من تشاوشيسكو إلى القذافي لماذا لا يُصدِّق الطغاة أنهم ينتهون

زين العابدين بن علي، حسني مبارك، واليوم معمر القذافي، وقبلهم جميعاً صدام حسين، إنها نهايات الطغاة وعميدهم أحدثهم في السقوط:

معمر القذافي، إثنان وأربعون عاماً في الحكم بدأها عام 1969 معاصراً ريتشارد نيكسون في الولايات المتحدة الأميركية، ونيكيتا خروتشوف في الإتحاد السوفياتي وجورج بومبيدو في فرنسا وغولدا مائير في إسرائيل، غابوا جميعاً وخَلَفهم كثيرون وبقي الطاغي متربِّعاً على كرسيه.

الرئيس العراقي المخلوع صدَّام حسين وسَّع قبوره وقصوره، ملأ القبور بالخصوم، وملأ القصور بالأوسمة والنياشين والألقاب والرتب التي كان يمنحها لنفسه، قصوره في بغداد كانت تضيق بها العاصمة، فانتهى به الأمر في حفرة لا تحوي سوى على ما يحتاج إليه الكائن البشري من مأكل ليستطيع البقاء على قيد الحياة.



* * *

لم ينتهِ الرئيس العراقي المخلوع وحده بل انتهى معه ولداه اللذان كانا شريكين له في الديكتاتورية:

عدي وقصي.

في تونس إنتهت (أمجاد) الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي بمقعد طائرة أقلته إلى المنفى، لم تنفعه سبائك الذهب المكدَّسة في قصوره، كما لم تنفع زوجته الثروات الموزَّعة في المصارف وداخل جدران القصور، فالطغيان كانت كلفته أكبر بكثير من تلك السبائك والثروات.



* * *

مصر، أم الدنيا، حوَّلها الرئيس المخلوع حسني مبارك إلى (أم الديكتاتوريات):

إعتقد نفسه أنه الهرم الرابع وأنه آخر الفراعنة فاقتنص (عرش الثورة) على مدى ثلاثين عاماً كان يريد أن يُوصلها إلى الستين عاماً ولكن عبر (التوريث الرئاسي) لنجله جمال. لكن الأمر انتهى به في سرير وراء قضبان عدالة الثورة التي أطاحته من كل قصوره. فكان المشهد مُعبِّراً وراء الزنزانة مع ولديه:

جمال وعلاء.



* * *

ووصل الأمر إلى عميد الطغاة:

معمَّر القذافي. غالباً ما كان يصف الثوار بالجرذان فانتهى به الأمر جرذاً في قناة مياه تحت الأرض.

المسألة لم تعد ترتبط بعلم السياسة لمعرفة هذه الأنظمة بل بعلم النفس لمعرفة سلوكيات هؤلاء الزعماء الذين لا يُصدِّقون انهم ينتهون.

القذافي حكم ليبيا إثنين وأربعين عاماً وكان يُهيئ نجله سيف الإسلام ليورِثه (الكتاب الأخضر)، إستباح ليبيا ونهب ثرواتها لكنه قُتِل برصاصتين كانتا كافيتين لإنهاء حلم الديكتاتوريين.



* * *

وكما عند العرب، فإن التاريخ المعاصر يحفل بأمثلة مشابهة، مَن كان يُصدِّق أن تشاوشيسكو سيترك الحكم يوماً.

إن دروس الربيع العربي يجب أن تُشكِّل أمثولة لجميع الزعماء الذين عليهم أن يبادروا إلى خطوات ضرورية قبل أن يداهمهم الربيع الجارف.