مقالات مختارة : نوري الرزيقي : لقد تحررنا وحررنا الوطن

نوري الرزيقي : لقد تحررنا وحررنا الوطن
25 سبتمبر 2012

فقد تحررنا وحررنا الوطن، كلمات عميقة بليغة نريد فهمها بعقولنا وقلوبنا قبل إنشادها بحناجرنا وألسنتنا. لقد تحرر الليبيون وحرروا الوطن بعد معاناة دُفع فيها الكثير ليصلوا بالوطن إلى نظام حكم يتناوب فيه المنتخبين على السلطة في ليبيا ويُشيّع فيه الليبيون حكم الفرد الأوحد، المفكر، المهندس، المعلم، المنظّر،المنقد؟ ليوارى هذا المفهوم الترى في المقبره، ويموت هذا المفهوم بإذن الله في بلدنا إلى الأبد. ولكنك تجد من بيننا من يزال يسوّق وينادي لفكرة ومفهوم الرجل الأوحد المنقد الفاهم لكل دهاليز السياسة والإجتماع والتطور، الذي بدونه لن تبنى ليبيا؟ فبه وعليه تعلق آمال الليبيين وطموحاتهم؟ ويا ويل ليبيا ويا حسرةً عليها والثبور ثم التعاسة ستلاحقها وتلاحقنا إذا لم نعي ونفهم أن مفاتيح الخير كله كبيره وصغيره كثيره وقليله هي بيدي هذا المنقد، ويالها من حسرة إذا لم نفهم ذلك ونقوم بدعم هذا الفذ البطل وإيصاله إلى السلطة لأننا حينها سنندم حيث لا ينفع الندم لعدم اختيارنا من يملك بساط سليمان عليه السلام ويستطيع أن يسخر لخدمتنا شياطين الإنس والجان ولا ننسى معهم الأمريكان، ويأمر الريح فتطير بنا وتجلب لكل واحد منا قصراً وسيارةً وزوجةً حسناء في طرفة عين؟ فيالها من خسارة؟؟؟
إن ليبيا وبحمد الله تعج بالكفاءات وفي جميع المجالات دون استثناء، فلماذا يصر البعض إلى العودة بنا إلى مربع العبودية والتمجيد للفرد القائد المنقد الذي لا يوجد غيره، إن هذا لشيءٌ عُجاب !!! أن يستخف البعض بعقولنا ليصوّروا لنا بأننا لن نبني دولةً بدون قيادة المنقد، الفاهم، الذكي العبقري، وكأن بقية الليبيين أغبياء لا يجيدون ولا يفقهون شيئا ؟ ونسوا أنهم بذلك يُحقّرون أنفسهم قبل غيرهم، فلما هذا الإصرار على قيادة عجلة ليبيا إلى الوراء، إلى النظام الأحادي الذي لا شك أنه نظام قد تجاوزه وعفى عنه الزمن بالنسبة لنا. لماذا الإصرار على اتهام الليبيين بعدم القدرة والحنكة والدراية والسياسة واختزال كل ذلك في شخص المنقد ؟ فوالله الذي لا إله غيره أن ليبيا بها كفاءات لا تقل عن الكفاءات العالمية في جميع المجالات، فكفانا بخسا وانتقاصا لرجالنا، وكفانا الفكر البالي فكر القائد والمنقد الأوحد ؟ فلا يلذغ المؤمن من الجحر مرتين، وسُمُّ اللذغة الأولى لازلت آثاره تؤلمنا ولم نشفى منه بعد.
وفي مغالطة كبيرة للحقائق يصر البعض أن انتخاب رئيس الوزراء الذي تم أخيرا بالمؤتمر الوطني في أول اختيار حر منذ عهد المملكة الليبية فيه التفاف على إرادة الشعب؟ ولا أدري ءأ الشعب الليبي يقصدون أم غيره ؟ أم هو أيضا نوع من الإستخفاف بالعقول مرة أخرى ؟ نعلم أن 80 ثمانون مقعدا مخصصا للأحزاب والذي فاز فيه حزب التجمع الوطني بأغلبية المقاعد يليه حزب العدالة والبناء، و يأتي المستقلون ليكونوا 120 المائة والعشرون مقعدا الباقية، أي أن الأغلبية في المؤتمر هي للمستقلين لا لغيرهم، وهذا هو الوضع الطبيعي لأن أغلبية الليبيين غير منضوين أو أعضاء في أحزاب، وهذا لا يختلف عليه عاقلان. أي أن المستقلين هم الذين يمثلون السواد الأعظم من المواطنين ويشكلون القوة الكبيرة لترجيح كفة الإنتخابات في المؤتمر، فلماذا يصر البعض لقلب الحقائق وتصوير الأمر بأن الأغلبية هي لحزب التجمع الوطني الذي يملك فقط 39 تسع وثلاثون مقعدا من أصل 200 مائتين، فمن أين جاءت هذه الأغلبية ؟ بل يتعدون ذلك بتصورهم أن فوز حزب التجمع الوطني هي مُسلّمة يجب أن نستسلم لها وإذا لم يفز صاحب 39 التاسع والثلاثون مقعدا من أصل 200 مائتين فالحرية في خطر، يا لها من حرية وياله من رأي سديد؟؟؟ أم هو قلب للحقائق وتصويرُ في غير محله ومحاولة استعداء فئة ضد أخرى ؟ من أجل مصالح حزبية وأفراد بعينهم بعيدا عن مصالح الوطن والمواطن، فأين نحن من تقديم المصلحة العامة عن مصالحنا الشخصية وعن مصالح أحزابنا ؟؟؟
متى نعي ونصل لتطبيق كلمات نشيدنا الوطني فقد تحررنا وحررنا الوطن ؟ فمتى تتحرر العقول والأنفس ونجعل التحرير واقعا ملموسا نعيشه في حياتنا ونحرر عقولنا من العبودية للفرد ؟ إلى العبودية لله وحده وليصبح الولاء لله ثم الوطن.
نوري الرزيقي