تهريب عجول مريضة من ليبيا وإسرائيل لمصر

من طرف **عبدالحفيظ عوض ربيع** 2012-03-26, 6:33 am

تهريب عجول مريضة من ليبيا وإسرائيل لمصر

تلقي مصادر رسمي مصرية باللائمة على تهريب حيوانات مريضة من الخارج بتفشي الحمى القلاعية.
أشرف السعيد من القاهرة: يعيش الفلاح المصري حاليا حالة من التخبط وعدم الاستقرار في كافة مناحي أنشطته الإنتاجية والتي تغذي شعب مصر من الشمال إلى الجنوب نتيجة القرارات العشوائية من المسئولين الذين تولوا حقيبة الزراعة خلال ثلاثين عام الماضية وحتى بعد الثورة،وأثرت سلبيا على السياسة الزراعية والثروة الحيوانية لمصر وانخفض معدل الإنتاج في إنتاج المحاصيل والزراعات المختلفة وأيضا في زيادة عدد رؤوس الماشية والأغنام وفي إنتاج الألبان ،وينطبق ذلك على الثروة الداجنة والسمكية .

وأصبح الفلاح المصري –والمعروف بحرفيته وصبره وأدائه الرائع في مجال الزراعة وحبه للأرض - محاصر بعدد من المشاكل والأعباء في مجال الزراعة منها المياه وغيرها رغم الجهود الحثيثة للدولة خاصة في مجال الري والصرف ،كما حاصرته الديون بسبب تعثره في سدادها ،بعد أن كانت تقوم الحكومة بتقديم كافة أنواع المساعدات الفنية والإرشاد الزراعي والبيطري مجانا ،فضلا عن تقديم الأسمدة وسداد ثمنها من خلال الجمعيات الزراعية الممتدة بكافة قرى ونجوع مصر بعد حصاد المحاصيل ،لكن الأوضاع العامة في الزراعة والثروة الحيوانية باتت عكس اتجاهات الفلاح المصري ومصالحه والتي تعود بالنفع على زراعاته.

وما يزيد هموم وأعباء الفلاح المصري هذه الآونة هو ظهور عتره جديدة لمرض "الحمى القلاعية " بدأت في الظهور في محافظة الغربية في 26فبراير الماضي ثم انتقلت إلى عدة محافظات بشمال وجنوب البلاد.

وقد استطلعت "إيلاف" آراء بعض أطراف القضية للتعرف على أبعادها المختلفة وبحث أسبابها وأساليب العلاج والحلول.

عجول إسرائيلية
وفي البداية أعلن رسميا وزير الزراعة المصري د. محمد رضا إسماعيل –في تصريحات صحفية -أن الوزارة حددت إسرائيل كمصدر لفيروس الحمى القلاعية القاتل "سات 2 " الذي أصاب الثروة الحيوانية في مصر، مشيرا إلى أن الفيروس انتقل عبر عجول إسرائيلية تم تهريبها عبر الحدود بين مصر و غزة، ومنتشرة حاليا في سيناء، والأمر نفسه بالنسبة للحدود مع ليبيا حيث تم تهريب ماعز ليبي مصاب بـ "السات 2" عبر مطروح.وواصفا مرض الحمى القلاعية الذي ظهر في مصر بـ "عترة جديدة" أو سلالة جديدة، مضيفاً: "استطاع أطباء معهد الأمصال البيطرية في العباسية تحديد نوع السلالة، وبدأنا إنتاج الأمصال المناسبة لها"-على حد قوله-.

تعافي 40%من الحيوانات
ومن جانبه أكد رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية لواء د. أسامة سليم أن مصر لم تصل لمرحلة الوباء في مرض الحمى القلاعية ،محذرا من الإهمال في التعامل مع الحيوانات المصابة وعدم إتباع الإرشادات البيطرية،وكاشفا عن تعافي حوالي 40٪ من الحيوانات التي أصيبت بالمرض خلال الفترة الماضية بعد تلقيها مضادات حيوية وبعض المقويات مع التطهير المستمر، وأن العدوى الجديدة سات2 بدأت في الانحسار نتيجة للإجراءات الوقائية التي تم اتخاذها في مواجهة المرض.

