يوم استشهد نسور بنينة في اجدابيا!!

من طرف **زهرة اللوتس** 2012-03-23, 10:46 pm

يوم استشهد نسور بنينة في اجدابيا
بقلم : سعد النعاس
في الساعات الأخيرة من ليل الجمعة 8/4/2011 ، سرت إشاعة بان الثوار دخلوا البريقة وأسروا اللواء الريفي . وبلغت تلك الأنباء حداً وصل بالناس إلى درجة الفرحة والنشوة ، حتى أن كثيراً من المقاتلين أعتبرها منحة من الله سبحانه وتعالى للنوم وأخذ الراحة . ونظراً لما حدث عصر ذلك اليوم وعدم بث القنوات الفضائية لتلك الأنباء كنا على شك من الخبر ، بل كانت لدينا هواجس من أن هذه إشاعة مصدرها كتائب القذافي .
الساعات الأولى من صباح اليوم التالي ، السبت 9/4/2011 أيقظتنا حركة صديقنا وهو يتهيأ للخروج ، سألناه إلى أين ؟ فأجابنا بنغازي لسحب المرتب . هل تأتي معنا ؟ سألنا ، كان التثاؤب أبلغ إجابة على سؤاله .
بعد ذهابه طار النوم من عينينا ، متساءلين عن حقيقة أخبار ليلة أمس . وما هي الا دقائق حتى سمعنا أصوات الصواريخ تدك البوابة الغربية . أدركنا زيف الإشاعة . لم نشأ إيقاظ الأصدقاء النائمين بجوارنا ، فقد اعتدنا على هذه الأصوات ، الا أن الأصوات بدأت مع كل دقيقة تزداد وتقترب أكثر فأكثر . حتى وصلت حيينا فاستيقظ الأصدقاء .
كنا معتادين على مثل هذه الأصوات ، الا أن كثافة القصف وقربه يوحي لكل شخص أنها مختلفة هذه المرة . جاءتنا الأخبار أن الكتائب وبعد قصف لمدة ثلاث ساعات تحاول اقتحام المدينة من مدخلها الغربي . اتصل أحد الأصدقاء ليطمئن على صديقيه الذاهبين إلى حي ( الشعبية ) فكان المجيب من الطرف أحد جنود الكتائب ، أيقنا أن القتال وصل لداخل المدينة .
خرج أحد الأصدقاء ليستطلع صوت انفجار صاروخ بالقرب من المنزل الذي كنا فيه وإذا برتل آخر من الكتائب يقتحم المدنية من الجهة الجنوبية ولم يفصلنا عنه الا بضعة أمتار . كانت أصوات الرصاص والقذائف تملأ المدينة ، اتصل بنا صديقنا ( سالم ) كان يراقب الكتائب من فوق منزله ليحذرنا بعدم الخروج من المنزل فهم بجانبنا مباشرة .
التقى الجمعان في شارع انتلات ، وهناك دارت رحى معركة طاحنة ، انسحبت الكتائب على أثرها إلى الأجزاء الغربية من المدينة بعد تصدي بطولي من الثوار في أكثر من مكان في المدينة ، سقط على أثرها عشرات الشهداء والجرحى . كان ذلك ما بين الظهر والعصر .
خرج البعض ليتفقد أحوال المدينة بعد أن انتهت الاشتباكات في حيينا والشوارع القريبة منه والمدينة باستثناء الجهة الغربية حيث كانت المعارك محتدمة بالقصف الصاروخي من الطرفين .
لم تنقطع اتصالات الأقارب والأصدقاء لنا ولأصدقائنا من كامل مدن الشرق في تلك الأثناء ، من بينها اتصال أحد أقارب صديقنا حيث أخبره قريبه بأن طائرة عمودية ( هليكوبتر ) تابعة للجيش الوطني أقلعت من قاعدة بنينة لقصف كتائب القذافي في اجدابيا ، وقد أكدته قناة العربية فيما بعد .
قرابة أذان العصر و فيما كنا بالقرب من الطريق الدائري حيث كانت أعداد الثوار تتزايد لتأمين المنطقة الجنوبية وتمشيطها ، أشار لنا صديقنا سالم بأن ننظر إلى الجهة الجنوبية الغربية حيث أن طائرة عمودية قد أصيبت إصابة مباشرة من الجهة الغربية للمدينة ، كان دخان الطائرة يملأ السماء ويتجه باتجاه الغرب ، وهو دليل أن الطائرة حطت أو سقطت هناك . اعتقد البعض أنها من طائرات الكتائب ، الا أننا أكدنا لهم بأنها تابعة لنا . نعم كانت إحدى طائرات السرب العمودي بقيادة البطل العقيد حسين الورفلي من أعلن انضمام قاعدة بنينة الجوية إلى الثورة . وكان برفقته الملازم أول الملاح الجوي محمد فتحي جاب الله السلامي و ملازم ثان فني جوي إبراهيم بدر دخيل ملازم ثان طيار إسماعيل قطب .
