الخوف من الرقابة

الخوف من الرقابة
بسم الله الرحمن الرحيم

ما من دولة أو حكومة إلا فيها جهاز يراقب تطبيق قوانينها وتصرفات موظفيها وسير العمل في دواوينها وتوزيع ميزانيتها وطريقة صرف الأموال علي مواطنيها .. ولهذا الجهاز رهبة في نفوس الموظفين عموما , فما أن يسمع احدهم زيارة مسئول من هذا الجهاز لدائرته إلا دب في نفسه الخوف وتفقد أوراقه وملفاته التي تحت مسئوليته حرصا منه علي ألا يكون فيها تجاوز للحدود ولا خطأ مقصود ولا إتلاف لمال الدولة في غير وجهه المعد له , وتراه يحرص علي الاستقامة في التعامل والإخلاص في العمل والتفاني في أداء ما كلف به .. مع علمه بان هذا الرقيب مخلوق ولا يعلم إلا ما وقع تحت نظره ....
فكيف بنا لا نتبع نفس الحرص والخوف من رقيب يعلم السر واخفى ( إِنَّ اللَّهَ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ5 ( آل عمران.. ) وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين( الأنعام 59... )والله يعلم ما تسرون وما تعلنون( النحل 19 ... ألم يكلفنا الله بطاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم , ألا يجدر بنا أن نؤدي فرائض الله علينا بصدق واخلاص حتى ننال رضاه الذي ينفعنا في الدنيا والآخرة .. ألا يجب علينا ان نراقبه في اعمالنا ومسئوليتنا التي كلفنا المجتمع بها حتى نكون عند الله محبوبين وعند المسئولين مقدرين .. ألا نقوم بمحاسبة انفسنا قبل ان يحاسبنا الرقيب ... أعلموا علم يقينٍ أن اللهَ هو الرقيب، وأن الله هو الحسيب، وأنه لا ملجىء منه إلا إليه، ولا مهرب منه إلا إليه.
قال شاعر :
إذا ما خلوت الدهرَ يوما فلا تقل… .. خلوتُ ولكن قل علي رقيبُ
ولا تحسبنَ اللهَ يغفـــلُ ســــاعةً…... ولا أن ما تخفيه عنه يغيبُ

ومن حكمتِه سبحانه وتعالى أن جعل علينا شهوداً من انفسنا لإقامةِ الحجة من هؤلاءِ الشهودِ: قال تعالى (يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ... )النور 24 . هل تستطيع ان تهرب من هؤلاء او تخفي عليهم ما تقوم به .

.. فكر في هذا الأمر جليا لعلك تعود إلى رشدك وتتذكر أخطاءك وتحاول إصلاح سريرتك لتوافق ظاهرك فتكون عند الله يوم الحساب من الفائزين وفي دنياك من المطمئنين فخور بعملك راض عن نفسك في حياتك وتكون إن شاء يوم الفزع الأكبر من الأمنين ...

نأمل ان يكون خوفنا من الرقيب إيمانا صادقا , وتطبيقنا لأوامره طاعة , واتباعنا لسنة نبينا حبا .. حتى ننال رضاه وهو مطلبنا وغايتنا في هذه الحياة .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته