من ذاكرة ثورة 17 فبراير ... السبت الاسود

شاهد الفيديو فى اخر الموضوع

السبت الاسود

كانت التغريدات هذا المساء تتوالى على شاكلتها المعتادة ، جمل قصيرة مختصرة وردود أفعال خاطفة تسرقها التغريدة التي تليها ، ولكن قام علي الطويل @Alitweel بإضافة رابط فيديو لأحد الثوار من مدينة إجدابيا من الذين خرجوا من المدينة فراراً مما أرتكبته الكتائب هناك ، وهو الشاب الذي رأيناه جميعاً على قناة الجزيرة وهو يحلف بالله مهدداً معمر القذافي ويقول : ” والله لو قتلوك نطلعك من قبرك وندور عليك مش زنقة زنقة .. حفرة حفرة ، فأثار هذا الفيديو تيمور عبد العزيز @taimur_ly وهو الآن مقيم ببنغازي التي ذهب إليها عند بداية الثورة ربما يوم 15 أو 16 فبراير وهو شاب متزوج محترم يعمل لدى شبكة العنكبوت كمصمم مواقع إلكترونية وقد شهد أغلب الوقائع التي دارت في مدينة بنغازي فأخذ يروي لنا تفاصيل المواجهة مع رتل القذافي الذي جاء بطول 60 كيلومتر كما زُعِم وعن مقاومة أهل بنغازي .. فقال :



@AliTweel‏ ‎@Ennaas‏ بمناسبة هذا الفيديو ساذكر في التغريدات القادمة بعض الحقائق بخصوص يوم 19 مارس .. يوم وصول ارتال الكتائب لبنغازي



ليلة 19 مارس كانت ليلة الاشاعات بامتياز فقد ذكرت الوكالات بأن الارتال تبعد 50كم وكذلك الراديو المحلي الذي طالب الكل بالخروج للدفاع عن بنغازي

في الوقت الذي كان الجميع في حالة ترقب خرج العقيد حامد الحاسي على العربية ليكذب هذا الخبر ويقسم بأن الارتال لاتزال خارج اجدابيا

وبعد تصريح الحاسي تغير خطاب الراديو الذي كان يدعونا للجهاد الى خطاب اخر يقول ان كل الموضوع هو اشاعة ولاخطر على بنغازي .. مما جعلنا في حيرة

قمت حينها بجولة بالسيارة في شوارع المدينة لاجدها في حالة ترقب شديد فكل من يحمل قطعة سلاح او عصا او سيف خرج للشارع وهو في حالة انتظار العدو

عدد من العائلات ليلة 19 مارس بدئت فعلياً في النزوح الى مدينة المرج والبيضاء مع منتصف الليل خوفاً من جحافل وارتال الموت القادمة . ‎#libya‏

تلك الليلة لم يغمض لاحد جفن فقد كان الشباب يعدون المتاريس ويقفلون الشوارع بالسدود ويتجهون للمدخل الغربي للمدينة في انتظار القادم ‎#libya‏

الخبر لم يكن اشاعة وكانوا فعلاً على بعد 50 كم عند منتصف الليل وقد استخدموا في تقدمهم السريع هذه حوالي 2000 صاروخ جراد في الطريق الى بنغازي

سكان بنغازي سمعوا صوت اول انفجار الساعة 5 صباحاً تلته عدة انفجارات كانت تهتز لها البيوت وكانت تبث الرعب في قلوب النساء والاطفال

في الوقت الذي كانت اصابع رجال بنغازي على الزناد في انتظار المرتزقة كانت هناك ارتال من رجال المدن الشرقية يتوافدون على بنغازي للدفاع عنها

استمرت الانفجارات حتى طلوع الضوء اي حوالي الساعة 7 صباحاً حينها بدئنا نرى طائرات للقذافي تطير على ارتفاع عالي وتقصف منطقة بوعطني ‎#libya‏

كانت حالة الكتائب هذه نتيجة لاخبار خاطئة وصلتهم من قياداتهم ومن سيف نفسه مفادها بأن كل المقاتلين والقيادات قد هربوا لمصر وان بنغازي خالية

