"لائحة القذافي" والصراع الحزبي بنكهة مغربية

على خلفية التجاذبات السياسية بين الأحزاب المغربية للظفر بالصدارة في الاستحقاقات الانتخابية التي ستجرى يوم 25 نوفمبر الجاري، كشفت بعض المصادر المطلعة ذات الاهتمام بالمشهد الحزبي السياسي أن أحد قياديي حزب الأصالة والمعاصرة أو ما يسمى بـ"البام" وضع أسماء أبنائه كوكلاء للائحة الانتخابية في مدينة من المدن المغربية، ضاربا عرض الحائط المبدأ العام للحزب بأنه "ضد التوريث" الذي ما فتئ يزايد به على بعض الأحزاب الأخرى المتجذرة في النضال السياسي والمشهود لها تاريخيا عبر كل المحطات السياسية التي مر بها المغرب، مما دفع ببعض ساكنة المدينة إلى تسمية هذه اللائحة بـ"لائحة القذافي"...

وتجدر الإشارة إلى أن حزب الأصالة والمعاصرة يعد من بين الأحزاب الثمانية التي شكلت تحالف ما يسمى ب "تحالف جي 8" الشيء الذي أثار استفهام المواطن المغربي: هل برنامج الثمانية أو" تحالف جي8" هو مجرد التفاف على الدستور أم مشروع مجتمعي ضامن لتفعيله ؟

يتحدث بعض المهتمين بالشأن الانتخابي بالمغرب عن تورط هذا التحالف في برمجة هندسة انتخابية سابقة لأوانها لقطع الطريق عن حزب العدالة والتنمية ذو المرجعية الإسلامية وعن حزب الاستقلال ،"حزب الأعيان" كما تفيد تصريحات أحد قياديي التحالف ،مشيرا أن "تحالف جي8 هو الضامن الوحيد لتفعيل مضامين الدستور الجديد لأنه وبكل بساطة تتوفر فيه الاستقلاليات الثلاث :"مستقل عن السلطة وعن الدين وعن المال"، كوادره وقياداته لها دراية بالممارسة السياسية وبالتدبير والتخطيط لما فيه مصالح المغاربة وبما يكفل حقوقهم السياسية والاقتصادية والسوسيوثقافية وتجيب على تطلعات المواطن المغربي كما نص عليها الدستور الذي أجمع عليه جل المغاربة "حسب قوله...

في حين خرج أمين عام حزب الحركة الشعبية "امحند العنصر" المنضوي تحت لواء التحالف، ليفاجأ رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار والمرشح لرئاسة الحكومة المغربية المقبلة السيد "صلاح الدين مزوار" حال فوز"جي8" بالأغلبية بقوله: "ليست هناك مصالح دائمة ولا عداوات دائمة" وبهذه العبارة يكون قد تملص بدبلوماسية من ولائه للتحالف التام ،وبأنه في حال فوز حزب أخر ليس من المستبعد أن ينضم حزبه إلى من أفرزته صناديق الاقتراع كما كشفت بعض المصادر المطلعة، مما يثير جدلا وسط المهتمين بالحراك السياسي بالمغرب هل تحالف الثمانية هو تحالف من أجل تكريس كرامة المواطن المغربي ومحاربة الفساد حسب مقتضيات الدستور الجديد أم مجرد التفاف على الدستور حسب تصريحات منافسيهم من العدالة والتنمية والأحزاب الأخرى غير منضوية تحت لواء التحالف ...

حسب استطلاعات الرأي وانطلاقا من البرامج التي تبتها القنوات المغربية لتقريب الصورة من المواطن المغربي في إطار التحضير للاستحقاقات الانتخابية، عن طريق استضافة قياديي الأحزاب، لإقناع الناخب المغربي ببرامجها المزمع تنفيذها حال فوزها بالانتخابات، اتضح أن قيادي ما يسمى بتحالف جي 8 خاصة حزب التجمع الوطني للأحرار يوصف بالمتحدث الجيد والقادر على أن يمسك بزمام الأمور وبدواليب الحكم في المرحلة القادمة، حيث يقدم برنامجا واقعيا يجيب على كل الأسئلة التي تشغل بال المواطن المغربي وتؤرقه (من ورش إصلاح التعليم والقضاء والدفع بوتيرة الاقتصاد حتى تبقى في منأى عن الأزمة المالية الأوربية إلى محاربة البطالة عبر تشجيع الاستثمار وتبسيط المساطر للمقاولات والحد من الإقصاء والهشاشة في العالم القروي ،إلى تعميم التغطية الصحية ...)،وبذلك يكون بنظر المناصرين لهذا التحالف أن السيد صلاح الدين مزوار هو المرشح بأن يكون رجل مغرب الغد بلا منازع لكونه تتوفر فيه حسب زعمهم كل مقومات الرجل الحكيم دبلوماسيا والقائد سياسيا والخبير اقتصاديا ،في الوقت الذي يصفه بعض منافسيه من حزب العدالة والتنمية والاستقلال برجل التقنوقراط الذي ليس له تاريخ نضال سياسي كما هو الحال بالنسبة لعبد الإله بنكيران أمين حزب العدالة والتنمية الذي يراهن بعض المغاربة على توليه الحكم على غرار حزب الفضيلة بتونس ،وبذلك يدخل الإسلاميون التاريخ من أوسع أبوابه محتمين بالربيع العربي ،الشيء الذي يفتح استفهاما عريضا: هل "تحالف جي 8 "جاء لتنفيذ أجندة تخدم مقتضيات الدستور الجديد وتدفع بعجلة التنمية بالمغرب إلى الأمام أم لقطع الطريق عن حزب العدالة والتنمية الإسلامي ،وفي حال فوز التحالف بالصدارة التي يتوخاها الكثير من المغاربة على حد تعبير أحدهم هل سيُبقي "تحالف جي8" على حزب الأصالة والمعاصرة "البام" علما أن بعض لوائحه ذات صبغة قذافية؟

مشكور استار علي ما قدمت من تقرير رائع