سامي الجيباني: أخيرا رسمت القذافي بدون مقابل

بمكتبه المتواضع جلسنا نتحدث عن الثورة،والمعارك وأحوال الوطن،لم أعرف في السابق أن سامي الجيباني فنان،لكنه أخبرني عن تجربته مع الريشة.

في تحقيق صحفي عن السياحة إبان حكم الطاغية تحدث معنا سامي بحرقة عن ظروفهم ومضايقات الأمن لهم لكونه صاحب شركة،واليوم وجدت سامي آخر فنان ورسام.

درس سامي الابتدائية بمدرسة الكرامة بين 1962 و1966 ،ومن عام 1966 إلى 69 تعلم بمدرسة فكتوريا بالإسكندرية ثم بين 69 و72 دخل مدارس فتح الإسلامية والأمير الإعدادية،وخلال عام 74 تعلم اللغة الإنجليزية في مدينة هايستنجر البريطانية،بعدها درس الثانوية ثم تخصص في هندسة النفط بين 74 و1977،وحصل على شهادة سيتي أند جيلدز.

ولايخجل سامي من القول إنه اشتغل في مطاعم وفنادق،لكنه عمل ضابط اتصال لشركة إنجليزية من أجل استمراره في الدراسة ببريطانيا.

رجع إلى الوطن عام 91 بعد عمله بقسم مشتريات شركة مقاولات بريطانية إلى أن وصل إلى منصب مساعد مدير.

أما في ليبيا قام الأمن الخارجي باستدعائه 16 مرة،واشتغل في عدة أماكن منها النهر الصناعي وشركة سياحية إلى أن وظف خبرته في إقامة مشروع خاص.

يقول سامي إنه منذ زمن بعيد أثناء الدراسة في مدينة بنغازي كانت لدي موهبة الرسم،وكنت من الأوائل في هذا المجال،لقد كنت أرسم في معظم أوقات الفراغ،وحتى عندما سافرت إلى الخارج تحديدا إلى مصر لاستكمال الابتدائية رسمت الجمال والطبيعة،وأحببت هذه الموهبة الجميلة من عند الله،وبالفعل تعلمت من خلال التجربة الفنية التركيز الفكري والبصري.

وذكر أنه عند رجوعه إلى ليبيا بعد استكمال الابتدائية،واصل الإعدادية في بنغازي،وتنامت معي موهبة الرسم، وهذه الموهبة رافقته في السفر والترحال،و كان يتمنى التعمق والتوسع في مجال الفن، ولكن الأمور المادية والتشجيع من قبل المدرسة التي يدرس بها لم تمكنه من الاستقرار.

وتابع ” كنت من المحظوظين أن ادرس بالخارج وبالتحديد (بريطانيا) على حساب شركة نفطية لدراسة هندسة نفط لمدة ثلاثة سنوات”.

ويقول إنه أثناء وجوده في بريطانيا عاد إلى اللوحة والفرشاة والرسم،ورسم العديد من اللوحات التشكيلية ولاحظ اهتمام الجيران والأصدقاء الأجانب خاصة بهذه اللوحات.

وأضاف بالحرف ” في الواقع كنت أبيع بعض الرسومات بسوق الأحد بلندن عن طريق بعض الأصدقاء الذين شجعوني،ووقفوا معي في سبيل الاستمرار،وكنت أيضا أرسم بعض الشخصيات بدون مقابل،والفرق هنا،وما أود قوله إنه وبكل الصراحة رأيت التشجيع الكامل من قبل المدرسين والطلبة والأصدقاء أثناء الدراسة بالخارج،حيث لم أجد دعم في بلدي “.

ويستذكر قائلا ” حينما رجعت إلى الوطن،وبعد 17 سنة عدت إلى الرسم،وشاركت في عدة معارض فى جامعة العرب الطبية وقاريونس سابقا والدعوة الإسلامية،وكانت هناك بعض العناصر من خلال المعارض يسألون لماذا تركز على المباني القديمة ” المهدمة ” مثل الديوان الملكي وضريح عمر المختار”.

كما تابع “هنا فكرت أنه ليس هناك مجال للتعبير بالفرشاة،وتأكدت أن هولاء من الطابور الخامس،لأنهم استمروا في النقاش،وطلبوا مني عدم رسم المباني ” المهدمة ” ،إنهم لايعرفون تاريخ المدن،وتاريخ بلدهم ،وعلى الجميع الآن معرفة التاريخ،ولو كانت مباني قديمة ومهدمة”.

ويضيف ” مازلت أتذكر فترة عملي طرف مايسمى بمشروع النهر الصناعي، سألنى احد الموظفين وهو كان مسؤول مكتب عن فكرة رسم المشروع بمقابل مادي، وافقت لأننى كنت في حاجة إلى المبلغ المطروح،ولأنني كنت على أبواب الفرح فقدم لي 16صورة فوتوغرافية وتمكنت من رسم 16 لوحة تشكيلية خلال شهر ونصف،وحينما سلمت اللوحات إلى المسؤول تمزقت 6 منها عند التسليم،وتحملت المسؤولية رغم عدم مسؤوليتي عليها،وبدون مقابل مع أنى كنت موظف معهم وهم أدرى لماذا وافقت على رسم الــ 16 لوحة، ثم وجدتهم قد شاركوا بها بدون اصطحابي معهم في عدة معارض دولية وعالمية باسم النهر”.

بالطبع ليس هناك أي نوع من الاهتمام أو التشجيع أو حتى شهادة تكريم استغلال فرص فقط بأقل الأثمان،بحسب قوله،لكنه الآن يطرح بين لحظة وأخرى على نفسه التساؤلات ماذا سيحصل لو رسم شخصيات من المعارضة أو مسؤولين كبار من الدولة السابقة ؟

يقول في حديثه ” طرحت مؤخرا نقاشات حول رسم بعض المباني القديمة ” المتهالكة والمهدمة ” سوف استمر في طرح النقاش والتعبير من خلال الريشة واللون ،وليس الكلام فقط عن أهمية التاريخ المكاني للمدن الليبية “.

وعبر عن فرحته الكبيرة بالثورة متحدثا ” بعد تسعة أشهر من عمر الثورة الجديدة استطعت رسم ” الطاغية ” معمر القذافي،أفكاره بكل حرية وبدون مقابل،ونشرت بعض الرسومات في بعض الصحف بدون مقابل،أنا سعيد جدا وفخور بالشباب الليبي ومواقفهم البطولية للتخلص من هذا ” المجرم السفاح” في نفس الوقت اترحم على جميع شهداء ليبيا البواسل من ضحوا بالروح والدماء من أجل الحرية والكرامة “.

وختم حديثه بالقول إنه عندما كان يفكر في مستقبل الفن بالبلاد،كان الفن والإنسان والحياة تحت التهديد بالمصادرة والكبت،اليوم،حسب تعبيره،هناك حياة جديدة مليئة بالطموحات.

مشكــــــــــــــــــــــــــور بوعوض