مقالات مختارة : عبيد أحمد الرقيق : المهجَرون

عبيد أحمد الرقيق : المهجَرون.. حكومة عاجزة وشعب يتفرج ووصمة عار في جبين الثورة!!
19 مايو 2012
الثورة في ابسط تعريفاتها تعني التغيير الى الافضل, الانتقال من حال الى احسن منه. وليس لثورة شعبية ان تناقض اهدافها وطموحاتها؟! لقد عانى الليبيون جميعا من سلطة التفرد, واجبرو على العيش مهمشين محقَرين, طيلة عقود حكم القذافي. لكنهم وان تفاوت حجم مشاركتهم في الثورة, الا انهم جميعا يتساوون في طموح وأمل الى الافضل والاحسن. ان التفاوت في العطاء للثورة حالة طبيعية وليست استثناء, اذ لايمكن ان يتساوى الجميع, فالاختلاف هو الاصل وليس العكس وتلك طبعا سنة الحياة.
ماذا سيكتب التاريخ عن شعب انتصر بثورته؟ يغمره الفرح لكنه يحتكره, فممنوع ان يتذوقه اخوة اخرون في الوطن!. كيف يكون ثائرا من يرتضي ان يصادر ابتسامة بريئة, من على ثغر طفل وطفلة ليبية؟! ليحرم الالاف من الاستمتاع بنشوة نصر التغيير, وانهاء حكم الفساد والطغيان؟! كيف يكون ثائرا من يعطى لنفسه الحق في مصادرة حرية مواطنين ليبيين في عقاب جماعي مبعثه الحقد والضغينة وسوء النية؟! هل يسمح الثوار الوطنيون ان توءد الثورة بإسمهم ويتمترس اصحاب العقد والاحقاد خلف سواترهم يشوهون وجه الوطن؟!.
اليس جديرا الان ان يقف الليبييون الشرفاء وقفة عز وشرف؟ ينفضون عن ثورتهم ماعلق بها من ادران الحقد والضغينة تغذيها نوازع عنصرية او ايديولوجية متطرفة؟ فتمارس وفي رابعة النهار صنوفا من التمييز والتهجيرضد بني جلدتهم من اخوتهم الليبيين؟! هل ماتت ضمائر الليبيين حتى لم تحرك فيهم صرخات الاطفال واستغاثة النساء والشيوخ, من اهلنا في المشاشية وتاورغاء والقواليش والرياينة ساكنا او وازعا من ضمير!! كيف يمكن ان يستسيغ الليبيون العيش واخوة لهم في مدن وقرى كاملة مهجرون مبعدون مشردون؟!..الا يحق ان نسأل بمرارة: اين اصحاب العقول الراجحة والحكماء من هذا الذي يعانيه اخوة لهم اجبروا على مغادرة ديارهم ويمنعون من العودة لها!؟
اليس هذا شنارا وعارا يسجله التاريخ على صفحة هذه الثورة!؟ . اليس هذا بوصمة عار مؤلمة على جبين كل الليبيين؟! ما الذي يمنع الليبيين الاحرار من قول الحق والجهر به في وجه كل الانتهازيين اعداء الشعب والثورة؟ الا يكفي هذا التهميش والاقصاء لمدن باكملها بل هذا العقاب الجماعي لبني ليبيا من المهجرين من بلداتهم قسرا المغيبين عن ممارسة حقوقهم جبرا. اليس فيكم يا ليبيين رجل رشيد؟! يصدح بالحق في وجه الظلمة والجبارين, المندفعين بتهور خلف غايات فردية انتقامية رخيصة . في وجه اولئك الذين يحاولون عبثا احتكار الوطن لهم دون غيرهم, المتجاهلون لحقيقة التاريخ والجغرافيا..المتنمرون في زمن المخاض العسير.
يا اخوة في الله والوطن, تحسسوا معنا معاناة اخوتكم من المهجرين في الداخل والخارج . وليعلم الجميع ان الثورة جاءت لتنصف وتخلص من الظلم لا ان تمارسه! لقد آن الاوان لتعزيز لحمة الليبيين فلنسموا باهدافنا النبيلة فوق كل الهفوات ولنكمل مشوار الثورة بإعادة الوفاق بين الجميع ولندرك ان العقاب الجماعي ليس من طبع الشرفاء والثوار. اليس ديننا يحرم علينا ذلك فأين نحن من الدين؟! العقاب الجماعي تحرمه كل الشرائع والقوانين, وان لم نستدرك الامر بأنفسنا فإن العالم الذي وقف معنا وآزرنا في ثورتنا بحجة حماية المدنيين, سوف لن يسكت على الظلم وبنفس الحجة للمدنيين المهجَرين!
أين مؤسسات المجتمع المدني من هذا التهجير؟! لماذا لم نسمع لها صوتا واحدا يطالب بحقهم في العودة؟! هل استخسروا حتى بضع وقفات اومظاهرات اواعتصامات من اجل اخوتهم المهجرين؟! إن الأمل كبير في شعبنا الليبي من خلال جمعياته ومؤسساته المدنية, ليقف وقفة دعم ومساندة لاخوة لنا شردوا وابعدوا عن ديارهم بفعل الحرب. الأمل في شعبنا الابي وثوارنا المخلصين الذين لم يرضوا الظلم والاضطهاد لغيرهم كما لم يرضوه لأنفسهم! لن يتردد الشرفاء ليمحوا وصمة عار كبيرة شوهت وجه الثورة! لن يخذل الثوار اخوتهم وان طال السفر!
د عبيد احمد الرقيق