لماذا أعدموا عمر المختار ولماذا هدموا ضريحه؟!؟

من طرف **بوفرقه** 2012-09-18, 8:06 am

لماذا أعدموا المختار ولماذا هدموا ضريحه؟!؟
- في ذكرى إستشهاد المختار وذكرى نفي ضريحه وإزالته من وسط بنغازي! -

في مثل هذا اليوم 16 سبتمبر من عام 1931 قام "الدوتشي موسوليني" - حاكم إيطاليا - بإعدام "سيدي عمر المختار" شنقا ً في قرية "سلوق" أمام جموع من الشعب الليبي!.. والكل يعرف بشكل يقيني لماذا قرر الطاغية "موسوليني" إعدام شيخ المجاهدين وبطل المقاومة الوطنية في ليبيا "عمر المختار" فالسبب واضح والدافع معروف لدى الجميع ولا يحتاج إلى بحث وتفتيش! .. ولكن وفي مثل هذا اليوم أيضا َ أي في 16 سبتمبر من عام 1980 (*) قام "الدوتشي معمر القذافي" - حاكم ليبيا - وبقرار فردي مفاجئ ببقر بطن بنغازي وإخراج "رفات" شيخ الشهداء ونقلها إلى ضريح آخر بناه بالقرب من قرية "سلوق" النائية!!.. وقام القذافي يومها بهذه الفعلة النكراء على الرغم من علمه بعدم رضا جماهير الليبيين وأهالي بنغازي عن هذه الخطوة الغريبة والشاذة والسوداء بما فيهم إبن الشهيد نفسه "الحاج محمد عمر المختار" الذي يبدو من كلامه [1] أنه قد أجبر على حضور تلك "الجريمه" رغم عدم موافقته على نقل الضريح !!!.. حيث أن العقيد القذافي في ذلك الوقت أقدم على هذه الخطوة الشاذة الشنعاء والفعلة النكراء بقرار فردي مفاجئ ولدوافع وأسباب غامضة ودون أن يستشير الليبيين ولا المؤتمرات الشعبية ولا حتى أهالي بنغازي!.. مبررا ً يومها تلك الفعلة النكراء والغادرة بقوله "بما أن عمر المختار كان قد تم إعدامه في "سلوق" لذا ينبغي أن يكون ضريحه هناك في "سلوق" لا هنا في بنغازي"!!! .. فهذا هو ما ذكره القذافي يومها وحاول من خلاله تبريره لتلك الفعلة السوداء! .. وكان قد ألقى هذه "الحجة" الواهية وهذا"التبرير" السخيف يومها على أسماع الناس بإسلوب إستعلائي حاسم وحازم وعلى طريقته العسكرية في إملاء رغباته وسياساته وتصرفاته الديكتاتورية على الليبيين في ذلك الوقت حيث كان في تلك الأيام ينهي خطاباته وتوجيهاته الصارمة في الغالب بالقول: "مفهومه هذي!؟.. خلاص محسومه!.. معناها ما ينبغي يناقشني فيها حد"!!. وهكذا تم يومها في مثل هذا اليوم المشؤوم 16 سبتمبر من عام 1980 وبحضور بعض الرؤوساء العرب [2] نفي جثمان وضريح شيخ الشهداء بقرار فردي ومفاجئ ومزاجي من العقيد القذافي إلى قرية سلوق النائية وسط ذهول وإستغراب وحزن الليبيين وخصوصا ً أهالي بنغازي ودون أن يُسمح لأحد منهم أن يناقش هذا القرار الغريب والمفاجئ ولو ببنت شفة!..حيث أن القذافي - وفي ذلك العام نفسه - كان قد أعلن عن البدء في نهج "التصفية الجسدية" لمن أطلق عليهم صفة "أعداء الثورة" و"أعداء سلطة الشعب" من أبناء الشعب الليبي في الداخل والخارج وحرض حركة اللجان الثورية بإصدار بيان بهذا الخصوص!.. ولذلك سادت يومها أجواء الخوف كل أنحاء البلاد وعم الرعب ولم يعد في إمكان أحد من الليبيين أن يقول: لا.. أو يعترض على أراء وتوجيهات "القايد الملهم" و"المعلم""نبي الجماهير"!.. فمن يعارض منهم فمصيره معلوم ومحتوم وقد حدده العقيد القذافي مسبقا ً في خطاب ٍ له مشهور حرض فيه على السحق والمحق والدوس بالأقدام قائلا ً: ((مافيش حاجه إسمها معارضة!!.. إللي يعارض ويقول لا.. أقطعوله راسه ولوحوه في الشارع)) وهو ما نفذته بالفعل مجموعات من اللجان الثورية والحرس الثوري في عدة ليبيين في الخارج والداخل على السواء حيث كان "الشهيد ضيف الغزال" آخر ضحايا هذه التوجيهات الدمويه والتحريضات الإرهابية التصفوية!.. ومن يدري فلعله لن يكون الأخير!.

