وقفة حول بيان المجلس الانتقالي بشأن مكافآت الثوار

إبراهيم قويدر : وقفة حول بيان المجلس الانتقالي بشأن مكافآت الثوار
انزعجت كثيرًا عند استماعي للناطق الرسمي للمجلس الوطني الانتقالي في بيانه حول التجاوزات التي حدثت حول مكافآت الثوار واستغربت كثيرًا أن يصدر البيان بهذا أسلوب وطريقة تنم على ضعف شديد في إدارة شئون البلاد.
واستغربت أكثر من ألا يصدر البيان من ديوان المحاسبة الذي قيل لنا إنه فعل، وإنه يراقب حسابات وأموال الدولة وإنه يقدم في تقارير ويراجع الحسابات بعد الصرف؛ ولكنى توصلت إلى يقين وقناعة كاملة بأن الأمر فعلاً خطير وأن سرقة أموال الشعب بهذه الطريقة الفجة أمر لا يمكن السكوت عنه.
أنا هنا لا أخاطب الثوار الشرفاء، حسب تعبير الناطق الرسمي للمجلس، بل أخاطب الشعب الليبي عامة، وأقول: علينا أن ننتبه ونعبر عن غضبنا لسوء إدارة الحكومة وفشلها في المحافظة على المال العام، بل جبنها وخوفها من هؤلاء السراق، مهما كانت تسميتهم، ومهما كانت صفاتهم أو أدوارهم.
نعم لا يمكن معالجة ذلك إلا في ظل وجود قيادات إدارية قوية لا تخاف إلا المولى عزّ وجلّ، ويكون لديها الاستعداد للاستشهاد دون إهدار المال العام، مال المسلمين الليبيين الذي يعتبر الدفاع عنه والاستشهاد دونه واجبًا دينيا وقانونيا ومنطقيا، فليرحل الجبناء الخائفون على كراسيهم ومواقعهم، وليتركوا مواقعهم لأنهم غير جدرين بها.
وتبريرات وزير الماليه فى لقائه بالقناة الليبيه الرسميه فى واقعها طامة كبرى ودليل قاطع على ضعف الحكومة فقوله بان الامر خطير وانه سيستقيل (ولثانى مرة يقول ذلك) والرجال يفعلون او يقولون ويفعلون فهوا الان مطالب بان يستقيل فورا ويقدم نفسه ومن معه الى المحاكمة بتهمة الاهمال والتسيب
والتعلل بأن المعلومات الخاطئه من الحسابات العسكريه وان على هذه الاخيرة تقديم البيانا ت كلام فى الحقيقة خالى من المنطق نقول له أن الف باء ادارة ماليه عندما يتم اصدار قرار بصرف مبالغ ماليه اليس من الواجب قبل الصرف بل فى صلب القرار ان تحدد قيمة ماليه تقديريه وان تدرس المالية رقم تقديرى لعدد من سيتم صرف المكافأة لهم وبالتالى يتم تحديد مبلغ تقديرى كسقف لا يتم تجاوزه الا بقرار اضافى لاحق الا يفهم معالى الوزير ان العالم يسير وفقا لموازنة تقديريه يتم الصرف من خلالها.
ولعله من المفيد أيضا إيضاح الآتي:
أولاً: بخصوص ما أعلنه المجلس الانتقالي بأن مكافآت الثوار بلغ ما تم صرفه حوالي 1.8 مليار دينار، ولو قمنا بعملية حسابية بسيطة وقلنا: إن عدد الثوار وصل 200 ألف، وإن قيمة المكافأة للعزب 2500 دينار، وللمتزوج 4 آلاف.
ولو جمعنا 2500+ 4000= 6500 دينار.
ولو قمنا بحساب المتوسط أي 6500÷2= 3250 دينار،
ولو قمنا بضرب 3250 في 200000= 650000000 مليون
1800000000 – 650000000=1150000000
وذلك يعني أن مجمل الفساد المالي تقريباً مليار و150 مليون دينار ليبي!
ويضيف لنا الوزير انه اوقف صرف مليار يعنى عدد الثوار سيفوق النصف مليون ؟؟؟؟؟!!!
ثانيًا: القول بأن بنك ليبيا المركزي أشرف على الإفلاس، قول لم يكن واجبًا على الناطق الرسمي للمجلس أن يتفوه به، ويجب على مصرف ليبيا المركزي أن يعلن بإيضاح موقفه المالي؛ لأن مثل هذا التصريح يؤثر عالميا على ليبيا وبنكها المركزي.
ثالثًا: إذا سلمنا بأن الغرض من البيان هو الإعلان عن عملية إجرائيه لإيقاف الصرف حتى يتم التنظيم والتدقيق، …..وهنا يبرز أمامنا سؤالان مهمان:
الأول: لماذا لم يتم ذلك قبل الصرف؟ ومن المسئول عن هذا الإهمال؟!
والسؤال الثاني: إذا تم التنظيم واستقام الصرف على أسس صحيحة، فما مصير الأموال التي صرفت بالخطأ؟!
ختاما وقبل أن أنهي مقالي، فإن ذلك ذكرني بما كان يحدث أيام الفوضى القذافية بصرف مرتبات لأسماء وهمية من قبل الإدارات المالية والتي اتضح بعد التحقيقات أن هناك شبكة متخصصة في سرقة هذه المرتبات يقودها بعض المسئولين ببعض القطاعات في المحليات وبعض موظفي المالية، ويظهر أن العقلية ما زالت موجودة مع اختلاف الأسماء.
الأمر فعلاً جدُّ خطير، ويجب التدخل السريع وحسم الأمر وتحمل الحكومة مسئوليتها وتقديم استقالتها ومحاسبتها عن هذا الإهدار وهذا الجبن في إدارة البلاد، ولا تسامح على الإطلاق في هذا الأمر، فشهداؤنا وشبابنا الثوار وشعبنا العظيم ثار ضد الفساد، وستستمر ثورته ما دام هناك فساد ومفسدون بقصد أو بدون قصد.
بقلم: د. إبراهيم قويدر