الزواج...

عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة )) متفق عليه.

*المقدمة:

إن الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ به من شرور أنفسنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب:71).
ألا وإن أحسن الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
أما بعد :-

* النكاح:

تعريفه في اللغة: الضم والتداخل.
وفي الشرع: التزويج أو العقد بين الزوجين يَحِلُّ به الوطء.

* الترغيب في النكاح:

لقد رغَّبَ الإسلام في الزواج بصورة مُتَعَدِّدة للترغيب فتارة يذكر أنه من سنن الأنبياء وهدي المرسلين، وأنهم القادة الذين يجب أن نقتدي بهداهم قال الله عز وجل: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً) الرعد من الآية 38 عن أنس رضي الله عنه (( أن نفرا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال بعضهم لا أتزوج النساء وقال بعضهم لا آكل اللحم وقال بعضهم لا أنام على فراش وقال بعضهم أصوم فلا أفطر فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ما بال أقوام يقولون كذا وكذا لكني أصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني)) متفق عليه،
وتارة يذكره في معرض الامتنان قال الله عز وجل: ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ) النحل من الآية72،
وأحياناً يتحدث عن كونه آية من آيات الله قال الله عز وجل: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الروم:21،
وقد يتردد المرء قبل الزواج فيُحْجِمُ عنه؛ خوفاً من الإثقال بتكاليفه، وهروباً من احتمال أعبائه فَيََلْفِتُ الإسلام نظره إلى أن الله سبحانه وتعالى سيجعل الزواج سبيلاً إلى الغنى، ويمده بالقوة، التي تجعله قادراً على التغلب على أسباب الفقر قال الله تعالى: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) النور:32،
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة حق على الله عونهم المكاتب الذي يريد الأداء والناكح الذي يريد العفاف والمجاهد في سبيل الله) رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وصححه الألباني.

* حكم الزواج:

يجبُ الزواج على كل شخصٍ يخشى العنت ((وهو الوقوع في الزنى والفجور)) فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ))قال الإمام النووي - رحمه الله - واختلف العلماء في المراد بالباءة هنا على قولين، يرجعان إلى معنى واحد أصحهما أن المراد معناها اللغوي، وهو الجماع، فتقديره: من استطاع منكم الجماع لقدرته على مُؤَنِهِ؛ وهي مؤن النكاح فليتزوج ومن لم يستطع الجماع لعجزه عن مُؤَنِهِ؛ فعليه الصيام ليدفع شهوته ويقطع شر مَنَيِّه كما يقطعه الوجاء. والقول الثاني: أن المراد هنا بالباءة مؤن النكاح، سُمِّيت باسم ما يلازمها وتقديره: من استطاع منكم مؤن النكاح فليتزوج ومن لم يستطع فليصم؛ ليدفع شهوته؛
وقال الحافظ ابن كثير - رحمه الله - بعد قوله تعالى: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ.....) وقد ذهب طائفة من العلماء إلى وجوبه على كل من قَدَرَ عليه واحتجوا بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم (( يا معشر الشباب....))، ومن لم يستطع الباءة التي تقدم ذكرها فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء.

* اختيار الزوجة:

من أقبل على النكاح؛ فعليه أن يتحرى في اختياره الزوجة ما يأتي:-

1- أن تكون ذات دين؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك )) أخرجه البخاري ومسلم.

2- أن تكون ولوداً ودوداً؛ لحديث مِعْقَلْ بن يسار- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم )) رواه أبو داود والنسائي وصححه الألباني.

3- أن تكون حانية على ولدها، وراعية على زوجها؛ لحديث أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرعاه على زوج في ذات يده )) متفق عليه.