ماهو غرض القذافي ودافعه الحقيقي من نفي وهدم الضريح!؟

لأن التبرير التافه والسخيف الذي ذكره القذافي يومها كغطاء ٍ لنقل جثمان الشهيد وتبديل محل ضريحه لم يقنع أحدا ً لهذا تعددت محاولات الليبيين في تفسير حقيقة دوافع العقيد القذافي وأغراضه الحقيقية – غير المعلنة - من هذه الفعلة المنكرة السوداء فبعض الليبيين قال أن غرضه الحقيقي إنما هو طمس أي شئ وأي معلم عمراني يذكر الليبيين بالعهد الملكي!.. وقال البعض الآخر أن القذافي في الحقيقة يغار من شخصية عمر المختار بإعتباره قد أصبح هو رمز ليبيا الوطني بلا منازع ولذلك أراد بإبعاد الضريح إفساح المجال له ليحل محله في مشاعر الأجيال الجديدة من الليبيين! ..وقال آخرون أن القذافي أبعد الضريح لأنه إكتشف بأنه لا يمكن الفصل بين عمر المختار والحركة السنوسية وإدريس السنوسي بشكل من الأشكال إذ أنه مرتبط في جهاده بالحركة السنوسية عضويا ً وروحيا ً ودينيا ً وسياسيا ً فهو "سنوسي" العقيدة والولاء!.. وقال آخرون أنه فعل ذلك بطلب ملح ومتكرر من أصدقائه الطليان في الحكومات الإيطالية المتعاقبه بدعوى أن وجود الضريح وسط بنغازي وعلى مرأي الناس بشكل دائم ومستمر سيظل يعكر صفو العلاقة بين البلدين ويورث الأحقاد ضد الطليان من الأباء إلى الأبناء بلا إنتهاء وبالتالي فإبعاد الضريح عن أنظار الأجيال الجديدة – بزعمهم – يُعد هو الخطوة الأولى والضرورية لتوطيد العلاقة بين البلدين والشعبين!!!.. وقال آخرون أن غرض القذافي من تبديل محل الضريح ونقله خارج بنغازي هو من باب الإنتقام والتشفي من أهالي بنغازي بسبب كثرة تمردهم ضده وذلك بحرمانهم من إحتضان هذا الرمز الوطني المجيد وحرمانهم من هذا الشرف الكبير!!… هناك من قال أن القذافي أراد أن يجعل من قبر أبيه "محمد بومنيار" هو "المزار الرسمي" في الدولة بدليل أنه بعد تغييب ضريح شيخ الشهداء وإبعاده خارج بنغازي إلى مكان ناء أصبح المزار الرسمي بالفعل هو قبر "بومنيار" لا "عمر المختار" !!…وهناك بالطبع تفسيرات أخرى كثيره ولكني ذكرت هنا أهمها!.

من الذي نفذ جريمة هدم الضريح !؟

وعلى الرغم من نقل رفات الشهيد إلى الضريح الجديد المشاد بالقرب من قرية "سلوق" النائية فقد ظل الضريح الأصلي والقديم وسط الحديقة ووسط "جزيرة الدوران" وسط بنغازي مهجورا ً حزينا ً شاهدا ً على جريمة القذافي الغادرة وغير المفهومة وغير المبررة! .. ثم ومع مرور السنوات ومع الإهمال والفوضى الإدارية والأمنية في البلد وضعف الحس الوطني لدى الليبيين وإنشغالهم بهم المعاش وهم المآسي والكوارث التي إنصبت على رؤوسهم وتلاحقت عبر العقود بفضل الثورة وفعل الثوار!.. في خضم كل هذا الضياع العام وتلك الفوضى العارمة قام شخص مجهول بفتح باب الضريح عنوة ً ليصبح ضريح شيخ الشهداء بحكم الأمر الواقع "مبولة"(!!!؟؟) للمارة وللعمال العرب والأفارقة الباحثين عن عمل والجالسين في تلك الحديقة بإعتبارها مكان تواجدهم المعروف والمألوف!. ثم وفي عام 2000 وفي خضم حقد ونقمة "الساعدي معمر القذافي" على جماهير نادي (الأهلي/بنغازي) بسبب شغب كروي حدث يومها رفع فيه بعض المشجعين هتافات تسخر من الساعدي..قيل أن "العقيد الساعدي" - ومن باب التشفي والإنتقام - قام بهدم نادي الأهلي في الليل وفي الظلام والناس نيام [3] !!.. ليستيقظ أهالي بنغازي في ذلك اليوم المشؤوم خصوصا ً من يسكنون بالقرب من مكان الضريح على فاجعة وكارثة إختفاء ضريح شيخ الشهداء من بنغازي !!.

سليم نصر الرقعي