الفضائح الأمنية تزلزل الجيش الإسرائيلي

من طرف **عبدالحفيظ عوض ربيع** 2010-04-16, 5:18 pm

جنود من الجيش الإسرائيلي

الفضائح الأمنية تزلزل الجيش الإسرائيلي
جاءت القضية الأخيرة المتعلقة بالصحافي أوري بلاو وزميلته عينات كام لتكشف مرة أخرى عن حجم الهوان والسذاجة الأمنية والاستهتار الذي يسيطر على تعامل المسؤولين الإسرائيليين مع قضايا البلاد المصيرية، والأخطر أنها كشفت عن حجم الاستهزاء بأمن هذه الدولة المحاطة بالأعداء من كل جانب.

بداية تعود هذه القضية إلى ديسمبر من العام الماضي عندما منعت المحكمة من تناولها عبر وسائل الإعلام وبقوة القانون بسبب خطورتها وإمكانية إصابة الشعب بالإحباط عند سماعه تفاصيلها, إلا أن المؤسف أن وسائل الإعلام العربية والعالمية تناولت هذه القضية وتحدثت عنها, خاصة أن بلاو سافر إلى لندن هروبا مما أسماه بالأجواء الخانقة في إسرائيل واستقر هناك.

إن تفاصيل هذه القضية وببساطة هي أن الصحافية "عينات كام"، التي أتهمها الادعاء العام بالتجسس رسميا، خدمت في مكتب رئيس هيئة الأركان واستطاعت الحصول على تفاصيل سرية لعمليات الجيش الإسرائيلي حالة اندلاع الحرب في غزة، وهي الوثائق التي لا يمكن وبأي حال من الأحوال السكوت على فضيحة تسريبها, حيث تحتوي على العديد من المعلومات الخطيرة بداية من أسماء عملاء إسرائيل في القطاع, والموقع الذي من الممكن أن يتواجد فيه الجندي المختطف جلعاد شاليط, والأهم المواقع الاستراتيجية التي تتخذها الجماعات الفلسطينية المسلحة مركزا للهجوم على إسرائيل, بالإضافة إلى أسماء المسلحين والنشطاء الفلسطينيين الخطيرين أمنيا على إسرائيل, وطرق إسرائيل لمعرفة أدق المعلومات عن أنشطة حماس السياسية أو العسكرية في القطاع, والأخطر من هذا كله تفاصيل التعاون مع بعض الدول العربية من حولنا للتصدي بقوة لخطورة حركة حماس.

ونتيجة لأهمية هذه الوثائق أشار رئيس جهاز المخابرات العامة يوفال ديسكن صراحة إلى أن هذه الوثائق التي سربتها "كام" تعتبر بمثابة الحلم الذي تتمنى أي دولة معادية لإسرائيل الحصول عليه، وأشار ديسكن إلى أن عدد الوثائق البالغ 2000 ورقة بالإضافة إلى المعلومات الموجودة بها يجعل فقدان إسرائيل لها بمثابة كارثة خطيرة لا يمكن السكوت عليها بأي حال من الأحوال.

الخطير في هذه الوثائق أنها تثبت أن القيادة العسكرية الإسرائيلية قررت منح الضوء الأخضر للعسكريين لاغتيال أي مسؤول فلسطيني يرغبون فيه مهما كان الثمن, حتى إن كان هذا الأمر سيتسبب في اغتيال أو إصابة مدنيين فلسطينيين آخرين معه، وهو أمر خطير للغاية, خاصة أن قضية اغتيال الجيش الإسرائيلي للمدنيين الفلسطينيين تعتبر واحدة من القضايا التي تسبب قلقا بالغا لإسرائيل لعدة أسباب, أبرزها أن السلطة الفلسطينية ومعها العديد من الدول العربية تتهم إسرائيل صراحة بأنها تغتال المدنيين الفلسطينيين بلا رحمة.

الأهم من هذا أن هذه الاتهامات تحولت إلى خطوات قانونية وعملية في الكثير من دول العالم, وأثرت بصورة سلبية على تحركات القادة والمسؤولين السياسيين الإسرائيليين, ومنعت العشرات منهم من السفر إلى الخارج, وبالتحديد أوروبا, بسبب صدور مذكرات اعتقال للعديد منهم. ومن أبرز هؤلاء الوزير موشيه بوجي يعالون رئيس هيئة الأركان الأسبق, والجنرال دان حالوتس رئيس هيئة الأركان السابق, ووزيرة الخارجية السابقة والزعيمة الحالية لحزب كاديما تسيبي ليفني, وغيرهم من كبار القادة والمسؤولين الذين تتهمهم الكثير من القيادات الأوروبية بأنهم يدعمون قتل المدنيين الفلسطينيين بلا رحمة, وبالصورة التي تتناقض مع مبادئ القانون الدولي الخاص بحماية هؤلاء المدنيين.

عموما, إن قضية كام تعتبر واحدة من أخطر القضايا التي تواجه البلاد منذ فترة, ويجب التروي والتحفظ حيال ما يتم تداوله من معلومات خطيرة تتعلق بهذه القضية, والاعتراف صراحة بأن هناك خللا قويا في الأمن الداخلي بهيئة الأركان وبقية المؤسسات الأمنية الكبرى في البلاد, سواء كانت هيئة الأركان أم وزارة الدفاع, خاصة إن وضعنا في الحسبان أن هذه ليست المرة الأولى التي تسرق فيها وثائق إسرائيلية بهذه القيمة الغالية من هيئة الأركان أو غيرها من المؤسسات.

إن هذه القضية تقرع جرس إنذار قويا موجها ضدنا, يفرض علينا ضرورة توخي الحذر في التعامل مع هذه القضايا, نظرا لخطورتها وتأثيرها السلبي ليس فقط على أمن الدولة, ولكن على نفسية الإسرائيليين ممن يرون البلاد يوميا عرضة لهذه الأخطار الأمنية المحدقة بهم.
المصدر: alarab.com.qa