شهداء سوق الخبزة..

من طرف **زهرة اللوتس** 2011-11-15, 8:15 am

شهداء سوق الخبزة
سبق أن نشرت لي صحيفة "أويا" مقالا بهذا العنوان
أوردت فيه أحد عشر اسمًا فقط من أسماء الشهداء الذين أزهقت أرواحهم فيما يعرف اليوم بساحة الشهداء وذلك اعتمادًا على المصدر الإيطالي الذي ظل بحوزتي منذ ثلاثة عقود من الزمن.
الآن وقد استقيت - بعون الله سبحانه وتعالى – معرفة الأسماء أعيد نشر المقال بعد إضافة بعض المعلومات الهامة الأخرى.
كان باولو فاليرا (Paolo Valera) مواطنا ايطاليا اشتراكيا ومن أشد المعارضين لاحتلال ليبيا وكان صحفيا جريئا سخر قلمة لانتقاذ حكومة بلاده بكل حدة وصراحة.
باولو فاليرا إنه كان صاحب دار النشر "لافولاّ" (La Folla) أي الجماهير وكان يصدر دورية تحمل اسم هذه الدار في مدينة ميلانو (Milano) عاصمة إقليم لومبارديّا (Lombardia) الواقع بشمال ايطاليا.وفي هذا السياق لا بد من إضافة أن المدعو طومّازو صالصا (Tommaso Salsa)، أحد كبار ضباط القيادة الإيطالية، قد تعمد اصدار أوامر صريحة إلى الجنود
باقتراف شتى ضروب العنف لأجل إرعاب سكان المدينة والأرياف التي كانت وقتئذ تحت سيطرتهم.
وبالنظر إلى سابق خبرته فى حرب ايرتريا كان هذا الضابط السامي صاحب فكرة الإتيان إذاك بكتيبة من العساكر الايرتريين الذين كان وما برح يعتقد مواطنونا - خطأ - أنهم أثيوبيين. لقد ارتكب هؤلاء أعمالا في منتهى الوحشية
خلفت في النفوس آثاراً سيئة وانطباعا مرعبًا لا سيما إبان معارك المنشية (23-27 أكتوبر 1911).
مجموعة من الجنود الإيرتريين الذين استقدمهم الجيش الايطالي إلى ليبيا في أعقاب معارك المنشية التي ذاع وظل صيتها عالقا بالاذهان أصدر هذا الصحافي ملحقا بالعدد رقم 14 من دوريته. وكان هذا الملحق في شكل كتيب مؤلف
من 32 صفحة مقاسها 20×12 سنتيمترا وكان عنوانه :"Le Giornate di
Sciarasciat Fotografate " (أيام شارع الشط في صور) وقد تناول فيه:
- أحداث الأيام الخمسة ابتداء من 23 إلى 27 أكتوبر 1911.
- قصة الأسرى الايطاليين الستة الذين تم القبض عليهم يوم 6 نوفمبر 1911 حين كانوا ضمن رتل يقوم بأعمال استطلاعية.
- إعدام الشاب الفزانى حسين بن أحمد الذي كان يعمل قواصا بالقنصلية الألمانية وذلك بإطلاق النار عليه.
- إعدام الموثق امحمد بن طاهر وخمسة عشر شخصا آخرين شنقا.
- تقريرا صحفيا وجيزا وبليغا عن الأعمال الشنيعة التي ارتكبتها القوات
المسلحة الايطالية في حق الأهالى وكان ذلك بقلم الملازم أول هيوبرت ج. مونتاغو (Hubert Montague) مراسل وكالة " سنترال نيوز" (Central News).
وبالإضافة إلى ذلك ضمّن فاليرا الملحق عينه تشكيلة من الصور كانت من بينها
واحدة لمشانق تتدلى منها جثث الأربعة عشر شهيدا الذين تم إلقاء القبض عليهم
عشوائيا.
وبايعاز من اللواء صالصا جرت محاكمتهم بصورة مستعجلة بعد أن ألصقت بهم تهمة "إطلاق النار غدرا على الجنود الايطاليين".
