حذاري من شعوب تتلمس طريق الحريه والخبز

حذر منتدى المجتمع المدني والذي عقد على هامش القمه الاقتصاديه والتنمويه والعربيه بشرم الشيخ من استمرار التدهور المعيشي للمواطن العربي خاصه في الدول الاقل نموا والتي تواجه تحديات خطيره تجعلها غير قادره على الوفاء بالاهداف التنمويه للالفيه ,مما يؤدي الى اشعال المزيد من الازمات الاجتماعيه ,وأفصحت احصاءات المنتدى ان حوالي 20%من سكان الدول العربيه يعيشون بأقل من دولارين يوميا للفرد الواحد,واكثر من 40%من السكان يعيشون بأقل من دولارين وخمسه وسبعون سنت للفرد الواحد يوميا, مما يعكس فشل سياسات التعليم والرعايه الصحيه ومكافحه الفقر ,وغياب للعداله في توزيع الموارد ووضع الرعايه الاجتماعيه والاستثمار في ذيل قائمه الاولويات في السياسات التي تضعها الدول العربيه ,مما ولد ضغطا كبيرا على القوه الإحتماليه للشعوب العربيه وانتاب سوادها الأعظم حالات نفسيه خطيره ,وبدأ مؤشر قوة تحكم الفرد بتصرفاته ينحدر الى مستويات تقارب الصفر والوضع ذاته ينطبق على قوه تحمل الفرد للظلم والجوع والاهانه التي يتعرض لها ,واضحت الشعوب العربيه على استعداد لتلقف اية وسيله من شأنها ان تساعدهم على تلمس طريق الحريه والخبز ومهما كان نوعها ,الامر الذي جعل المجتمعات العربيه اشبه بقنبله قابلة للإنفجار بأية لحظه ليس إلا ,وان لم تنفجر بضغط الزر في المره الاولى فبالثانيه او الثالثه او .. وهكذا ,الأكيد ان تلك الضغطات سوف لن تتوقف إلا بنزع فتيل الاسباب التي ادت لذلك وعلى وجه السرعه ,وليس العمل من اجل عدم وصول الشعوب العربيه لذلك الزر للضغط عليه ,وهو ما يحدث الآن من قبل الحكومات , لكنها لا تعي بعد, ان الشعوب بإمكانها اشعال القنبله ما دامت جاهزه للإنفجار بوسيله اخرى وليس من خلال الزر فقط ,والدليل على ذلك عمليات حرق النفس التي تتوالى على العواصم العربيه بالعشرات ,مع العلم المفروض ان حرق محمد البوعزيزي لنفسه يفهم كرساله للشعوب وليس منهج ,لكن حاله اليأس والغليان والاستعداد لعمل أي شئ من اجل الظفر بالحريه والخبز هي التي دفعت الناس لحرق انفسهم من غير ان يحسبوا الارباح والخسائر من تلك العمليه ,الأهم هنا ان القابليه للخلاص باتت جاهزه والإحساس بالخوف والرهبه قد ولى بغير رجعه ,ويبقى فقط تعدد الاسباب فاليوم رساله البوعزيزي الحرق وغدا هناك رساله لكن الزمن الذي بات قريبا كفيل بمعرفه فحواها ,لم يعد مرض الخنوع والانبطاح يتقبل ابر الوعود الحكوميه التخديريه ,كما ان البوعزيزي بحرق نفسه بدد ظلام الاحساس بالخوف والرهبه ,وعمل على افاقه الشعوب العربيه من كابوس التسول من اجل الحصول على الحقوق ,الى صحوة المطالبه بحقوق المواطنه كامله ,من جانب اخر أيقنت الشعوب العربيه انه لا خوف من حلفاء الدكتاتوريات مهما كانت قوتهم وعلت سطوتهم وإرتفعت كلمتهم ,الامر الذي اثبتته ثوره البوعزيزي أيما اثبات ,حيث ان الغرب عموما دعم نظام بن على لفتره طويله لمصالحه الخاصه, وغض النظر عن كل الجور والظلم الذي يتعرض له الشعب التونسي طالما حكومه بن على تؤدي اعمالا لا يمكن للدول الغرييه القيام بها كمكافحه الارهابيين الاسلاميين سواءا كانوا حقيقيين او وهميين ,بوسائل لا يمكن استخدامها على المستوى السياسي في دول اوروبا وغيرها من الغرب ,كذلك اعاده اللاجئين الأفريقيين الى بؤسهم قبل ان تطأ اقدامهم ارض احلامهم ,و فتح ابواب الاستثمار والسياحه للشركات الاوروبيه والغربيه عموما بدون قيد او شرط وتوفير كل ما يلزم لذلك بأسعار زهيده ,لكن ما لفت انتباه الشعوب العربيه هو التحول التام خلال ليله وضحاها بموقف الدول الغربيه من حليف قوي لبن على قبل الثوره وغاض للنظر عن كل اشكال الدكتاتوريه التي كان يمارسها ضد شعبه الى عدو لدود يرفض قبوله كضيف على اراضيه وينشر فضائحه على حبل غسيل بعض القنوات كما فعل ساركوزي , بل ويجمد ارصدته ويلاحقه بقبول فتح القضايا ضده كما فعلت سويسرا ,وذلك بعد الثوره ,وكان قد صرح في وقت متأخر من الليل رئيس اكبر واعظم دوله تقود العالم وهو اوباما عقب الثوره التونسيه بساعات بأنه يحترم اراده الشعب التونسي ويقدر معاناته, والمفارقه ان اي رئيس امريكي لم يشير لمعاناة الشعب التونسي طيلة فتره حكم بن على ,خلاصه القول أن الشعوب العربيه اصبحت وبفعل ما تعرضت له من ظلم ,تحب الموت كما تحب الحياه لأنها بالحالتين تعتبر ميته ,ولا تتردد بتنفيذ اي شئ بدون تفكير يوحي لها بأنه سبيل الخلاص ,لم تنفع بن على الاجهزه الامنيه التي اسسها على مدى سنين وملأ بطون منتسبيها خبزا ومالا وسطوه ,ولم يحميه الجيش الذي هو قائده ,وعجزت المليارات التي سرقها عن حمايته او حتى تمتعه ببعض الكرامه إذ فرضت عليه الشروط للإقامه ,ويجب ان يخطر بكل شئ ينوي فعله مسبقا حتى قبل ان ينزع حزامه ,واللبيب من الحكام من يعي ما يحدث امامه ويستشعر ان مصدر قوته هو التزامه ,بما يحقق احلام شعبه ويترجم احلامه ,الحب في الله والوطن يدوم وحب المصالح ينتهي بإنتهاء المصالح ,كل من عول على حب الشعب انتصر ,وكل من عول على حلفاء المصالح اما نفي او قتل او انتحر ,هكذا يعلم التاريخ البشر ,المصيبه فيمن يعطي للتاريخ الظهر ,ويستخف بقدرات البشر ,يومها لا مفر ,ربما بن على اخر من وجد مستقر