ فِي حَقلِ السّمَاءِ.. يَدِفِنُ هَذَا النَصّ إسقَاطَاتِهِ المسْتَغرِقَةُ فِي المجَازِ مُنفَصِمَاً مِنُ وُجُودٍ مَضَى وَمِن فُتَاتِ حَاضِرٍ مَعطُوب. مُغَرّبٌ، مُشَتّتٌ، دُونَ أَنْ يَتَخَلىَ الأُسلُوبُ عَنْ رَهَافَةِ الحسِّ، وَرَونَقِ الجَمَال .
(تَقْتَرِبُ النَّخلَةُ مِنَ الشَّمسِ
تَتَحَرَّكُ الغَيرَةُ فِي صَدرِ الحَشَائِشِ
تَعِدُ الأرْضَ الحَشَائِشَ بِأَنَّهَا سَتُنْبِتُ لَهَا شَمْسَاً
عَلَىَ أَعْتَابِ الشِّتَاءِ القَادِم)
طُمُوحٌ يَحتَفِي بِالنّخِيل البَاسِقِ ليُمْسِكَ جَدَائِلَ الشّمس وَاعِدَاً جَريْدَهَا بِمَسكَنٍ دَافِئٍ بَينَ جَدَائِل الشّمسِ وبِآخَرَ مَسكُون بِالأَروَاحِ الطّيِّبَةِ تنَوُءُ الغِيْرَةُ فِي شُقُوقِ التُرَاب.. تَتَسَلّلُ إِلَىَ اللاّوَعِي لِيَنْبِشَ أَحلامَاً عَمِيقَةَ الخُرَافة.. فَقَطْ لِتُدَغْدِغَ مَشَاعِرَ الحَشَائِشِ الغَرِيَرةُ النّبْت .
فِي بَحثِهَا الدّؤوبِ عَن الدّهشَةِ وَنَحْتِ الأَحَاسِيس.. مَازَالتْ بَدرية تُقَرِّبُ العَلاقَةَ بَيْنَ الشّعُورِ بِالجمَالِ وَتَذَوُّقِهِ وَأولَئِكَ الّذِينَ لم يَرَوا فِي الجَمَالِ سِوَى أَنّهُ ذَوقٌ يَتَفَاوتُ مِن مُتَلقٍّ لآخَر لم يَتَسنّ لَهُم أنْ يَرَوا تِلكَ الدّلالاتِ التّي تُشِيرُ إِلَىَ ابتِكَار ِالصّورة فِي النصّ الإِبدَاعِيّ بامتِيَاز .
(تَتَأَوَّهُ المَدِيْنَةُ عِندَ الفَجرِ
يَنكَسِرُ الضَّوءُ عَلَىَ أَرصِفَتِهَا
تَمشِي شَوَارِعَهَا بِبُطء
تَخْلَعُ البُيُوتُ جُدْرَانَهَا مِنَ الضّجَرِ
تَزدَحِمُ مَدَاخِلُهَا بِالقَادِمِينَ دُونَ أَمْتِعَة
أعتَلِي حِذَائِي وَأَرحَلُ إِلَىَ مَدِينَةٍ لا تُشبِهُنِي) .
بَنَغَازِي تُرَحِبُ بِكُم وَتَتمَنَى لَكُم إِقَامَةً آمِنَةً مُنذُ انكِسَارِ الضّوءِ عَلَىَ أَرصِفَتِهَا إِلَىَ لحَظةِ التّمرّدِ عَلَىَ قَسوَتِهَا.. أَكَادُ أُوقِنُ أَن بَدرِية تَعِرفُ كُلّ أَسمَاءِ النّجُومِ فِي سَمَاءِ المدِينَةِ وَكُلِّ الأَزهَارِ البرّيّةِ فِي حَدَائِقِهَا تَختَرِقُ قَوَاقِعَهَا المتَكَلّسَةُ حَولَ سَرَادِيبِ أَعَمَاقِهَا فَيَتَفَجّرُ الماضِي فِي الذَّاكِرَةِ البَعِيدةِ لِيُعِيدَهَا طِفلَةً مُتَمرّدَةً تَختَرِعُ فَضَاءً للإفصَاحِ عَن مَلَامِحِهَا الّتِي وَرِثَت القَدْرَ الكَبِيرَ مِنْ مَلامِح المَدِينَة بِمَفَاخِرِها وَجِرَاحِهَا وَحِكَايَاتِهَا وَخَرَارِيْفِهَا لَكِنّهُمَا مَحكُومَتَينِ بِالأَمَلِ إِلَىَ أَنْ تَلتَقِيَانِ مِنْ جَدِيد .
أخِيرَاً ..كَحَفنَةٍ مِنَ النّجُومِ المنْثُورَةُ بَينَ الشّاطِئِ والأُفُقِ الدّائِرِيّ تُشْهِرُ حُرُوُفََهَا فِي وَجْهِ الرّكُودِ الثّقَافِي لِيَفُرّ هَارِبَاً .
بَدرِية الأشهَب وَصَلتْ إِلَيَ صِيغَةٍ جَمَعَتْ جَاذِبِيّة الطّرحِ وَجَمَالَ الرّؤَىَ حَتّى تَلِجَ حَلَقَةَ الإِبْدَاعِ لِتَسْتَأثِرَ بِأسلُوبٍ فَخم تَتَزَيّنُ فِيهِ الجمَلُ والخُطُوطُ والمفْرَدَاتِ.. يَسبِرُ الأَغوَار وَيَكتَشِفُ اللامُكتَشَف ويُبرِزُ التَفَاصِيلَ وَالجُزئِيَّاتِ بَعدَ أَن تَحَوَّلَت إِلَىَ نَاشِزٍ تَرفُضُ الرُّجُوعَ لِبَيتِ الطّاعَةِ الفِكرِيّ
_ يقال للشيء إذا كَثُر ماؤهُ من النعمة والغضَاضَة حتى يكادُ يهتزّ..(رفيف) ـ
( رفيف الغيم ) أترونَ كيف تبدو الصورة شعريّة لا تجنحُ نحوَ الرّتابةِ أو السّكون، إنها الشفافية تأتي على جناحِ طائرٍ سرّي خَفي لا تَرَاهُ عَينٌ ولا تُسمَعُ خَفَقاتُ جَنَاحيهِ .
فقط نستشعره حين نقلب الصفحة الأولى من (رفيف الغيم).
(الظّمأُ..هُو البِدَايةُ الفِعليّةُ لِرِحلَةِ البَحثِ)
أحببتُ أن يكونَ هذا النصّ أولُ الواصلينَ هُنَا ربما لأنَّهُ يحوي عبارةَ البِداية ، لكن بالفعل إنّها رحلةُ البحثِ التِي تَبدأُ مِن ضَمَئِنَا لأيِّ شَيءٍ نُحبه فَهَذا الظّمأ يَفضحُ فِينا حَالَة المعَانَاةِ والقَلقِ ويُبدّد السَّرابْ.. هُنا وَمَضةٌ وُجوديّة.. لمحةٌ من لمحاتِ الدّهشةِ مُبشِّرةٌ بلونٍ جديد ٍوأسلوبٍ جديدٍ يَختَرِقُ السّكُونَ ويفتَعِلُ الضّجِيج .
(يَشربُ العُصفورُ مِنَ الغَدِيرِ
يَشْرَبُ الغَدِيرُ مِنَ النَّهرِ
يَشْرَبُ النّهرُ مِنْ ضَرعِ السّماء..
إذاً مِنْ أَينَ يأتِي العَطَش.. ؟)
هَاهِي الكَاتِبَةُ تَقتنصُ الرّوعَةَ مِن مَتَاهةِ الحُرُوف وَتجتَرِحُ صِيَاغَةَ هويَّةٍ جَديدةٍ وكَيَانٍ جديدٍ للتَفَاسِيرِ التقليْديّةِ للأَشيَاءِ، وتُتْقِنُ القُدرَةَ العَالِيةَ عَلىَ اكتِشَافِ الحِرَاكِ العَقليّ والمَيْل إِلَى التَفكيرِ بِمَنطِقِ الجمَال.
(أَرخَتِ الشَّمسُ جَدَائِلَهَا أُرجُوحَةً للكَونْ
سَحَبَتِ الشَّمسُ جَدَائِلَهَا
وَقَعَ المتَأَرجِحُونَ أَرْضَاً)
أَيّتُهَا الشّمسُ الكَادِحَةُ لاَ تَفتَأيِن تَحرُثيِنَ الأَرضَ مَعَ الفَلاّحِين بِمِعْوَلِ الضِّياءِ ..جَدَائلٌ بَاهِظَةُ التّكوينِ تَتَلاَقَحُ فِيهَا سِمَاتُ التَنويرِ الإبْدَاعِي فِي أَروِقَةِ الذّوقِ الرّفِيعِ لتَطِيرَ كَلوْحَةٍ بَارِعَةِ التّلوِينِ .
بأسلوبٍ مَا وَبِشَكلٍ مَا تُصَوِّرُ لَنَا بَدريّة الشّمسَ فِينُوسَ السّمَاءِ وهِيَ تَبعثُ الدِّفءَ وَتَعدُ بِالحُبِ، فَأيّ أَلَقٍ هَذَا الذّي نَرَاهُ يُحَفِّزُ فِي دَوَاخِلِنَا القُدرَةَ عَلىَ تَذوُّقِ الجَمَال .
يضجُّ السّكونُ.. يَخرُجُ عَنْ كَونِهِ سُكُونَاً فَنُحِسُّ بِالجَمَالِ وَيغدُو الإِحسَاسُ إِدرَاكَاً يَتَذَوّقُهُ المرءُ .
( يُحَاولُ جَدِّي قَضْمَ الرَّغِيف
لا يَقْوَى عَلَىَ ذَلِك
يُحَاوِلُ جَدِّي كَسْرَهُ بِيَدِهِ
لا يَقْوَى عَلَىَ ذَلِك
وَضَعَ جَدِّي الرَّغِيفَ عَلَىَ رُكبَتِهِ مُحَاوِلاً شَدَّهُ بِيَدِهِ
لا يَقْوَى عَلَىَ ذَلِك
وَضَعَ جَدِّي الرَّغِيفَ عَلىَ الطَّاوِلَةِ
نَظَرَ الرَّغِيفُ إِلَىَ جَدِّي وَبَكَى)
مِنْ أيَام هُومِيرُوس وإِليَاذَتِهِ الشّهِيَرة وأُودِيسَتِهِ العَظِيمَة ثَمَةَ مُسَلّمَةٌ تَقُول إِنّ السّردِيةَ تَتَحكّمُ فِي كُلّ خِطَابٍ مَهمَا كَانَ نَوعُه.. رَشَقَاتٌ مِن الفَخَامَةِ الشّعرِيَة المعهُودَة لَدَىَ بَدرِية تَصُبّ فِيهَا فَيضَاً مِنْ مَخْزُونِهَا الثّقَافِيّ وَالتّرَاثِيّ فِي لَوحَةٍ حِوَارِيّةِ قِمّةٍ فِي التَأثِير تَتَنَاغَمُ لِتُجَسّدَ الحَالَةَ الإنسَانِيَة كَيفَ تَؤُولُ إِلَىَ زَوَال تَستَحضِرُ المشْهَدَ أمَامَك، مُوجِعَاً، بِحَذَافِيِرهِ، يَخرُقُ المنظُورَ بِتَفَاعُلٍ أَقوَىَ طُعُونَاً فِي النّفسِ، تَلتَقِطُكَ بِحِرَفيّة قَلَمِهَا، لِتُوجِعُكَ حِينَ يَكُونُ الوَجَعُ مُتَجَاوِبَاً لِيُفَكِّكَ التّوتُّرَ النّفسِيّ وَيُحَرِّرَ الإِنسَانَ مِنَ الخَوفِ مِنَ النّظَرِ إِلَىَ المِرْآة.
(أتَكَوَّمُ فِي رَحمِ الدُّنْيَا
أَخْرُجُ دُونَ مَخَاض
لا شَيءَ يَستُرُ جَسَدِي إِلَّا الشَّمس المتَوَسِّطِيّة
التِي تَخْتَرِقُ الجِّلدَ إِلَىَ العَظْمِ
لا تَتَذَمَّر أَنتَ مَوْلُودٌ مَارِقٌ
جِئتَ مِنْ رَحمٍ إِلَىَ رَحم
فالخُدَّجُ لا حُقُوقَ لَهُم)
كَالخرِيفِ حِينَ يُلَمْلِمُ ذَرّاتَ الغُبَارِ مِنَ السّحَاب المعْتِم وَيَدفِنُ النُّجُومَ فِي حَقلِ السّمَاءِ.. يَدِفِنُ هَذَا النَصّ إسقَاطَاتِهِ المسْتَغرِقَةُ فِي المجَازِ مُنفَصِمَاً مِنُ وُجُودٍ مَضَى وَمِن فُتَاتِ حَاضِرٍ مَعطُوب. مُغَرّبٌ، مُشَتّتٌ، دُونَ أَنْ يَتَخَلىَ الأُسلُوبُ عَنْ رَهَافَةِ الحسِّ، وَرَونَقِ الجَمَال .
