انتخابات بلا شوائب: ليبيا تنطلق نحو بناء الدولة وتستبعد التي

من طرف **زهرة اللوتس** 2012-08-01, 1:26 pm

انتخابات بلا شوائب: ليبيا تنطلق نحو بناء الدولة وتستبعد التيارات الأيديولوجية
القدس : 11:49 1 آب 2012
ليبيا: قبول طعن واحد فقط في انتخابات خالفت كل التوقعات
تونس – من رشيد خشانة - أكدت مصادر في وزارة العدل الليبية لـ أن المحاكم المحلية استكملت البت في الطعون التي تقدم بها عدد من المرشحين الخاسرين في انتخابات المؤتمر الوطني. وأوضحت المصادر أن جميع الطعون البالغ عددها ثمانية وعشرين طعنا رفضت عدا طعن واحد، ما يعني أن نتائج الإنتخابات باتت نهائية. ويتعلق الطعن الذي وافقت عليه محكمة غريان الإبتدائية بإبطال انتخاب السياسي المعروف محمد ادريس بوفايد باعتباره عضوا في المجلس الوطني الإنتقالي، ولا يُسمح لأعضاء المجلس بترشيح أنفسهم لعضوية المؤتمر الوطني (البرلمان الإنتقالي). وفي الوقت نفسه انطلقت في الأيام الأخيرة انتخابات المجالس المحلية في مدن ليبية رئيسية، لكن لم يتضح حتى الآن طابع تلك المجالس ومجال صلاحياتها لمعرفة ما إذا كانت تنفيذية أم تشريعية.
ومع ذلك، يمكن القول إن ليبيا قطعت خطوة حاسمة نحو الإنتقال من الوضع الثوري، بما يرافقه من غياب القانون وضعف الدولة واستئساد الجماعات المسلحة، إلى بناء مقومات الدولة الجديدة، من خلال انتخابات المؤتمر الوطني العام التي أجريت في السابع من الشهر الماضي. وخلافا لتوقعات المتشائمين، استكمل الليبيون في ظروف طبيعية اختيار أعضاء المؤتمر الوطني، وهو عبارة عن برلمان موقت يضم مئتي مقعد، ثمانون منها مخصصة للكيانات السياسية ومئة وعشرون للمستقلين. وسيختار المؤتمر الوطني رئيسا للوزراء وحكومة قبل أن يمهد الطريق لانتخابات برلمانية كاملة عام 2013.
معجزة ليبية
هذه الإنتخابات الصعبة وصفها رئيس المجلس الوطني الإنتقالي مصطفى عبد الجليل بالـ "معجزة"، ربما بالنظر لحجم السلاح المنتشر في مختلف المدن والأحياء والبيوت، فيما اعتبرها المحلل السياسي سعد النعاس "فرصة لبناء دولة تكون أنموذجاً عالمياً للتجانس والانسجام والرفاهية والتقدم". وبحسب النتائج التي أعلنتها المفوضية العليا للإنتخابات، حصد تحالف القوى الوطنية بزعامة الدكتور محمود جبريل رئيس المجلس التنفيذي (الحكومة الموقتة) سابقا حوالي نصف المقاعد المخصصة للكيانات السياسية، فيما جمع حزب العدالة والبناء، الذراع السياسية للإخوان المسلمين، 17 مقعدا فقط، ما فتح الباب على مصراعيه أمام تنافس محموم على خطب ود الفائزين بالمقاعد المخصصة للمستقلين، الذين يصعب تحديد ولاءاتهم. ومن هنا اعتبر مؤسس حزب التغيير جمعة القماطي، المنضوي تحت لواء "تحالف القوى الوطنية"، أنه يصعب تحديد الكتل التي سيتشكل منها المؤتمر في هذه المرحلة، متوقعا في الوقت نفسه انضمام عدد من المستقلين والأحزاب الصغيرة إلى الائتلاف الذي ينتمي إليه. غير أن رئيس حزب العدالة والبناء محمد صوان أكد أن حزبه هو الفائز والقادر على تشكيل أكثرية في المؤتمر الوطني بفضل تحالفه مع المستقلين، فيما اتفق المحللون في نهاية المطاف على أن تحالف جبريل يحتل الرتبة الأولى، بينما حل حزب العدالة والبناء ثانيا.
شهادات دولية
ربما يُعزى وصف عبد الجليل للعملية الإنتخابية بكونها معجزة إلى أنها لم تشبها شوائب جوهرية على عكس ما كان متوقعا. فالمراقبون الدوليون أكدوا أن الانتخابات سارت بشكل جيد رغم بعض حوادث العنف التي وقعت يوم الاقتراع وقتل فيها شخصان على الأقل. ويكفي أن نشير هنا إلى عمليات الرقابة التي قامت بها فرق من الخبراء جندتها المنظمات الأهلية المحلية والدولية، والتي وصفت الإنتخابات بكونها حرة وشفافة ونزيهة. ومن الأمثلة على ذلك تقرير شبكة "شاهد" التي حصلت على نسخة منه، والذي اعتمد على شهادات ألفين ومئتي مراقب نشرتهم الشبكة في الدوائر الإنتخابية الثلاث عشر، حيث غطوا 78 في المئة من مراكز الإقتراع. واستفادت هذه الشبكة الليبية من المساعدة الفنية التي قدمها لها "المعهد الديموقراطي الوطني" (الأميركي) ما أتاح لها تسجيل خروقات لافتة من بينها تسجيل اثنين وعشرين حالة اعتداء مسلح على مراكز انتخابية خلال يوم الاقتراع، "ما أثر في حرية الناخبين و(أدى إلى) إرهابهم في هذه المراكز"، بحسب التقرير.
إلا أن تلك الخروق كانت في العموم محلية وثانوية ما جعلها لا تغير من طبيعة النتائج. بل كان اللافت أن بلدا لم يقترع منذ ستة عقود تعاطى بدرجة عالية من النضج مع مثل هذه العملية المعقدة، وفي ظل مواقف حضت على مقاطعة الإنتخابات انطلاقا من نزعات مناطقية وقبلية شككت في وحدة البلد ودعت إلى إقامة نظام فدرالي. والسؤال الذي يفرض نفسه هنا هو التالي: لماذا أعطت غالبية الليبيين أصواتها للتيار الوطني ولم تمنحه للتيارات ذات المرجعية الدينية مثلما كان الحال في مصر وتونس؟