مركز بنغازي الطبي بين جهود الاطباء ونقص الامكانيات

مركز بنغازي الطبي أحد المراكز الطبية الضخمة في ليبيا وثالثها ، فهناك مركز بنغازي ومركز طرابلس ومركز سبها ، تم إنشائه عام 1975 وأهمل طيلة 35 سنة ليفتتح عام 2010 بعد صيانته العديد من المرات قبل افتتاحه ، كانت الحالات المرضية المحولة له من العيادات المجمعة تأتيه وتحول بعد السابع عشر من فبراير إلى مستشفى طوارئ وإسعاف .
ويوجد بالمركز ثلاث أبراج لكن برجا واحدا منها هو من يدار فقط فيما لا يزال العمل جار على صيانة وتجهيز الآخران.
هذا المرفق الصحي كغيره من المرافق الإدارية في ليبيا لم يسلم من التعثرات فداخله يقبع عدد كبير من المرضى بين منتظر لعلاج بالخارج ومريض يتلقى علاجه على أيدي كوادر طبية وطنية حينا وزائرة حينا آخر، لكن أصواتا تفيد بعد الرضا من الخدمات تارة ومن الأوضاع والإمكانيات تارة أخرى بدأت مؤخرا تتعالى من داخل هذا المركز وهو ما دفعني للاقتراب أكثر للوقوف عن ما يجري عن قرب.
بداية جولتي داخل المستشفى تحدثت مع مدير المركز الطبي فتحي الجهاني الذي استهل حديثه معي عن المركز قائلا إن المركز الطبي هو مستشفى مرجعي تأتي إليه الحالات بعد علاجها في العيادات المجمعة ومن ثمة تحال إلى المركز .
وذكر بأنه يوجد بالمركز عدة أقسام هي قسم الباطنية وقسم جراحة الأوعية الدموية ، والجراحة العامة وقسم المناظر وجراحة القلب وعيادة الأعصاب وقسم أورام الدم و عيادة خارجية وإيوائية .
وأضاف بأن سعة المركز الطبي الحالية 200 سرير في البرج الأول فيما تم استعمال دور واحد من البرج الثاني استغل لصالح المستشفى العسكري الأردني منذ 6 أشهر ، مشيرا إلى أن يوجد بالمركز أطباء زوار من فترة إلى أخرى ، لافتا إلى أن المركز يعاني من نقص في المعدات والكوادر الطبية و أطباء قسمي جراحة القلب والأعصاب .
وأشار الجهاني إلى أن الخطة المعدة لفتح المركز هي أن يتم افتتاحه على ثلاث مراحل المرحلة الأولى هي البرج الأول والذي افتتح في عام 2010 ، والمرحلة الثانية تعتمد على صيانة المعدات منوها إلى أن سبب تأخر شركة الصيانة هو تعطل أوراق الشركة المختصة في الصيانة عند ديوان المحاسبة .
وأضاف الجهاني أن المركز الطبي يتعامل مباشرة مع وزارة الصحة ، مشيرا إلى أن من يقوم بحماية المستشفى من الداخل هم أمن خاص داخل المستشفى واللجنة الأمنية العليا تقوم بحماية المركز حماية خارجية ، موضحا أنه من كان يحمي المركز في الفترة السابقة هي كتيبة الزنتان .
وفي جولة لوكالة أنباء التضامن في المركز الطبي لاحظنا امتناع العديد من الأطباء والممرضين عن الحديث معنا بصفتنا الإعلامية .