(تَقْتَرِبُ النَّخلَةُ مِنَ الشَّمسِ
تَتَحَرَّكُ الغَيرَةُ فِي صَدرِ الحَشَائِشِ
تَعِدُ الأرْضَ الحَشَائِشَ بِأَنَّهَا سَتُنْبِتُ لَهَا شَمْسَاً
عَلَىَ أَعْتَابِ الشِّتَاءِ القَادِم)
طُمُوحٌ يَحتَفِي بِالنّخِيل البَاسِقِ ليُمْسِكَ جَدَائِلَ الشّمس وَاعِدَاً جَريْدَهَا بِمَسكَنٍ دَافِئٍ بَينَ جَدَائِل الشّمسِ وبِآخَرَ مَسكُون بِالأَروَاحِ الطّيِّبَةِ تنَوُءُ الغِيْرَةُ فِي شُقُوقِ التُرَاب.. تَتَسَلّلُ إِلَىَ اللاّوَعِي لِيَنْبِشَ أَحلامَاً عَمِيقَةَ الخُرَافة.. فَقَطْ لِتُدَغْدِغَ مَشَاعِرَ الحَشَائِشِ الغَرِيَرةُ النّبْت .
فِي بَحثِهَا الدّؤوبِ عَن الدّهشَةِ وَنَحْتِ الأَحَاسِيس.. مَازَالتْ بَدرية تُقَرِّبُ العَلاقَةَ بَيْنَ الشّعُورِ بِالجمَالِ وَتَذَوُّقِهِ وَأولَئِكَ الّذِينَ لم يَرَوا فِي الجَمَالِ سِوَى أَنّهُ ذَوقٌ يَتَفَاوتُ مِن مُتَلقٍّ لآخَر لم يَتَسنّ لَهُم أنْ يَرَوا تِلكَ الدّلالاتِ التّي تُشِيرُ إِلَىَ ابتِكَار ِالصّورة فِي النصّ الإِبدَاعِيّ بامتِيَاز .
(تَتَأَوَّهُ المَدِيْنَةُ عِندَ الفَجرِ
يَنكَسِرُ الضَّوءُ عَلَىَ أَرصِفَتِهَا
تَمشِي شَوَارِعَهَا بِبُطء
تَخْلَعُ البُيُوتُ جُدْرَانَهَا مِنَ الضّجَرِ
تَزدَحِمُ مَدَاخِلُهَا بِالقَادِمِينَ دُونَ أَمْتِعَة
أعتَلِي حِذَائِي وَأَرحَلُ إِلَىَ مَدِينَةٍ لا تُشبِهُنِي) .
بَنَغَازِي تُرَحِبُ بِكُم وَتَتمَنَى لَكُم إِقَامَةً آمِنَةً مُنذُ انكِسَارِ الضّوءِ عَلَىَ أَرصِفَتِهَا إِلَىَ لحَظةِ التّمرّدِ عَلَىَ قَسوَتِهَا.. أَكَادُ أُوقِنُ أَن بَدرِية تَعِرفُ كُلّ أَسمَاءِ النّجُومِ فِي سَمَاءِ المدِينَةِ وَكُلِّ الأَزهَارِ البرّيّةِ فِي حَدَائِقِهَا تَختَرِقُ قَوَاقِعَهَا المتَكَلّسَةُ حَولَ سَرَادِيبِ أَعَمَاقِهَا فَيَتَفَجّرُ الماضِي فِي الذَّاكِرَةِ البَعِيدةِ لِيُعِيدَهَا طِفلَةً مُتَمرّدَةً تَختَرِعُ فَضَاءً للإفصَاحِ عَن مَلَامِحِهَا الّتِي وَرِثَت القَدْرَ الكَبِيرَ مِنْ مَلامِح المَدِينَة بِمَفَاخِرِها وَجِرَاحِهَا وَحِكَايَاتِهَا وَخَرَارِيْفِهَا لَكِنّهُمَا مَحكُومَتَينِ بِالأَمَلِ إِلَىَ أَنْ تَلتَقِيَانِ مِنْ جَدِيد .
