ليبيا تستعيد "الصندوق الأسود" للقذافي: صفقة مالية خلف تسليم

من طرف اسماعيل ادريس 2012-09-05, 10:12 pm

طرابلس- العرب أونلاين - الشبكة الليبية للإعلام - LNM

في ثاني "خبطة" من نوعها في ظرف أقل من ثلاثة أشهر، تمكنت السلطات الليبية من استعادة رئيس مخابرات معمر القذافي عبد الله السنوسي من موريتانيا، في صفقة لم تكشف تفاصيلها، لكن متابعين للملف يجزمون بأنها تضمنت مغريات مادية ليبية لموريتانيا التي تمرّ بأزمة اقتصادية خانقة.

فبعد نجاح ليبيا في جلب رئيس وزراء القذافي البغدادي المحمودي من تونس أواخر حزيران الماضي، متجاوزة عوائق حقوقية وقضائية وضعتها أطراف تونسية، أعلن أمس في طرابلس ونواكشوط عن تسليم الأخيرة عبد الله السنوسي الذي يوصف بـ"الصندوق الأسود" لنظام القذافي إلى سلطات بلاده وذلك في أعقاب زيارة قام بها وفد ليبي إلى موريتانيا ضم بالخصوص وزيري العدل علي حميده شعبان والمالية حسن مختار حميده بن زقلان.

ووجود الأخير ضمن الوفد هو ما رجح لدى المراقبين وجود صفقة مالية خلف موافقة السلطات الموريتانية على تسليم السنوسي.

وقال مصدر حكومي ووكالة الأنباء الموريتانية أمس إن موريتانيا سلمت عبد الله السنوسي إلى ليبيا.

ومن جهة ثانية ذكر مصدر ليبي وصفته وكالة الأنباء الألمانية بالمطلع أنه "تم التسليم وفق الإجراءات القانونية".

ومن جهة ثالثة صرح مسؤول موريتاني لوكالة الأنباء الفرنسية أن عبد الله السنوسي الرئيس السابق لاستخبارات معمر القذافي "غادر فعلا موريتانيا"، فيما نقل موقع "صحراء ميديا" الموريتاني عن الإذاعة الموريتانية أن سلطات نواكشوط سلمت ليلة الثلاثاء الأربعاء مدير المخابرات الليبي السابق عبد الله السنوسي إلى الحكومة الليبية، وأن طائرة خاصة ليبية نقلته من العاصمة نواكشوط إلى العاصمة الليبية طرابلس رفقة وزيري العدل والمالية الليبيين.

ولتسلُّم السلطات الليبية الجديدة للسنوسي أبعاد اعتبارية في ترسيخ مفهوم عدم الإفلات من العقاب في ليبيا الثورة، وفي تمكين شرائح واسعة من الليبيين ظُلمت في عهد القذافي وعلى أيدي جلاديه وفي مقدمهم عبد الله السنوسي من الاقتصاص بالقانون ممن ظلمها، فإن له فوائد عملية أيضا باعتبار القيمة العالية والكم الكبير من الأسرار والمعلومات التي يمتلكها السنوسي بحكم موقعه في نظام كان يدير الدولة على طريقة العصابات المنظمة.

ويمكن للسنوسي أن يكون مفيدا في استعادة أموال ليبية كثيرة هربها القذافي وحاشيته إلى وجهات وحسابات مجهولة.

وحتما ستساعد معلومات السنوسي في فك الكثير من أسرار فترة حكم القذافي على نطاق محلي وأيضا إقليمي ودولي.

كذلك يعد تسلم السنوسي نجاحا كبيرا للسلطات الليبية، حيث كان الرجل محل سباق دولي عليه.

وقد أبدت عديد الدول اهتماما بملف السنوسي من بينها لبنان على خلفية المصير الغامض للإمام الشيعي موسى الصدر، وفرنسا التي كانت دائما في تقاطع مع نظام القذافي وتواجهت معه في حرب بالوكالة في تشاد، وتتهمه بالقيام بأعمال إرهابية ضدها، قبل أن تتصل حبال الود بين الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي والعقيد القذافي، لتروج بعد ذلك شائعات عن تلقي الأول أموالا من الثاني في حملته الرئاسية لسنة 2007.

وبذلت طرابلس منذ الإعلان عن اعتقال عبد الله السنوسي في آذار- مارس الماضي جهدا كبيرا لزحزحة الموقف الموريتاني الذي طالب بضمانات لمحاكمة عادلة له وبعدم تعرضه للتعذيب أو سوء المعاملة طبقا للقوانين الدولية.

غير أن ملاحظين اعتبروا الموقف الموريتاني من قبيل المساومة كون نواكشوط كانت تعرف قيمة "الصيد" الذي بيدها.

وحضور وزير المالية الليبي ضمن الوفد الذي تسلم السنوسي كان ذا دلالة في هذا الباب، حيث لا يستبعد أن يكون الملف أغلق بصفقة مالية، على غرار ملف تسلم رئيس وزراء القذافي البغدادي المحمودي من تونس.

وقبل التسليم راجت مخاوف من أن تبدأ في موريتانيا عملية بيع بـ"المفرق" لأسرار السنوسي.

وأثار ملاحظون تلك المخاوف بمناسبة زيارة وفد لبناني إلى نواكشوط في محاولة لمعرفة مصير الصدر.

وكان وزير الخارجية اللبناني ترأس الأحد الماضي وفدا إلى موريتانيا في زيارة هدفت إلى حث سلطاتها للمساهمة في التحقيق حول اختفاء رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان موسى الصدر في 1978 بليبيا.

ولم يستبعد ملاحظون أن تكون نواكشوط قد حددت مع ليبيا، ومنذ مدة موعد تسليم السنوسي، ولذلك سمحت للبنانيين باستجوابه في الساعات الأخيرة قبل ترحيله