وفي نهاية الأمر صدر في حقهم ونفذ فيهم الحكم بالإعدام صباح يوم الأربعاء
14/12/1329 هـ الموافق 6/12/1911م وذلك بمدينة طرابلس وفي موضع يقع جنوب
مسجد سيدي حمودة ضمن الفضاء الذي تحتله ساحة الشهداء في الوقت الراهن.
وتجدر الاشارة أنه في نفس الوقت الذي جرت فيه عملية إعدام الشهداء الأربعة
عشر كانت معركة عين زارة على أشدها، وقد سقط في هذه المعركة المئات من
المقاتلين الليبيين من ضمنهم مجموعة من الضباط الليبيين نذكر منهم الشهيد
الملازم أول علي أشرف المزوغي والشهيد الملازم إبراهيم حسونة القرامنلي.
الشهيد الملازم إبراهيم حسونة القرامنلي - الشهيد الملازم أول علي أشرف المزوغي
لقد أورد باولو فاليرا أسماء أحد عشرة من شهداء سوق الخبزة كان جلها صعب
التهجي وقد حاولت تحويل البقية الباقية منها بمشقة إلى الحروف العربية.
وقد سعيت في سبيل معرفة أسماء الشهداء الثلاثة الآخرين الذين توصلت مؤخرا
إلى معرفتها بفضل مساعدة الأخوين عبد الباري خليل القماطي وسادات عبد
الرزاق البدري وأخ ثالث لا يحضروني اسمه الآن. وفيما يلي قائمة بها:
1. الشهيد حسين بن محمد، وعمره 22 سنة، (من الزاوية الغربية)
2. الشهيد محمد بن علي، وعمره 22 سنة
3. الشهيد اسماعيل بن محمد الفيتوري، وعمره 20 سنة
4. الشهيد محمد بن سالم، وعمره 50 سنة
5. الشهيد علي بن صالح، وعمره 50 سنة
6. الشهيد علي بن حسن، وعمره 60 سنة
7. الشهيد محمد السّيوم (؟)، وعمره 50 سنة
8. الشهيد طاهر بن طاهر، وعمره 50 سنة
9. الشهيد عبد (؟) بن عبد الله، وعمره 45 سنة
10. الشهيد علي بن ابي القاسم، وعمره 65 سنة
11. الشهيد مصطفي بن القلابي، وعمره 40 سنة
12. الشهيد أحمد عمر أبو خشيم
13. الشهيد سالم بن خليل القماطي
14. الشهيد الشيخ منصور النعاجي، من ترهونة وكان شيخ محلة الشارع الغربي بطرابلس.
رحمهم الله تعالي وأسكنهم فسيح جناته.
هذا وإن الصورة المنشورة في المصدر المذكور جاءت غير واضحة إذ لا تظهر فيها
جثث كل الشهداء الأربعة عشر بجلاء. ولحسن الحظ تحصلت مؤخرا على صور أوضح
والتُقطت من زاويا أخرى وتظهر جثث كل الشهداء متدلية من المشانق.
إن ملتقط إحدى هذه الصورة كان أحد أفراد الطائفة اليهودية الطرابلسية ويدعى
إيليّا النحائسي من (مواليد طرابلس 1890م) وكان ينتمي إلى أسرة فقيرة
ويعيش على ما يجنيه من حرفته كمصور فتوغرافي وكبائع لشتى المناظر المحلية.
إنه كان مراسل صحيفة "الأسبوع الإسرائيلي" التي كانت تصدر في مدينة فيرينزي الإيطالية والتي تغير اسمها فيما بعد إلى "إسرائيل".
وفي سنة 1916 أسس "نادي صهيون" الذي تحول ابتداء من سنة 1923م إلى منظمة
صهيونية لقيت تأييد خاخامات الطائفة ومعارضة رئيسها "المتطلين" وبعض أعضاء
مجلسها الذين دافعو عن طلينة اليهود الطرابلسيين. إن الصحافة اليهودية في
إيطاليا كانت مؤيدة لجماعته ومسيطرة عليها. مات النحائسي بعد مرض لم يمهله
طويلا وذلك في طرابلس سنة 1918م
( مقالة من اعداد علي الصادق الحسنين نقلت عن موقع جيل )