مع طلوع الضوء ايضاً وصلت الارتال الى بوابة بنغازي الغربية وتحديداً منطقة قاريونس وكانوا في حالة احتفالية يطلقون النار ويلتقطون الصور

في الوقت الذي وصلت فيه الكتائب قامت خلايا نائمة من بقايا اللجان الثورية بالخروج من وسط المدينة واصبحوا يطلقون النار عشوائياً على الجميع

هذه الخلايا النائمة خرجت من بعض المدارس الخالية حيث كانت تختبئ .. وغدروا بمن اعطاهم الأمان .. فما كان الرد عليهم الا بجزاء عملهم

في الوقت الذي كانت طائرة القذافي تقصف بوعطني شاهدنا طائرة نسور الجو وحماة بنغازي ” الصلابي والسمين والعقيلي” تشق الجو لتحمي عرين الثورة

لاننسى ايضاً الشهيد بأذن الله اّمر السرب العمودي بقاعدة بنينة الجوية العميد طيار حسين عوض الورفلي الذي كان له دور كبير في تاخير وصول الكتائب

اثناء ملاحقتي لطائرة القذافي بالنظر ومع اقترابها من حي الدولار شاهدت وميض منها اسفر عن انفجار قوي جداً تسبب في وقوع والدتي من الدرج لقوته

لنعلم بعدها انه اصاب منزل في نفس الحي وتسبب في مقتل العديد من افراده وقد قام الشجاع الشهيد محمد نبوس بالذهاب فوراً للمنزل وتصويره

بالنسبة للارتال فقد كانت بداية منطقة الرحبة هي اخر نقطة وصلوا لها ليكتشفوا بعدها انهم دخلوا المكان الخطاء فقد فتحت عليهم ابواب الجحيم

خرج لهم شباب بنغازي مع من انضم لهم من المدن الشرقية ليمطروهم بكثافة نارية جعلتهم كعصف مأكول فقد كانت النيران من كل حدب وصوب

تزامن ذلك مع خروج كتيبة كانت في منطقة القوارشة لتشق الارتال من المنتصف في عملية انتحارية جعلت الكتائب تطلق النار على بعضها فقد ظنوا الخيانة

اهالي بنغازي كانوا منذ الليل قد اخلوا كل المساكن الموجود في مدخل بنغازي الغربي المعروف بطريق طرابلس من السكان لعلمهم بأن المنطقة ستشهد معارك

بالنسبة لطائرة نسور بنغازي فقد احدثت الضرر الاكبر بالكتائب ولكنها للاسف تعرضت لنيران كثيفة ومنها نيران صديقة تسببت في اسقاطها في حي الفويهات

لازلت اذكر الالم الذي اعتصرنا عندما شاهدنا دخان متصاعد لنعلم بعدها بأنه لطائرتنا الوحيدة التي كان الأمل فيها كبير بعد الله لانقاذ بنغازي

كانت الضربة القاضية للارتال هي وجود النخبة في المقدمة وهم من تلقى الهجوم الساحق من سكان المدينة مما ادى الى تشتت رتل الموت البالغ طوله 60 كم

تلك اللحظة وعند الانقضاض على الرتل سمع احد سكان القوارشة عبر الاسلكي احد القيادات وهو يصرخ قائلاً ” قلتلكم بنغازي مش حتدخلوها ولو بجيش جرار”

هذا الشخص هو رجل كبير بالسن قام بتقديم هذه الشهادة على منصة الاعتصام بمحكمة بنغازي بعد ان اقسم بأنه سمعها

بعد تلقيهم لتلك الكثافة النارية هرب عدد كبير من المرتزقة للاختباء في جامعة قاريونس فما كان الا اللحاق بهم وقتلهم واسر بعضهم وكان بينهم رتب

طائرة القذافي لم تضرب المدينة بكثافة لنقص امدادات الوقود لها فقد كان هدفها هو منطقة بوعطني حيث المعسكرات وتحديداً مقر اللواء عبد الفتاح يونس