فيما قال رئيس قسم الطوارئ بالمركز نصر الدين الساعدي أن قسم الطوارئ نشأ حديثا وبداء العمل به بعد الثورة منوها إلى أن إدارة المستشفى حاولت تجهيزه بإمكانيات بسيطة لاستقبال حالات الطوارئ وإنقاذ المرضى والمصابين في المواجهات المسلحة وتخفيف الآلام عنهم ، مضيفا أن الإدارة طالبت وزارة الصحة بصفة رسمية تعليق العمل في القسم إلى أن يتم تجهيزه بشكل جيد من معدات وأجهزة وأطباء متخصصين وأطقم تمريض مختصة في حالات الطوارئ ، إلا أن وزارة الصحة رفضت الطلب وأكدت على استمرار القسم في العمل كباقي الأقسام بالإمكانيات الموجودة به ، منوها إلى أن الأطباء في القسم مسيرين وليسوا مخيرين ،و فرض عليهم الاستمرار في القسم بوجود عدد قليل من الأطباء دون خبرة في الطوارئ و الحوادث مقابل أعداد ضخمة من المرض.
إمكانيات متواضعة .
وأضاف الساعدي أن المشكلة في المستشفى تكمن في خدماته الطبية المتواضعة لافتا إلى أنه يستقبل حالات من المنطقة الشرقية بالكامل وكذلك حالات الاشتباكات المسلحة من الجنوب وسرت والكفرة ، منوها إلى أن سعة القسم تقريبا 23 سرير فقط مقسمة بين غرفة العلاج والإنعاش وغرفة الكشف والملاحظة النساء والرجال.
وشدد الساعدي على أن الظروف الأمنية الهشة موضوع يؤرق الأطباء والتمريض ، لافتا إلى أن المريض وبالتحديد المصاب إثر اشتباكات أو شجار يأتي إلى المركز رفقة عدد من المنفعلين مما يسبب مشاكل مع الأمن الموجودين في القسم وبتطور المواجهة مع المرافقين تتعدى ذلك لتصل حد الاعتداء بين المرافقين والأطباء داخل المركز.
نتائج سلبية
ولفت الساعدي إلى أن إغلاق مستشفى الجلاء سبب إرباك كامل في القسم حيث زاد عدد الحالات الوافدة اليه .
وركز الأطباء في قسم العناية على أن هناك مشكلة أمنية في المركز بصفة عامة مؤكدين تعرض إحدى زميلاتهم إلى الضرب من قبل مرافقين إحدى المرضي عندما كانت في قسم الطوارئ ، إلى جانب نقص الأدوية وأطقم التمريض وحتى أجهزة التنفس التي تعد من أولويات غرفة العناية في أي مرفق صحي.
مشاكل إدارية
وقال أحد الأطباء في قسم الطوارئ أن المركز يعاني من مشكلة إدارة فالمركز غير مصمم لإدارة الطوارئ وهذه خدمات عيادات مجمعة أو مستشفيات حوادث ، مشيرا إلى أن حجرة العمليات في المركز الطبي لا توجد بها معدات طبية وأن عدد الأطباء قليل جدا ، موضحا أن أصغر قسم في مستشفى الجلاء يوجد به عدد …..؟؟؟؟ أسرة وأطباء أكثر من أقسام الجراحة بالكامل في المركز الطبي وأضاف أن المركز يوجد به 50 سرير تشمل الجراحة العامة وجراحة التجميل والحروق والعظام .
ولفت أحد الأطباء إلى أن المشكلة في المركز الطبي تبدأ عند دخول المريض من باب المركز حيث يطلب المرض الدخول ويجد الإجابة “لا توجد أسرة ” منوها إلى ان هذه الإجابة تتكرر بشكل يومي مع المرضى .
مؤكدا أن القسم يعاني من نقص في التمريض إلى جانب نقص الاسره ، منوها إلى أن قسم العناية يوجد به 14 سرير ولكن المستعمل منها 5 أسره فقط وهذا التعطيل بسبب نقص في التمريض .
صيدلية وأدوية غير أصلية
ويوجد بالمركز الطبي صيدلية عامة لكنه تفتقر لمعظم الأدوية فالعديد من المرضى غادروا الصيدلية دون الحصول على مطلبهم من الأدوية .
