غدامس: جوهرة الصحراء الليبية , مهد الحضارة

من طرف **زهرة اللوتس** 2012-06-03, 9:02 am

غدامس: جوهرة الصحراء الليبية , مهد الحضارة
29 أيار/مايو 2012
طرابلس/وكالة أنباء الشعر
واحة غناء، بظلالها الوافرة في قلب الصحراء استطاعت أن تقتنص لقبها الأشهر "لؤلؤة الصحراء"، لتكون من أهم المعالم التراثية للجارة الشقيقة ليبيا، ولتسجل على قائمة التراث العالمي لليونسكو منذ العام 1986، كأحد المناطق التراثية الليبية.
منذ أيام طلت علينا ايرينا بوكوفا المديرة العامة لمنظمة اليونسكو لتعرب عن قلقها البالغ تجاه المدينة الأثرية"غدامس" بعد حديث عن تعرضها لممارسات عدوانية قد تتسبب في خسائر للمدينة ذات القيمة الاستثنائية، مطالبة الليبيين بمزيد من الالتزام بحماية تراثهم الثقافي.
حديث بوكوفا المشدد والمؤكد على قيمة المدينة التراثية الواقعة في قلب الصحراء يجعلنا نتوقف كثيرا عند هذه المدينة للتعرف على قيمتها التراثية والثقافية التي أهلتها لتكون واحدة من أهم المواقع الأثرية في ليبيا، ولتدرج ضمن قوائم التراث العالمي، والمتأمل لتاريخ الواحة الواقعة في الجزء الغربي من ليبيا على الحدود التونسية والجزائرية، يعرف مدى عمق تاريخها فقد ذهب البعض إلى أنها واحدة من أقدم ثلاث مدن على مستوى العالم، ، وقد كان موقعها الجغرافي استراتيجيا لأن تصبح المدينة قديما واحدة من أشهر مدن الشمال الإفريقي، ولم لا وقد كانت محطة للقوافل التجارية ما بين شمال وجنوب الصحراء الكبرى.
وتأتي قيمة غدامس، أو "لؤلؤة الصحراء" كما كان يطلق عليها منذ القدم، الثقافية ممثلة في الفن المعماري الذي تتحلى به الواحة، ففنها المعماري هو الذي أهلها لتحتل هذه المساحة الهامة ولتكون واحدة من أهم مواقع التراث العالمي.
وتبعد غدامس عن العاصمة "طرابلس" حوالي 600 كم، بطريق بري يمر تحت "جبل نفوسة"، وهي مسافة بعيدة نسبيا لمن يريد أن يزور المدينة ويتعرف على معالمها التراثية وينعم برؤية نخيلها الوافرة، إذ بها غابة من النخيل قد لا يتاح لك أن تراها في مكان آخر بهذا الحضور، وهو ما يدفع السياح إلى تحمل عناء السفر لزيارة اللؤلؤة القابعة في قلب الصحراء، ولكن استطاعت الفنانة "جميلة الفيتوري الوحيدي" أن تختصر المسافات وتقضي الفوارق المكانية والزمانية، لتقدم للجمهور المعمار الغدامسي في قلب طرابلس، حيث أقامت معرضا بداية مايو بعنوان "تأملات في المعمار الغدامسي"، قدمت فيه مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية التي وثقت بها التراث المعماري في غدامس من خلال لقطات متعددة عبرت بها عن مدى براعة التراث المعماري في هذه الواحة التاريخية الواقعة في قلب الصحراء.
وفي لوحاتها الفوتوغرافية تقدم جميلة لقطات متميزة من زوايا مختلفة لعمارة القديمة في لؤلؤة الصحراء، ولا تخلو بعض اللقطات من مشاهد للنخيل الذي يعد من أهم معالم الواحة، ومن مشاهد لقباب مساجد، وأبواب تاريخية، وحتى أثاث وأطباق مزخرفة بنقوش لأهل المدينة التي يقطنها خليط من ثقافات مختلفة، طوارق، أمازيغ، عرب،وغيرهم.
ومع قدم المدينة توالت عليها الحضارات المختلفة، فخضعت لحكم الاغريق ثم تبعهم الرومان حتى دخلها العرب لأول مرة بقيادة "عقبة بن نافع" في العام 42 هجريا، ثم خضعت للحكم العثماني، وصارت آنذاك مركز هاما للقوافل التجارية في القارة الإفريقية، حتى احتلها الإيطاليون وخضعت لسلطتهم، لما يزيد على 15 عام حتى دخول القوات الفرنسية لها في 1940، وظلوا فيها ما يقارب الـ 15 عام، وبذلك تكون تعاقبت عليها العديد من الحضارات المختلفة، وكان لكل منها إسهاماتها في الأثرية في المدينة التي وجدت بها نقوش حجرية تدل على وجود حياة فيها منذ 10آلاف عام، وقد وصفها كثير من الرحالة العرب.
وبها عدد من المزارات الأثرية التي تعد من أهم عوامل الجذب السياحي أيضا فهناك أثار تمسمودين الرومانية، وهي مبنية بالأحجار الجبس ويذكر أنها بقايا معابد رومانية قديمة، ويذهب البعض إلى أنها من بقايا حضارة الجرمنت قبل مجيء الرومان. كما توجد بها أيضا بقايا قصور قد تكون حصون مهجورة منها قصر الغول شمالي غدامس وقصر بن عمير وقصر مقدول إضافة إلى القلعة العثمانية التي خصص جزء منها لمتحف غدامس، وتمثل عين الفرس ذات الشهرة التاريخية القديمة وبحيرة مجزم ومنطقة الرملة أهم المعالم السياحية بالمنطقة.
ونظرا لهذا الزخم التراثي والحضاري فإن غدامس تعد واحدة من أهم المناطق المسجلة على قائمة التراث العالمي في ليبيا.