أخِيرَاً ..كَحَفنَةٍ مِنَ النّجُومِ المنْثُورَةُ بَينَ الشّاطِئِ والأُفُقِ الدّائِرِيّ تُشْهِرُ حُرُوُفََهَا فِي وَجْهِ الرّكُودِ الثّقَافِي لِيَفُرّ هَارِبَاً .
بَدرِية الأشهَب وَصَلتْ إِلَيَ صِيغَةٍ جَمَعَتْ جَاذِبِيّة الطّرحِ وَجَمَالَ الرّؤَىَ حَتّى تَلِجَ حَلَقَةَ الإِبْدَاعِ لِتَسْتَأثِرَ بِأسلُوبٍ فَخم تَتَزَيّنُ فِيهِ الجمَلُ والخُطُوطُ والمفْرَدَاتِ.. يَسبِرُ الأَغوَار وَيَكتَشِفُ اللامُكتَشَف ويُبرِزُ التَفَاصِيلَ وَالجُزئِيَّاتِ بَعدَ أَن تَحَوَّلَت إِلَىَ نَاشِزٍ تَرفُضُ الرُّجُوعَ لِبَيتِ الطّاعَةِ الفِكرِيّ
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
رد: قراءةٌ فِي خواطرٌ أَدبيَّة للشاعرة بَدريّة الأشهَب
مشكور سيادة النائب على المشاركة الرائعة .... ننتظر مروركم الكريـــــــــــــــــم دائما من هنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا ...
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
حبة مسك- مشرف
-
عدد المشاركات : 3906
العمر : 60
رقم العضوية : 263
قوة التقييم : 57
تاريخ التسجيل : 12/06/2009
رد: قراءةٌ فِي خواطرٌ أَدبيَّة للشاعرة بَدريّة الأشهَب
لك الشكرعلى المتابعه
نورت المنتدى
نورت المنتدى
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
مواضيع مماثلة
» هــــــــــــــــــل نجــــــــــع .... للشاعرة حنان عبدالكر
» الناس يرقدوا ...للشاعرة حنان عبدالكريم
» أنا بنغازي و أنا ليبيا.. قصيدتان للشاعرة/ بدرية الأشهب
» يا ما عليه بكينا ـــ قصيدة عاطفيه للشاعرة فاطمه عبدالله
» الناس يرقدوا ...للشاعرة حنان عبدالكريم
» أنا بنغازي و أنا ليبيا.. قصيدتان للشاعرة/ بدرية الأشهب
» يا ما عليه بكينا ـــ قصيدة عاطفيه للشاعرة فاطمه عبدالله
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
أمس في 8:44 am من طرف STAR
» اليوم بسماء الدول العربية.. حدث فلكي نادر يرى مرة في العمر
أمس في 8:43 am من طرف STAR
» قبل زيادة البنزين.. هل منظف دورة الوقود بالسيارة يقلل من الاستهلاك؟
أمس في 8:42 am من طرف STAR
» كوه ساموي وجهة تايلاندية ترحب بالسائحين مهما كانت ميزانياتهم
أمس في 8:42 am من طرف STAR
» أسهل طريقة لعمل البامية باللحم
أمس في 8:41 am من طرف STAR
» جدول مباريات يورو 2024.. المجموعات والأدوار الإقصائية
2024-06-04, 9:29 am من طرف STAR
» رحلة سياحية ممتعة إلى بيرات أروع مدن ألبانيا التاريخية
2024-06-04, 9:28 am من طرف STAR
» الكشف عن أقوى سيارة جولف ذات دفع رباعي
2024-06-04, 9:27 am من طرف STAR
» مشروبات لا ينصح بتناولها في الطقس الحار
2024-06-04, 9:26 am من طرف STAR
» عوامل تؤثر على سرعة تحديثات نظام ويندوز
2024-06-04, 9:26 am من طرف STAR
» بكلمات مؤثرة.. حكيمي يودع مبابي
2024-06-04, 9:25 am من طرف STAR
» كوكيز دبل تشوكليت
2024-06-04, 9:24 am من طرف STAR
» أسرار البشرة النضرة.. دليل المرأة نحو الجمال الحقيقي
2024-06-04, 9:23 am من طرف STAR
» الليلة تصل لـ263 ألف جنيه.. أغلى فندق في شرم الشيخ!!
2024-06-02, 9:05 am من طرف STAR
» ريال مدريد بطلا لدوري أبطال أوروبا للمرة الـ15 في تاريخه بفوزه على دورتموند
2024-06-02, 9:04 am من طرف STAR