وقال الصيدلاني أنه يوجد بهذه الصيدلية أدوية عامة وأدوية خاصة لأمراض السكر وأمراض الضغط ومرضي الأعصاب وأورام الدم ويوجد نقص في جميع الأدوية ، منوهاً إلى ورود أدوية غير أصلية مشيرا إلى أن المركز الطبي قبل الثورة كان يستورد أدوية أصلية ومن شركات معتمدة ، لافتا إلى أن أخر دفعة من الأدوية جاءت من الصين ، موضحا أن من يقوم بجلب الأدوية للمركز هو الامتداد الطبي من طرابلس .
معاناة قسم أمراض الدم
وفي جولة للوكالة بقسم أمراض الدم والأورام لاحظنا اكتظاظ العيادة بالمرضى من مختلف المناطق الشرقية .
وأوضح لنا رئيس قسم أمراض الدم والأورام محمد الأطيوش بأن القسم يعمل بـ 20 سرير لأمراض الدم و 20 سرير للأورام ، مشير إلى أن القسم يقدم خدمات لـ 2 مليون تقريبا لان هذا القسم يعد الوحيد بالمنطقة الشرقية بالكامل من طبرق إلى رأس لأنوف والعيادة الموجود صغيرة لا تستوعب عدد المرضي المتوافدين عليها من مختلف المناطق .
وأضاف الاطيوش أن المشكلة التي يعاني منها القسم هي نقص الاسره والأدوية وبعض التحاليل المعملية الخاصة بمرضى الأورام ، لافتا إلى أن القسم يشتغل بشكل يومي وتشخيص وعلاج على مدى الأسبوع وأن الأطباء ملتزمين بواجباتهم ومواعيدهم وعملهم ولكن عددهم غير كافي لاستيعاب عدد المرضى الموجودين بالقسم ، منوهاً إلى وجود نقص في التمريض داخل القسم “الإيوائي” وفي العيادة .
وفيما يخص خدمات النظافة والتعقيم للأدوات والمعدات الطبية داخل القسم فيؤكد الاطيوش أنها على درجة من الرضا، مشيرا إلى أن الأطباء يقدمون أفضل الخدمات في ظل توفير الأدوية والأجهزة والمعدات الطبية قياسا بالأوضاع الراهنة .
مستشفى أردني في بنغازي الطبي
أما مدير المستشفى الأردني عميد طبيب احمد الزواهري فأوضح بأن المستشفى الأردني جاء بمكرمة من الرئيس الأعلى للقوات المسلحة الملك عبدالله الثاني وهو يدير البرج الثاني من مركز بنغازي الطبي ويقوم بجميع العمليات الكبرى والصغرى ولدينا جميع التخصصات .
وأضاف بأن الأطباء الأردنيين يأتون إلى مركز بنغازي الطبي على دفعات ، وتستمر كل دفعة 3 أشهرمنوها إلى أن الدفعة الحالية تعد الثالثة منذ البدء في هذا البرنامج ، مشيرا إلى أن اتفاقية بين الأردن ووزارة الدفاع قد تمت بهذا الشأن ، نافيا علمه بمدة الاتفاقية الموقعة بين الطرفين.
و أكد الزواهري بأنه لم تواجههم مشاكل فنية عدا مشاكل بالوضع الأمني من قبل بعض المرافقين الذين يحملون معهم سلاح و يهددون بعض الأطباء من حين إلى آخر ، موضحا أن المستشفى العسكري مجهز بالمعدات الطبية و جاهز للتعامل مع جميع الحالات المرضية من أي جهة أو قطاع ، منوها إلى أن المستشفى العسكري الأردني يقدم علاج مجاني ولا يتقاضى أي مرتب وهو مكرمة من ملك الأردن .