4- أن تكون بكراً لحديث جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال ( هلك أبي، وترك سبع بنات أو تسع بنات، فتزوجت امرأة ثيباً، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: تزوجت يا جابر؟ فقلت: نعم، فقال: أبكرا أم ثيبا، قلت: بل ثيبا، قال: فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك، وتضاحكها وتضاحكك؟ فقلت له: إن عبد الله هلك وترك [تسع أو سبع] بنات، وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن، فتزوجت امرأة تقوم عليهن وتصلحهن، فقال بارك الله لك )، أو قال لي خيرا ً)) رواه البخاري والسياق له ومسلم والزيادة له.

* أي النساء خير؟

عن أبي هريرة قال: قيل يا رسول الله أي النساء خير قال (( التي تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه في نفسها ولا في ماله بما يكره )) رواه أحمد والنسائي وحسنه الشيخ الألباني.

* اختيار الزوج:

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( إذا أتاكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه إن لا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض )) رواه الترمذي وحسنه الألباني.

* عرض الإنسان ابنته وأخته على أهل الخير:

قد يكون العنوان غريباً نوعاً ما لأنني لاحظت في مجتمعنا فاعل هذا الأمر غريبٌ عندهم وقد يُوصف فاعل هذا الأمر بالجنون وأنه يبيع في أهله - فسبحان الله - فتعالوا نسمع لهذه الحادثة لنرى من هو المجنون الفاعل أمِ المجتمع؛
فعن عبدالله بن عمر- رضي الله عنهما- حين توفي خنيس بن حذافة السهمي زوج حفصة بنت عمر بن الخطاب وهو رجل صالح ممن شهدوا بدراً فلما تأيمت (( أي اكتملت عدتها )) قال عمر: (( فلقيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر قال : سأنظر في أمري فلبث ليالي فقال : قد بدا لي أن لا أتزوج قال عمر فلقيت أبا بكر فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر فصمت أبو بكر فلم يرجع إلي شيئا فكنت عليه أوجد مني على عثمان فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وجدَّت (( غضبت )) علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك ؟ قلت: نعم قال: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت إلا أني قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تركها لقبلته )) أخرجه البخاري، وقال الأمام الحافظ ابن حجر - رحمه الله - في الفتح (( ج9 / 178 )) وفيه أنه لا بأس بعرضها عليه ولو كان متزوجاً؛ لأن أبابكر كان حينئذٍ متزوجاً ......... أ.هـ)) .
فماذا تقول بعد ما سمعت هذه القصة التي حدثت بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكبر صحابته الخلفاء المهديين الراشدين رضي الله عنهم أجمعين ؟؟!

* صلاة المرأة إذا خُطِبَت واستخارتُها ربَّها:

عن أنس بن مالك - رضي الله عنهما - قال ( لما انقضت عدة زينب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد فاذكرها علي قال فانطلق زيد حتى أتاها فقلت يا زينب أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرك قالت ما أنا بصانعة شيئا حتى أُوَامِرُ ربي (( أي أستخير ربي)) فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليها بغير إذن )) رواه مسلم.

* الخِطْبَة:

الخِطْبَة: بكسر الخاء خَطب المرأة يَخطبها،خَطْباً وخِطْبَةً، أي طلبها للزواج بالوسيلة المعروفة بين الناس.
والخِطبة من مقدمات الزواج، وقد شرعها الله قبل الارتباط بعقد الزوجية؛ ليتعرف كل من الزوجين صاحبة، ويكون الإقدام على الزواج على هُدى وبصيرة.

* ماذا يقول إذا دُعي ليزوِّج؟

عن أبي بكر بن حفص - رضي الله عنه - قال: (( كان بن عمر إذا دعي إلى تزويج قال لا تفضضوا علينا الناس (( أي لا تفرقوا علينا الناس ))، الحمد لله وصلى الله على محمد إن فلانا خطب إليكم فلانة إن أنكحتموه فالحمد لله وإن رددتموه فسبحان الله)) رواه البيهقي وصححه الألباني

مشكور وبارك الله فيك.

طرح رائع يستحق المتابعه لك جعله الله فى ميزان حسناتك