مقالات مختارة : استراحة… ناخب

لبدري الشريف المناعي : استراحة… ناخب
20 مايو 2012
نعيش هذه الأيام اجواء الإنتخابات و لا شك فنحن سعداء جدا بهذا التحول الكبير فى بلادنا نحو الديمقراطية . حتى و ان شاب العملية الإنتخابية بعض الخلل و لا اعنى هنا من جانب الحكومة و المجلس الإنتقالى و المفوضية العليا للأنتخابات فقط و لكن من جانبنا نحن ايضا المواطنون المعنيون اولا و أخيرا بعملية التحول نحو دولة دستورية , فإن ذلك يجب الا يثنينا عن التمسك بالديمقراطية كطريقة للحكم . نعم نريد دولة دستورية يتم فيها التداول السلمى على السلطة و يتمتع فيها كافة المواطنين بحرية التعبير و حرية التفكير !!!! و يتساوى فيها المواطنون امام القانون. دولة تأخد باسباب العلم و مقتضيات العصر لكى تحقق التقدم و الرفاهية لجميع ابنائها .
حمى الإنتخابات يصحبها دون شك حراك سياسى و شعبى و تعبوى هائل تستخدم فيه الكثير من الوسائل الدعائية لجذب الناخبين و للتقليل بل و احيانا لتخوين و تجريم المنافسين !! .و يجد البعض من ذوى النفوس المريضة و الذين تمتلىء قلوبهم بالحقد و الكراهية يجدون فرصتهم المؤاتية لنشر الإشاعات و صنع الأكاذيب لتشويه سمعة خصومهم . لقد لمست بعضا من ذلك خلال الأيام الماضية و لم تبدأ بعد عملية الدعاية الإنتخابية .
هذا يطرح السؤال المهم حول العلاقة بين الإنتخابات و الأخلاق أو بشكل أعم علاقة السياسة و الأخلاق .
وحتى افكر بشكل صاف و استريح قليلا كما يقولون من وجع الرأس !! اخترت بعضا من كتبى للقراءة و آثرت قراءة الشعر الصوفى !! مولانا جلال الدين الرومى و الحلاج و ابى حامد الغزالى اتنقل بينهم فى رحلة اكتشف فيها الإنسان لا الحيوان الناطق !
لنبدأ بديوان ابى حامد الغزالى و هو من هو حيث تمر علينا الآن الذكرى المئوية التاسعة لوفاته !
لقد قال الغزالى فى هذه القصائد ما لم يقله فى نصوصه الأدبية. كان ابى حامد الغزالى رحمه الله عالما جليلا متميزا و كان يقوم بالتعليم و اعطاء المواعظ و الدروس و يروى انه فى احد الأيام و فيما كان يعظ الناس دخل عليه اخوه احمد فقال له :

خدت بأعضادهم اذ ونوا……………..و خلفك الجهد اذ اسرعوا
و اصبحت تهدى و لا تهتدى ………….و تسمع وعظا و لا تسمع
فيا حجر الشح حتى متى………………تسن الحديد و لا تقطع

و هناك روايات اخرى, المهم فى الموضوع أن ابى حامد الغزالى اعتزل الناس و ترك التعليم و تفرغ للعبادة و الزهد و تخلى عن كل حياته الرغدة التى كان يعيشها . يقول الغزالى فى ذلك

ما فى اختلاط الناس خير و لا ………….ذو الجهل بالأشياء كالعالم
يا لآئمى فى تركهم جاهلا ……………..عذرى منقوش على الخاتم

و قد وجد منقوشا على الخاتم الآية الكريمة من صورة الأعراف “” وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ “”
الديوان به عدد من القصائد الشعرية الصوفية مليئة بالحكمة العميقة و منها قصيدته الهائية فى النفس و التى يقول فيها :

ما بال نفسى تطيل شكواها …………..الى الورى و هى ترتجى الله

تشكو الى خلقه كأنهم ……….قد ملكوا نفعها و ضراها
لو فوضت امرها لخالقها ……….و صححت صدقها و تكلاها
عوضها من همومها فرجا …….و لم يدعها بطول غماها