ولم ننسى في جولتنا بالمركز الجانب الغذائي إذ تجولنا داخل المطبخ الموجود به حيث أن المركز تعاقد مع شركة تقوم بإدارة المطبخ إدارة كاملة من طبخ وشراء مواد غذائية وفواكه ولحوم ومعلبات ويوجد بالشركة طبيبة تغذية يكون الطبخ تحت إشرافها وكذلك 4 طبيبات تغذية من المركز وأوضحت أحداهن بأنه يتم إحضار الوجبات للمرضى كل حسب حالته المرضية ، لافتة إلى أن الطبيب المختص هو من يصف الوجبات المقترح تقديمها للمرضى كل وما يتناسب وحالته الصحية .
فيما التزم كافة العمال بالمطبخ بارتداء الزي المناسب لهم داخل المطبخ ، مع وجود صالة وجبات خاصة للعاملين بالمركز لها إطلالة طبيعية جميلة .وينم قسم الايواء عن وجود العديد من المرضى في حالات مختلفة منهم من أجرى عمليته وينتظر الخروج من المركز ومنهم من ينتظر فحوصاته الطبية وآخرون ينتظرون أجراء عمليات مختلفة لكن عدم رغبة الكثير منهم في الحديث هما ما منعاني من الحصول على بعض المعلومات منهم .
وتحدث احد من مصابي الكفرة فقال أنا مواطن من الكفرة أصبت بــ أطلاقة فناص والرصاصة موجود في المستشفى منذ أسبوع ولم يتم استخراج الرصاصة الثانية الموجود بالحوض وأنا في انتظار أن تجرى لي إجراء أي عملية لي لاستخراج الرصاصة.وأضاف أخر أنه من سكان بنغازي وأصيب في مدينة الكفرة برصاصة في الفخذ ومنذ يومين لم يتم تنظيف الجرح ، لافتا إلى أن خدمات المستشفى بسيطة جدا وان المستشفى يفتقر لأبسط احتياجات المريض من وسائد وأغطية وغيرها.
وحدثنا مصاب آخر من مدينة الكفرة قائلا: أنه مصاب بشظية في رجله و لم يستطع الأطباء إجراء عملية له لخطورتها ، مؤكدا حصوله على خروج من المستشفى لكن حالته الصحية لم تمكنه من ذلك ، لافتا إلى أنه يملك تقرير يمكنه من العلاج بالخارج لمن ذلك يحتاج ” واسطة ” على حد تعبريه.
وقال آخر أنه من بنغازي وتعرض لحادث سيارة أثناء قيامه وزملائه برحلة جامعية مضيفا” بعد وصولي للمستشفى تم إجراء عملية استئصال طحال وجزء من الكبد وتركيب بلاتين في الرجل اليسرا لكن تأخر إجراء عمليتي بسبب وجود سيولة بالدم .
لكن حالة هويدا الطالبة الجامعية التي شاء القدر لها أن تجرى حادث سيارة مع شقيقها وتم إسعافهما إلى المركز الطبي وشقيقها إلى مستشفى كانت هي الأكثر تأثيرا ، تقول والدتها بأنها وبعد دخولها المستشفى أجريت لها عملية وتم استئصال جزء من الطحال وتجبير ساقيها وفي موعد العملية الأخرى لساقيها امتنع الأطباء عن إجراء العملية وذلك لسبب وجود بكتيريا نشطة في الجرح المتسبب من الحادث ، منوهة إلى العملية لم تتم حتى الآن إلى جانب عدم يتمكنها من الوقوف على ساقيها بسبب الحادث.وتوجد شركة نظافة متعاقد معها المركز تقوم بالتنظيف والغسل الخاص بالمركز ، وقد تحدث المدير المسئول عن شركة النظافة عن العمال فقال أن أغلبهم من جنسيات آسيوية وأن الشركة متعاقدة مع مغسلة خاصة يتم بها غسل الأغطية والوسائد وتسليمها للشركة في اليوم الثاني وتقوم الشركة بدورها توزيعها على الأقسام .

وكالة أنباء التضامن _ جميلة عبدالرحمن