الثوار الليبيون يزفون عروس البحر

اختار ثوار ليبيا يوم 20أغسطس كموعد للقضاء على ما بقي من وثنية الاستبداد في العاصمة طرابلس , وهذا اليوم يوافق يوم فتح مكة في 20 رمضان من السنة الثامنة للهجرة الذي سجل معاني اخلاقية عميقة في ذاكرة الإنسانية . فهو انتصار الحق على الكفر والباطل المتمثل في فكر الجاهلية بزحف شعبي سلمي مهيب من قبل المسلمين على مدينة مكة الطاهرة لإنقاذها من يد الكفار وعنجهية المستبدين , وقد أطلق الثوار على هذه العملية اسم " فجرعروس البحر " إشارة لمدينة طرابلس .

أُريد لعملية عروس البحرأن تستفيد من دروس فتح مكة التي من أبرزها ما يأتي :

1- انتصار الإسلام على ثقافة عبادة الأوثان , انتصار الحق على الباطل .

2- التأكيد على أن الانتصارات في تاريخ الشعوب لا يمكن أن تتأتى إلا بالصبر

على الشدايد , وتحمل الآلام من خلال إعداد العدة , والتخطيط للانتصار بقوة الإيمان والتضحية في سبيل تحقيق الهدف .

3-التطبيق العملي لروح الإسلام الداعية لثقافة التسامح , والعفو عند المقدرة .

فعند ما دخل المسلمون مكة قال الرسول ( ص ) لجبابرتها : ماذا ترون أني فاعل بكم ؟ , قالوا أخ كريم وابن أخ كريم ,فقال الرسول : اذهبو فأنتم الطلقاء . وقال الرسول ( ص ) مجسدا روح الإسلام في مواقف الحرب والسلام : من دخل دار أبي سفيان فهو آمن, ومن أغلق عليه بابه فهو آمن, ومن دخل المسجد فهو آمن.

وهذا ما تمناه كبار أعضاء المجلس الوطني الانتقالي الليبي في نصائحهم للثوارعند زفاف "عروس البحر " طرابلس . إذ لا مفخرة في قتل من ألقى سلاحه , ومن دخل بيته بغير مقاومة , أو من أعلن انضمامه للثورة ولو في آخر لحظة . وإذا الإسلام يجب ما قبله , فالثورة هي كذلك فيماعدى فاحشتين : الإرهاب والقتل , وسرقة المال العام فقصاصهما عاجل من خلال ميزان العدل , وذلك تفاديا للفتنة في مجتمع المستقبل , الذي أريد له أن يكون مجتمع الحرية والعدل والمساواة .

4-طى صفحة من تاريخ الأمة العربية قائمة على الجهل بروح الإسلام وفضائله, وتقديم صفحة جديدة للبشرية جمعاء مخطوطة بالقيم الإنسانية العليا , الخالية من الفساد .

5-درس الكتمان ," فالرسول ( ص) حجب نيته في فتح مكة حتى آخر لحظة عن أقرب أصحابه عن نفسه أبي بكر الصديق , بل لم يبح بنياته لأحب النساء إليه عائشة بنت أبي بكر الصديق , وبقيت نياته مكتومة حتى أنجز هو وأصحابه جميع استعدادات الحركة . "

وفي ضوء هذه الدروس الأخلاقية العالية القيمة, وفي ظل ما بقي من كفاح شاق- سواء لتحرير ما بقي من مدن , أو لتحرير أنفسنا من ثقافة أربعين سنة من دروس الإستبداد , ودروس الفساد - لا يجب أن نكونوا قاصين على من تطوع لحمل المسؤلية في هذه الظروف الانتقالية المفاجئة والصعبة . وإذا كان النقد الإجابي البناء مطلوب للترشيد في هذه الظروف , فلا يجوز أن يكون هذا النقد – مهما كان فيه جزء من الحقيقة – مكتوبا بثقافة الصالونات على صفحات الصحف الدولية , وخارج معمعة الأحداث في ليبيا ,حتى لا يقع هذا النقد في نوع من اللاموضوعية .

مشكور وبارك ألله فيك