إحصائيات حكومية
ووفقا لإحصائيات وبيانات وزارة الزراعة المصرية نجحت جهود الجهات المعنية بمكافحة الحمى القلاعية في محاصرة المرض في محافظات قنا وبني سويف والوادي الجديد وقد استقرت حالات الإصابة بالمرض في الماشية المحلية‏. حيث لم تتجاوز حالات الاشتباه37 ألفا و73 رأسا منذ بدء الأزمة, بينما بلغت حالات النفوق4077 رأسا علي مستوي الجمهورية،بينما استمرت الغربية في مقدمة المحافظات من حيث حالات الاشتباه بعدد16 ألفا و385 رأسا, والنفوق بعدد1698 رأسا, والدقهلية بعدد4889 حالة اشتباه و364 حالة نفوق, والإسكندرية بعدد1837 حالة اشتباه و116 حالة نفوق.

مجلس الشعب ومناقشات ساخنة
وعلى صعيد متصل شهد مجلس الشعب مناقشات ساخنة من جانب نواب الشعب قبل أيام حيث كشفت عن أن الاستيراد لم يراع إجراءات الحجر البيطري، الذي أسفر عن تعرض البلاد إلى سلالة جديدة من مرض الحمى القلاعية هي سلالة O، الأشد فتكا بالحيوانات من سلالة (A ) التي كانت موجودة في مصر، ما أدى إلى خسارة مصر 30% من الثروة الحيوانية.

وقد شن النواب :هجوما حادا على وزارة الزراعة والخدمات البيطرية لسماحها باستيراد ماشية حية من دول مصابة بالحمى القلاعية، ما أدى إلى انتشار سلالة جديدة من المرض غير موجودة في مصر أصلاً، وأرجع النواب هذا إلى "السياسات المتخبطة" التي تتبعها وزارة الزراعة.

وأوضح النواب :أن وزارة الزراعة وافقت على استيراد ماشية من دون إجراءات وقائية أو إتباع إجراءات الحجر البيطري، ما أدى إلى دخول سلالة جديدة هي (سات) وهي أشد الأنواع على مستوى العالم، مبدين تخوفهم من أن تقضي على ما تبقى من الثروة الحيوانية.

الفلاحون يتهمون الطب البيطري بالتقصير
ومن ناحيتهم اتهم عدد من الفلاحين هيئات الطب البيطري-التابعة لوزارة الزراعة- التي تأخرت في إعطاء جرعات اللقاحات لمواشيهم ، وفي المقابل أكد بعض الأطباء البيطريين أن مصر تفتقر إلى وجود قاعدة بيانات للأمراض المستوطنة وما يستجد من سلالات لها وبالتالي يسهل انتشار مثل هذه الفيروسات.

مجلس الوزراء وتعويض المربين المتضررين
ومن ناحية أخرى يدرس مجلس الوزراء المصري حاليا –كما أعلنت مصادر وثيقة الصلة - إصدار قرار بتعديل قانون صندوق التأمين علي الثروة الحيوانية بوزارة الزراعة, حتى يمكن من خلاله تعويض المربين المضارين من المرض بعد دعمه ماليا, خاصة أن القانون الذي يعمل الصندوق من خلاله صدر بقرار جمهوري ولا يجوز تعديله إلا بقرار من المجلس العسكري وليس مجلس الوزراء أو وزير الزراعة.

أسباب الحمى القلاعية
وفي المقابل وعلى الصعيد الشعبي قال الناشط في حقوق الفلاحين محمد برغش :يأتي فيروس "الحمى القلاعية "من مصدرين هما أولا : إما أن يكون هناك إهمال في معاملة المستورد من الحيوانات الحية في بلد المنشأ وعدم التعامل بجدية مع كل سلالات الأمراض "العترات" المتواجدة في بلد المنشأ ،وآخذ الحيطة والحذر ،أو أنه لا يوجد عترات جديدة لم يتم التعامل معها في بلد المنشأ وإجراء الحجر البيطري السليم الذي يجعلنا في مأمن من أي إصابات من عترات فيروسية غير الموجودة والمتوطنة في مصر والتي يسهل التعرف عليها والتعامل معها ،حيث أصبح لدى الفلاح المصري خبرات كبيرة في التعامل مع هذه الأمراض.

الحجر البيطري من 21-45يوما
وتابع : ثانيا الأسوأ من ذلك أنه عند إهمال أي جزئية مما سبق ذكره فإنه قد يكلف الدول المستوردة للحيوانات الحية الكثير والكثير ،حيث أنه من المفروض عند وصول الحيوانات الحية إلى الحدود المصرية فلابد من حجرها بيطريا في مواقع خارجية أو في موانئ الوصول أو مناطق عزل بعيدة عن تواجد رؤوس الماشية المصرية وفي اتجاه للهواء لا يسمح بحمل أي فيروسات لداخل الوطن وهو يتراوح بين 21-45يوما حتى يتم التأكد من درجة الأمان اللازمة وخلو هذه الحيوانات من كافة الأمراض.

الفلاح المصري بين شقي رحى
وزاد :أما القول بأن هناك حيوانات تسربت من إسرائيل إلى داخل مصر وكانت السبب في هذا الوباء فهو قول يراد به باطل –على حد قوله- ليخفي كل القصور والعيوب لدى القطاعات المسئولة عن المحاسبة في مصر وخاصة الأجهزة التابعة لوزارة الزراعة ،ولا يعقل أن يقول ذلك وزير الزراعة أمام مجلس الشعب أن هذا هو السبب أو قوله باتهام الفلاحين بالتقصير في التحصينات للماشية ،حيث قام سلفه وزير الزراعة الأسبق أمين أباظة بسن سنة أضرت بالفلاح المصري فبعد أن كانت جميع التطعيمات البيطرية تعطى لماشية الفلاح المصري بالمجان وكذلك الأدوية البيطرية من خلال الوحدات البيطرية الحكومية التابعة لوزرة الزراعة قام أباظة بإلغاء هذا الأمر وجعله بمقابل مادي يرهق الفلاح ،وأصبح الفلاح بين شقي رحى وزير سابق لا يرحم ووزير حالي لا يعرف ويتهم الفلاح بالإهمال ،وكان الأولى –والكلام على لسان برغش- بالوزير الحالي أن يجد حلا سريعا ناجزا ليعيد كل أدوات البيطرة من تطعيم وغيره وعلاج بالمجان على وجه السرعة قبل أن يصفه بالإهمال.

إخضاع وزير الزراعة وأجهزته للتحقيق بمجلس الشعب
وطالب برغش لجنة الزراعة بمجلس الشعب المصري بإخضاع وزير الزراعة الحالي والأجهزة المعنية بوزارته للتحقيق ،وبحضور ممثلين للفلاحين لكي يستمع نواب الشعب إلى شكواهم وإلى الحقيقة ،ولافتا إلى أن أكثر من ثلاثين ألف رأس ماشية في مصر حملت مرض الحمى القلاعية ،كما تتراوح الخسائر مابين 4-5آلاف رأس ماشية ولا يوجد حصر دقيق يؤكد ذلك ،ورأس الماشية عند الفلاح المصري في كثير من الأحيان أغلى من أبنائه لأنها مصدر رزقه الوحيد ولبيته وعليه تقوم الأسرة ،ومشددا على عدم وجود
ما يسمى بـ"إدارة أزمات فعلية" في الحكومة وليست مسمى فقط.

مصر البلد الوحيد في العالم يعتمد على المربي الصغير
وعزا برغش أسباب هذه الأزمة إلى وجود آثار جانبية لما تم عام 2005 في مصر حيث تم استيراد ماشية حية من الخارج بفترات مختلفة تدمرت خلالها الثروة الحيوانية وذلك من أعوام 2006و2007و2008حيث تضاعف سعر كيلو اللحم من 30جنيها مصريا إلى60جنيها بل زاد إلى 100جنيه في بعض المناطق بالقاهرة ،ومشيرا إلى أن بلاده هي البلد الوحيد في العالم التي تعتمد على المربي الصغير في إنتاج الثروة الحيوانية بنسبة 90% من رأس إلى خمس رؤوس ماشية ،فضلا عن أن المزارع الكبيرة في مصر لا تسد حاجة السوق المصري إلا بنسبة 10%،ولذلك فإن منظومة الأمن الاقتصادي والاجتماعي لدى الفلاحين غير ثابتة منذ عام 2005وحتى الآن والتي هي عمد الأمن القومي ،وانعكس ذلك بقوة على الأسعار.