لم ياخذ ذلك الرتل الجرار الذي كان طوله 60 كم وهو الذي كان مجهز بكافة الاسلحة الثقيلة الا 4 ساعات فقط ليكون قد انسحب مدحوراً خارج بنغازي

هربوا جارين ذيول الخيبة والهزيمة بعد ان قتل العدد الكبير منهم وتركوا ورائهم سياراتهم واسلحتهم والدبابات وشي لايصدق انه كان سيستخدم ضد مدنيين

كانت حصيلة 4 ساعات شرسة من القتال للدفاع عن بنغازي هي 96 شهيد قدموا ارواحهم الطاهرة لحماية عاصمة الثورة والتي ربما كان بسقوطها ستقمع الثورة

بحلول الساعة 10:30 صباحاً كان ماتبقى من كتائب القذافي خارج بنغازي بحوالي 40-50 كم وحينها كانت بنغازي تحصي شهدائها وتحتفل في الشوارع بالنصر

انتصرت بنغازي في ذلك اليوم ولكن خطر الكتائب لم ينتهي فقد كانت بقاياها تتجمع على بعد 50 كم حتى جائتها الطائرات الفرنسية لتقصفها بعد 8 ساعات

الطائرات الفرنسية قصفت الاليات الثقيلة للكتائب المتجمعة خارج بنغازي ب 50 كم تمام الساعة 6:30 مساءً بتوقيت ليبيا اي بعد 13:30 ساعة من وصولها

بعد قصف الطائرات الفرنسية للارتال هربت بعض الفلول منها بالسيارات الخفيفة لتتجمع في البوابات الشرقية والغربية لمدينة اجدابيا

بدأ الزحف من جديد نحو تحرير اجدابيا والذي كان بعد 9 ايام من ذلك اليوم ليقول ذلك الثائر كلمته الشهيرة ” اجدابيا حررررناها” رحمه الله

اردت ان اوضح في كلامي السابق الدور البطولي الذي قام به اهالي بنغازي والمدن الشرقية لصد لواء مجحفل طوله 60 كم من القتلة المدججين باسلحة الموت

وذلك لكي نعطي شهدائنا الـ96 وجرحانا والطيارين الابطال حقهم فهم من تلقى الضربة الاولى وهم من حمى بنغازي بعد الله

ماجعل بعض الناس وخصوصاً الاعلاميين ينسبوا الفضل الاول للطيران الفرنسي هو الضعف الاعلامي وعدم توثيق ذلك اليوم بالشكل المطلوب

كان الجميع مشغول برفع السلاح والدفاع عن بنغازي ولم يلتفت احد لتصوير هذه الملحمة البطولية الابعض الفيديوات القليلة والتي لاتعبر عن 10% مماحدث

ويجب الاشارة هنا لاحد الابطال الذين تفطنوا لضرورة التوثيق واستشهد وهو يحاول نقل حقيقة ماجرى لبنغازي يوم السبت الاسود .. انه الشهيد محمد نبوس

حقائق يجب التاكيد عليها لانها غير واضحة للبعض اهمها بأن الطيران الدولي قام بأول ضربة له بعد 13 ساعة من وصول الكتائب وليس لحظة وصولها

حدث جدير بالذكر ليلة 19-3 وهو ابحار جرافة محملة بالسلاح وعدد من المقاتلين من ميناء بنغازي الى مصراتة .. لم تنسى بنغازي اختها في اصعب الاوقات

مشهد اخر رائع وهو استقبال اهالي المرج والبيضاء وشحات ودرنة للعائلات النازحة ذلك الصباح وهم يحملون مفاتيح بيوتهم في ايديهم ليقدموها لهم

حاولت من خلال التغريدات السابقة ان اسرد جزء مما حفظته ذاكرتي بخصوص وصول الكتائب لمدينة بنغازي يوم 19 مارس “السبت الاسود” فعذراً للاطالة.

Benghazi Black Saturday السبت الاسود
https://www.youtube.com/watch?v=YNtuCxItDyY&feature=player_embedded