الثورة للشعب والسلطة للجيش ?

ثورة الشباب الغاضب حققت هدفها المحوري الأول: إسقاط النظام بإجبار الرئيس الذي هو النظام في مصر على التنحي. وهي فعلت بالتظاهر السلمي في 18 يوماً هزت المنطقة والعالم ما عجزت عن فعله بالسياسة خلال ثلاثين عاماً أحزاب المعارضة وجماعة الاخوان المسلمين وما لم تستطعه التنظيمات الأصولية الجهادية بالعنف. لا بل سجلت في ميدان التحرير في القاهرة بداية تاريخ جديد لمصر والعالم العربي بعد عقدين من خرافات أميركا حول ما سماه فرنسيس فوتوياما (نهاية التاريخ).

لكن المهمة الدقيقة للثورة بدأت الآن عبر الحاجة الى الاصرار على تحقيق الأهداف كاملة في اقامة نظام جديد. فالرئيس حسني مبارك الذي تخلى عن منصبه مكرهاً بعد طول مماطلة وعناد (كلف المجلس الأعلى للقوات المسلحة ادارة شؤون البلاد). وهذا هو السيناريو الذي كان جاهزاً منذ البدء كخيار أخير بديل من الخيارات المرفوضة شعبياً. وهو مطلوب أميركياً ومقبول شعبياً كمرحلة موقتة ومريح نسبياً للأنظمة الخائفة من الثورات. واذا كان الابتهاج في الشارع بالنصر كبيرا، فان من الصعب تجاهل أسئلة تحتاج الى أجوبة سريعة: هل المعادلة هي: الثورة للشعب والسلطة للجيش? هل الحلم الشبابي الذي أنهى كابوساً طويلاً مهدد بألعاب تقود الى كابوس جديد? وما هي الأدوات والوسائل التي تضمن للشعب بعدما أمسك بمصيره أن يكمل تحقيق الأهداف?



المجلس الأعلى للقوات المسلحة قدم في البيان رقم 3 تطميناً واضحاً الى انه (ليس بديلاً من الشرعية التي يرتضيها الشعب). لكن الخطوات والتدابير والاجراءات التي وعد باتخاذها لا تزال غامضة بالنسبة الى الأساس في المرحلة الانتقالية قبل الحديث عن التفاصيل.

هل تكون خارطة الطريق محكومة بآليات النظام ودستوره المعدّل? هل تنطلق المرحلة من كون الدستور سقط مع النظام ورئيسه ومجلسي الشعب والشورى، ولا بد من العمل انطلاقا من الشرعية الشعبية التي حققتها الثورة? ما هو دور نائب الرئيس عمر سليمان ما دامت السلطة في يد المجلس الأعلى للقوات المسلحة? ماذا عن حكومة أحمد شفيق التي ليست حكومة تضم ممثلين لشرائح المجتمع المصري? هل يدير الجيش (سلطتين) في آن، واحدة سقطت وأخرى لم تتكون بعد? أليس الحد الأدنى للاعتراف بالمطالب المشروعة للشعب هو التفاهم على (مجلس تأسيسي) يضع دستوراً جديداً لنظام برلماني أو رئاسي معدل، ثم يتم الاستفتاء على الدستور لإقراره واجراء انتخابات رئاسية ونيابية على أساسه?

شعب مصر انتصر لنفسه ولأشقائه العرب، لكن النصر لن يكتمل من دون العبور الى دولة مدنية في نظام ديمقراطي.

مشكور.. للتغطية الرائعة..