مقالات مختارة : إيمان لحرش : ليبيا… تحدي الانتخابات

إيمان لحرش : ليبيا… تحدي الانتخابات
21 مايو 2012
يضيق رأسي أحيانا بالأفكار والبرامج والمخططات، ولا أجد راحة إلا بعد اللجوء إلى ورقة لاصقة، أسميها “تو دو”، أو “ما يجب القيام به”.
لو فتحنا قائمة مماثلة لتونس أو مصر أو اليمن، فإنها ستطول، من دستور وانتخابات تشريعية ورئاسية وعودة للأمن ومواجهة للمتشددين وغيرها، مع اختلاف في الأولويات والحدة حسب كل بلد.
لكن الوضع سيختلف مع ليبيا. إذ سنكتفي بعارضة واحدة: تأسيس دولة جديدة.
بعد مرور نحو ثمانية أشهر على مقتل الزعيم السابق، معمر القذافي، بدأ بعض الليبيين ينفد صبره وينتقد أداء المجلس الوطني الانتقالي.
وفشل المجلس حتى الآن في نزع السلاح من المدنيين وإعادة تأهيل الثوار، ولم تخل فترة إدارته المرحلة الانتقالية من اشتباكات قبلية مسلحة هنا وهناك أسفرت عن مقتل العشرات، تاركة وراءها توترا غائرا. كما شابت عملية تعويض الثوار خللا تنظيميا أو رقابيا، ولم يتمكن المسؤولون من إثبات من شارك في الثورة وإلى جانب من قاتل، فكان أن اتهم المجلس بإهدار المال العام…
غير أن أكثر ما أثار غضب الليبيين هو إعلان شخصيات قبلية في مارس الماضي منطقة برقة شرقا إقليما فيدراليا، ليحيي تخوفات كانت قائمة أساسا، من انقسام البلاد إلى ثلاث مناطق كبرى، هي طرابلس وفزن وبرقة، عبر باب الفيدرالية.
لكن المجلس، تولى إدارة البلاد مباشرة بعد سقوط نظام القذافي، والمتمثل في شخصه، ويعتقد البعض أن ذلك يكفي ذريعة. فالقذافي لم يترك مؤسسات تقوم عليها أسس الدولة، بما فيها الجيش، بل وحتى الدستور. ما عدا إذا احتسبنا الكتاب الأخضر طبعا.
كما ولم يسبق لليبيين أن شاركوا في انتخابات يوما، وحرموا حتى من المزورة منها. واليوم يستعدون للتصويت في انتخابات المؤتمر الوطني العام، المقررة في يونيو المقبل، والذي سيكلف بإعداد الدستور والتحضير للانتخابات النيابية والرئاسية أواسط 2013.
ويشارك في هذه الانتخابات نحو 1400 مرشح، وأكثر من 70 حزبا (وكانت الأحزاب ممنوعة من قبل)، يتنافسون على 200 مقعد.
وقد منعت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات أعضاء المجلس الانتقالي والحكومة الانتقالية وكذلك رموز النظام السابق من الترشح، كما حرصت على دعوة ملاحظين دوليين وإقليميين يراقبون سير العملية الانتخابية، وذلك في محاولة منها لإبعاد أية مخاوف من تزوير محتمل.
غير أن أكبر المخاوف يبقى من اندلاع أعمال عنف خلال أو عقب الانتخابات، فالوضع في البلاد متوتر، مع وجود ميليشيات منتشرة في عدة أنحاء. ولا يجب أن نغفل مقتل المرشح خالد أبو صالح على أيدي مسلحين قبل أيام في بلدة أوباري، ما يعزز تلك التخوفات.
لا يمكن مقارنة ليبيا بغيرها من دول الجوار، لا انتقاصا منها، وإنما لاختلاف الظروف التاريخية والاجتماعية والطبيعية… إلا أن نجاح العملية الانتخابية المقبلة سيمثل ولا شك خطوة إلى الأمام، في الاتجاه الصحيح، وهنا يكمن الرهان.
إيمان لحرش