الامازونات في ليبيا

قد نعتبر القصةَ التاليةَ تاريخاً ، وقد نحسبها خيالاً علميّاً ، وقد نسلكها في عداد الأَحداث الطريفةِ التي تُرْوَى ، أَو نستلهم معنىً من معاني الحياة القديمة في هذه البلاد ، تشير إلى ظاهرة وتلمح إلى أسلوب حياة .
والقصة يرويها "ديودروس الصقلي" في مؤلفه (المكتبة التاريخية) وهو يقول أنه نقلها عن "ديونوسيوس السكندري" الذي عاش في أواسط القرن الثاني قبل الميلاد ، وهي تتحدث عن "الأمازونات" النساءِ المحارباتِ اللاتي كن في ليبيا وخرجن منها واكتسحن البلاد شرقاً وكانَ عملُهن العجبَ العجاب . قال ديودروس :

كان في قديم الزمان وسالفِ العصر والأَوان ، في الأجزاءِ الغربية من ليبيا شعب تحكمه النساءُ وقد عكس الآية وقلبن الاناءَ ، وبدلن من موازين الأشياءِ ، كانت النسوة في هذا المجتمع يقمن بالخدمة العسكرية ويمسكن بزمام الأُمور السياسيةِ والاجتماعية ، ويشتركن في الحملات الحربية ، وكان للرجال المطبخُ والدار ، يربون الأطفالَ ويتعدونهم بالرعاية والعناية ، وينفذون ما تصدره إليهم نساؤهم من أَوامرَ لا يعصونهن في شيءٍِ ، وكانوا مكمَّمي الأفواه عن الكلام خشيةَ الثورة أو الانتفاضة ، بل كان للمرأَة عندهم القولُ الفصل والأَمر والنهي والطلب والمنع وقد كن محاربات شديدات يضربن بالقوس وبالرمح وبالسيف ، ويهجمن على العدو هجمةً ضارية فلا تبقي ولا تذر ! حول جزيرة (هسبيرا) التي كانت تقع في سبخة "تريتونس" كان هذا المجتمع الغريبُ يعيش . فلما اشتدت قوةُ الامازونات وشعرن بزهو الجبروت كان لا بد – وبحسب طبيعة الأشياء – أن يركبهن غرورُ القوةِ وأن يتطلعن إلى الغلبة على الجيران من المواطنِ والشعوب . فقمن على الجزيرة المذكورة وأَخضعنها ، وشددن الحملة على بقية القبائل حضراً وبدواً ، وشيدن مدينةً وسط السبخة أَسمينها "خرونيوس" نسبةً إلى شكلها وهي تعني : "شبه جزيرة" حرفيّاً . وتمضي القصةُ فتقول : أن الامازوناتِ المحاربات انطلقن من هذه المدينة غازياتٍ يدفعهن الشوق إلى اكتساح المعمورة ، وكان "الاطلانطيون" أَولَ من صادفهن وكانوا قوماً متمدنين ذوي مدنٍ عظيمة وبلاد زاهرة ، فدمرن بلادهم وهزمن جيشهَم ودخلن عاصمةَ ملِكهم وأَلقين الرعب في قلوبهم وقلوبِ جيرانهم ، وكانت الملكةُ "مورينا" زعيمةَ الامازونات تقود الحملةَ بنفسها على رأَس ثلاثين ألف وثلاثة آلاف فارسة ، يتخذن من جلود الأفاعي أَدواتِ دفاعٍ ، ومن السيوف والسهام والرماح أَدواتِ هجوم ، يضربن بها وجهَ العدو فإن شدَّ عليهن انطلقن أمامه ثم كررن عليه بالسهام من وراءَ ظهورهن بتصويب دقيق ! قال : فلما فتحت الملكةُ مورينا عاصمة الاطلنطيين سارعَ هؤلاءِ يعلنون الولاءَ كما فعل غيرُهم من القبائل والطوائف المجاورة ، فسلكت نحوَهم مسلكاً كريماً وأَنشأت لهم مدينةً تحمل اسمها ليعيشوا فيها بدلاً من مدينتهم التي دُمِّرت عن آخرها . كانت الامازوناتُ الليبيةُ على دماثة في الخلق ، رغم قوة بأْسهن ، وكن طيباتِ القلب ، وهذا ما دفعهن إلى اسداءِ فضلٍ عظيم للذين استنجدوا بهن من رعايهن الجدد

انتهى الجزء الاول
منقول

سلمت اناملك تمسوح

كوجا.القديسه.مشكورات علي المرور الطيب

منور ياباشا للموضوع الرائع

مشكور يا باشا علي المرور الطيب .....