لماذا يكبر بطن المرأة بعد سن اليأس؟

عند بلوغ المرأة سن اليأس، يتغير توزيع الدهون على مستوى جسمها، حيث يقل تراكمها على مستوى الفخذين والمؤخرة ويزيد على مستوى البطن، ما ينتج منه ما يسميه الأطباء ببدانة البطن.
نشر باحثون أميركيون في آخر عدد للمجلة العالمية للسكر مقالا علميا أكدوا فيه أن سبب تراكم الدهون على مستوى البطن، قد يعود إلى إنزيم يدعى ALDH1A1، وذلك بعد أن أجروا عدة تجارب على الفئران. ولاحظ الباحثون حين سحبوا هذا الإنزيم من أنثى فار تم إخضاعها لحمية غذائية غنية بالدهون، أن وزن هذه الفأرة لم يزد إطلاقا، لذلك هم يحلمون اليوم بالعثور على طريقة لإيقاف عمل هذا الإنزيم.
بدانة البطن نوعان
ويميز المختصون بين نوعين من بدانة البطن، الأول هو البدانة التي تنشأ تحت البشرة مباشرة، أي البدانة التي تنشأ تحت الجلد وهي الأقل خطورة بالنسبة للصحة، حيث تتراكم الدهون إلى العمق، وإلى غاية داخل البطن، أما ما يسمى بالسمنة الحشوية، فهي بدانة تلعب دورا في الإصابة بعدد كبير من الأمراض كأمراض القلب والشرايين وبعض السرطانات كسرطان القولون والثدي. وقبل بلوغ سن اليأس تقوم الهرمونات الأنثوية بتثبيط عمل هذا الإنزيم المسؤول عن السمنة الحشوية.
أشار البروفيسور جورج بلوتزكي وفريقه في جامعة هارفارد في يونيو الماضي في مقال نشره في مجلة «نيتشر ميديسين»، الى مسؤولية هذا الإنزيم في لدونة الخلايا الشحمية وهي الخلايا التي تخزن الشحوم، أما جامعة أوهايو فقد اختبرت بنجاح خلايا بدون الإنزيم تم إدخالها الى بطن أنثى الفأر بهدف تحفيز عملية استهلاك الدهون.
تخزين بدل الحرق
لكن هل يستطيع العلماء استغلال هذا الانجاز لدى النساء؟
يقول الدكتور أوليانا زيوزينكوفا، وهو أستاذ تغذية في جامعة أوهايو الأميركية «في الواقع يعمل هذا الإنزيم بالطريقة ذاتها عند أنثى الفأر والمرأة، لكن معدله يزيد لدى النساء البدينات مقارنة بالنساء العاديات».
لقد اكتشف فريق الأستاذ زيوزينكوفا الأسباب التي تدفع جسم المرأة إلى حرق كمية أقل من الدهون بعد سن اليأس وفي هذا الشأن يقول المتحدث ذاته «حين يبدأ عمل هذا الإنزيم تبدأ الخلايا الشحمية بتخزين الدهون بدل حرقها».
وبالنسبة للدكتور جوليان برداه وهو طبيب نساء ومختص في الغدد الصماء والتغذية في باريس، فان ما يتغير فقط هو مكان التخزين، حيث تبدأ الدهون بالتوضّع على مستوى البطن مع تقدم العمر.
لكن ماذا عن الرجال؟
تتراكم الدهون على مستوى البطن وتحت الجلد لدى الرجال شيئا فشيئا مع تقدم العمر، وكلما زاد عدد السعرات الحرارية التي يتناولونها قل نشاطهم البدني، لان الإنزيم الذي يسبب تراكم الدهون موجود على مستوى أجسادهم باستمرار ولا يتوقف عمله، بسبب غياب الهرمونات الأنثوية أي الاستروجين. ويقول الدكتور جوليان «الجميع يبحثون عن دواء للتخلص من الشحوم المتراكمة على مستوى البطن والأبحاث متواصلة في هذا المجال، لكننا لا نزال عند مستوى الفئران فقط».
لكن هذا الطبيب ينصح أصحاب الكروش بممارسة الرياضة، لأنها تسمح وفقه بالتخلص من الشحوم الحشوية، ويضيف في حديثه عن مستقبل الأبحاث في هذا المجال «علينا أن ندرك ان هذا النوع من الإنزيمات يوجد في كل الجسم، لكن الأطباء لا يعرفون لحد الآن ما الذي يمكن أن ينجم عن إيقاف عمله على مستوى البطن».
هذه النقطة أشار إليها أيضا البروفيسور جان ميشال ليسارف من معهد باستور في مدينة ليل الفرنسية حيث يقول «هناك الكثير من الأنظمة الإنزيمية والهرمونية والعضوية التي لها علاقة بالبدانة. مهم جدا أن نحدد مسؤولية إنزيم ALDH1A1 في بدانة البطن، لكن لا يجب أن نستخلص النتائج بسرعة، لذلك علينا أن نكتفي الآن بأن نوصي الرجال والنساء بتخفيض عدد السعرات الحرارية التي يتناولونها يوميا وممارسة الرياضة».