أيادي خبيثة تعبث بالزراعة المصرية
وأكد برغش : على وجود أيادي خبيثة مازالت تعبث بالزراعة المصرية ،متمنيا وجود أيادي طاهرة وشريفة تريد خير ا للمصريين وزراعاتهم لتم إصدار "وثيقة تأمين" لكل فلاح مصري لتغطية جميع أنشطته في الزراعة وتربية الماشية لمساعدته في مواجهة الأزمات والكوارث الطبيعية وغير الطبيعية في زراعته وثروته الحيوانية والداجنة والسمكية وكذلك المناحل ،ومضيفا أن التأمين على دخل الفلاح المصري يضمن له حياة كريمة لحمايته من كل الكوارث وهذا هو الحل.

تمحور الفيروس القديم إلى سات2
ومن جانبه رأى د.سيد عيسوي ..عميد معهد بحوث التناسليات الحيوانية- التابع لمركز البحوث الزراعية بالقاهرة – : أن الحمى القلاعية مرض قديم معروف بالنسبة للفلاحين ومربي الماشية وموجود في مصر ،ولكن الجديد هو تمحور الفيروس القديم إلى نوع جديد وهو "سات2" والذي تسبب في نفوق أعداد كبيرة من رؤوس الماشية نتيجة أن مناعة الماشية في التحصينات القديمة ضعفت أمام الفيروس الجديد ،مما تسبب في إجهاض نسبة كبيرة من الماشية وهو حدث نتيجة للحمى القلاعية وليس الفيروس الجديد.

بسيط وتم تضخيمه إعلاميا
وتابع :أن موضوع الحمى القلاعية في مصر بسيط لكنه تم تضخيمه إعلاميا ،وهناك إسعافات أولية سريعة في حال ارتفاع الماشية بدرجة الحرارة وهي أولى أعراض مرض الحمى القلاعية لذا فعلى المربين الإسراع بتخفيض درجة الحرارة لأن ارتفاع الحرارة يكون مصحوبا لعزوف الماشية عن تناول الأعلاف.

الاستيراد والتهريب وراء الإصابة
وزاد: ووفق المعلومات المتواردة أن سبب الإصابات التي لحقت بالماشية في بعض مناطق مصر نتيجة استيراد رؤوس ماشية من السودان وأيضا استيراد أغنام وخاصة الماعز من ليبيا حيث يوجد هناك بالفعل فيروس سات 2فضلا عن تهريب رؤوس ماشية من إسرائيل عبر الإنفاق قادمة من غزة إلى سيناء.

الوقاية خير من العلاج
ودعا عيسوي :مربي الماشية إلى ضرورة توخي الحذر والحيطة والعمل بتدابير وقائية بإغلاق المزارع على نفسها مع ملاحظة حظائر الماشية ومتابعة أي أعراض تطرأ على الماشية ،وان لا تقوم الأمهات من الماشية بإرضاع الصغار بل يتم الاستعاضة عن ذلك باستخدام بدائل ألبان للصغار ،ولافتا إلى قيام معهدي بحوث صحة الحيوان والأمصال واللقاحات البيطرية بجهود كبيرة خلال الأيام الماضية للتوصل إلى مصل جديد تحقن به رؤوس الماشية ،غير أنه توقع نتيجة نفوق أعداد من رؤوس الماشية فسيترتب عليها انخفاض في إنتاج اللحوم خلال الفترة المقبلة في السوق المصري لذا سيترتب عليه زيادة أسعار اللحوم وأيضا ستضطر الحكومة إلى استيراد ماشية حية أو لحوم مجمدة للوفاء بحاجة الأسواق المصرية ولخفض سعر اللحوم.