لقد كانت شجاعة نادرة من هؤلاء الأبطال ، كانوا يحلقون على ارتفاع منخفض جداً وفي مرمى الصواريخ ومضادات الطائرات ، ويتجهون مباشرة باتجاه الكتائب المتمركزة في الأجزاء الغربية للمدينة ، كانت أقرب إلى عملية استشهادية ؛ فالمكان الذي كانوا يحلقون فوقه كان من سابع المستحيلات في تلك الساعات أن تفكر مجرد التفكير في الذهاب إليه سيراً على الأقدام فما بالك بالتحليق على هذا العلو في وسط غابة من الصواريخ ومضادات الطائرات.
استشهد العقيد حسين الورفلي ورفيقيه الملازم أول محمد فتحي جاب الله السلامي و ملازم ثان إبراهيم بدر دخيل فيما نجا بأعجوبة ملازم ثان طيار إسماعيل قطب .
ولد العقيد حسين الورفلي ليستشهدوا في اجدابيا ، نعم فقد أجاب العقيد حسين الورفلي طلب أمه وأهله بعدم الطيران نظراً لما يعانيه من أمراض الضغط والسكر والقلب ، أجابهم بالإيجاب الا إذا حاولوا الاستيلاء على اجدابيا مرة أخرى ، نعم أخذ عهداً ، بل يميناً على نفسه الا يطير بتلك الطائرة الا إذا حاولت الكتائب احتلال اجدابيا . وعد فأوفى ، وما أصعب الوفاء في مواقف كهذه .
زادت دماء هؤلاء الأبطال الثوار ، من مدنيين وعسكريين ، على البذل أكثر وأكثر ، فمنهم من وصل ليل 9/4/2011 بنهار 10/4/2011 ولم يخلد إلى النوم تهيئاً وحماسة لانتظار الصباح ، لم يكن الليل للمبيت بل لتهيئة الأسلحة وتذخيرها وشوقاً ، فموعدهم الصبح أليس الصبح بقريب ؟، وما إن أشرقت شمس الأحد 10/4/2011 حتى أمطروا الكتائب المتحصنة في الأجزاء الغربية في المدينة بعدد من الصواريخ والقذائف يفوق كل تصور ، قصفوهم بكل شيء حتى مازحنا أحد أصدقائنا بأنه تم قصفهم حتى بالحجارة ، كان تصميماً نادراً على النصر . فأجبروهم على التراجع إلى البوابة الغربية ( 4 كم من المدينة ) حيث الأرض المكشوفة فكانوا أهدافاً سهلة لطائرات الحلف الأطلسي .
لم تأتِ الساعة3 مساءاً حتى وضعت الحرب أوزارها ، وحقق الثوار هدف العقيد حسين ورفاقه ( لن تستولو على هذه المدينة ) . ولن تذهب تضحيات العقيد ورفاقه هباءً . كان يوماً من أيام الله .
كانت أرواح هؤلاء الأبطال وغيرهم من كلمات ومآثر تلقاك أنى ذهبت في أرجاء المدينة حيث تكبيرات المساجد ، وملئت باقي المقاتلين إصراراً وزادتهم عزماً على عزمهم ، فتصدوا في ملحمة بطولية أخرى للكتائب في أخر محاولة للاستيلاء على المدينة يوم 17/4/2011 .
لم تذهب تضحيات هؤلاء الأبطال وغيرهم سدى ، وتحقق للشهيد حسين ورفيقيه ما خرجا لأخر مرة من بنغازي لأجله ، وجعلوا اجدابيا وجالو قلعتين حصينتين ، وجعلوا اجدابيا مركزاً لحشد أكبر قوة برية انتظاراً لملحمة البريقة ، أكبر معركة برية في تاريخ القرن الواحد والعشرين .
لقد أعاد هؤلاء الأبطال مآثر أجدادهم من بذل الأرواح رخيصة في سبيل الوطن والحرية ،. فشكراً لهؤلاء فقد تركوا لأحفادهم ما يفتخرون به كما ترك لنا أجدادنا ما نفتخر به.
بإذن الله لم ولن تذهب دماءكم وأطرافكم هباءً ، وسنبني ليبيا إن شاء الله دولة حرة عادلة قوية يكرم فيها أبناءها ، ويسود فيها القانون وينعم فيها أبناءها بالرفاهية والعزة .

من طرف عبدالله النيهوم 2012-03-23, 11:57 pm

ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموات بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون
الله يرحمهم هم السابقون ونحن الاحقون