النزاهة الغائبة والوطنية البعيدة المنال ...

من طرف شعيب 2012-05-26, 1:01 pm

النزاهة والوطنية معاني سامية وراقية وتنبع في الحقيقة من داخلنا نحن

ولا يمكن على الإطلاق لأحدٍ أن يتصنَّعها لأنه سيفشل في ذلك دون شك

ولذا فهي مرتبطةٌ في الغالب بالتربية البيتية ولاحقا المدرسية والمجتمعية

بشكل عام ويمكن تطويرها وتعزيزها في النفوس عبر وسائل عديدة لكنَّ

الأكيد هو أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال زراعتها كزراعة الأعضاء

ولهذا فنحن دائما نتحسس تواجد معالم النزاهة في البشر وعلامات الوطنية

التي لا يمكن إخفاؤها أو اختفاؤها بين الناس .

هذا التقديم المتواضع سيداتي وسادتي يمكن ألاَّ يكون متناغما مع ما يحدث

معنا في ليبيا القلب النابض والوطن العزيز علينا , فقد اختلطت الأمور علينا

وتعرضت ثقافاتنا للمسخ الممنهج والتدمير المتعمد على مدى القرون الأربعة

التي قضيناها تحت سياط الجلاد وغطرسته وغروره المنقطع النظير .

فبدأ ذلك الطاغوت بالتربية والتعليم ...هل تذكرون هذا ..؟ وإن لم تذكروا أو

أنّ البعض لم تكن الصورة واضحةً لديه , فإني أبدأ بتوجيهاته بإلغاء " التربية"

وتهميش مجال التعليم ووتولية الخارجين عن أخلاق البشر مسؤولين فيه ....

فكان تزوير الشهادات إحدى المراحل التدميرية وكان سرقة الإمتحانات وتغيير

المناهج بشكل سنوي وأحيانا ربع سنوي وتولية ضعاف النفوس على لجان

الشهادات العامة وهذا كان أول الخيوط في تدمير الأخلاق والشرف والوطنية

والنزاهة التي يصل التلميذ بجزءٍ منها من بيته ويتم تطويرها في المدرسة على

أيدي الآباء المعلمين الذي كانوا فعلا كالآباء وأكثر منذ زمن وغيبهم الطاغوت

بغيرهم من أنصاف المتعلمين والناجحين بالتزوير وحفظة الكتاب الأخضر

والقائمة تطول وتطول ...

ووفقا لمنهجةِ مدبرة كان الطغيان يسعى لتواجد بشر لا تعنيهم النزاهة ولا الوطنية

ليكملوا نيابةً عنه مر حلة المسخ لثقافتنا وأخلاقنا عبر الأجيال الناشئة وكان له هذا

وللأسف الشديد ...

واليوم نجني ثمار تلك التدميرية الممنهجة بالبحث عن النزهاء والوطنيون والشرفاء

ومحبي الوطن والقادرين على تحمل الأعباء الجسيمة لبناء وطنٍ طال الخراب كل

مرافقه وصولاً حتى للبيوت الآمنة .

وقد فرحنا كثيرا لتواجد هيئة للنزاهة والوطنية في ليبيا الجديدة وتفاءلنا كثيرا ببعض

قراراتها ولكن السؤال الصعب كان بلا جواب أيتها السيدات والسادة ...

هل يمكننا أن نفرح بتواجد تلك الهيئة طويلاً ..؟

وهل يمكننا أن نعتمد عى قراراتها طويلا ...؟

وهل يمكن لتلك الهيئة أن تكون نزيهةً ووطنيةً في هذا الوقت الصعب ..؟

وهل ستكون قراراتها دامغةً وليست عشوائية ولا ارتجالية ولا انتقائية ...؟

وهل لديها سلطات حقيقية لتنفذ قراراتها أمام المحاكم الليبية التي نعرف جميعا

حجم الفساد الذي طالها خلال حكم الطاغوت ...؟

هذه بعض التساؤلات وهي في الحقيقة تساؤلٌ واحد :

من هي تلك الهيئة التي ستقيِّم الناس وتمنحهم صكوك النزاهة أو تحجبها عنهم ؟

وهل لها شخصيةٌ أمام القضاء المنهار الذي لايزال ينتظر التفعيل الحقيقي ويحتاج

هو الآخر لقضاء جديد يزيل تركته التي نعرفها جميعا ...؟

أخشى كثيرا أن تتحول هيئة النزاهة والوطنية إلى مجرد لا فتة على دكانٍ يحمل

نفس البضاعة ...

بعض تساؤلات مواطنِ بسيط ..فهل من إجاباتٍ تشفي الغليل ...؟