حاورني ..لكن بشروط ...

مدخل للموضوع :
لو أردنا خوض حوار في موضوع معين مثلا ..
لنأخذ موضوع ( نظرية داروين ) ..
تشارلز داروين كان عالما بيولوجيا متواضعا مؤمنا بالله ؛ ووضع نظرية تعرف بنظرية الانتقاء الطبيعي ( Natural Selection)
وهي نظرية بيولوجية أي تخصص علوم الأحياء ؛ و بشكل مختصر هي نظرية مفادها أن الاختلاف بين أنواع الكائنات الحية ؛ يرجع إلي الاختلاف في الظروف البيئية ؛ التي تعيش فيها هذه الكائنات والأفراد و الأنواع الأكثر تلاؤما مع البيئة هي الأكثر نجاحا من تلك الغير
قادرة على التكيف فتخلف نسلا و أحفادا أكثر بآلية تسمى الانتقاء الطبيعي ؛ أما ما يسمى بنظرية داروين الاجتماعية والتي تدرس في بعض أقسام علم الاجتماع في الحقيقة ما هي إلا نسخة محرفة ولاتمت إلى داروين بصلة وقد وضعها علماء ملحدين ماركسيين من أمثال
أسبنسر وهيجل ونيتشه وحرفت لخدمة أفكارهم التي تدعو إلى الالحاد والشرك بالله .

لو أردنا خوض حوار في هذا الموضوع مثلا كون النظرية تتعارض مع القرآن الكريم أولا ..
ألا يجب علينا أن تكون لدينا معلومات وفيرة حوله ..و أن تكون من مصادر موثوقة ..
هذا هو الموضوع :

حاورني ...لكن بشروط ..

الشرط الأول :
لو أردت خوض حوار مع أي شخص في موضوع ما ..يجب علينا أن تكون لدينا خلفية حول ذلك الموضوع حتى تصل إلى نتائج سليمة ..


الشرط الثاني :
عند الحوار تحلى بفن جميل اسمه فن الاستماع ..فكونك تخوض حوار لا يعني هذا أن تتكلم فحسب ..حاول استماع الطرف الآخر وبتركيز وهدوء ..هنا سيتسم حوارك بسمة الرقي ..


الشرط الثالث :
الهدوء ..ثم الهدوء ..ثم الهدوء
لا تحاول اثبات وجهة نظرك بالصوت العالي ...ابتعد عن العصبية ؛ حاورني بهدوء ..اثبت صحة وجهة نظرك بلباقة و أدب ..وتذكر لا تثبت صحتها بالصوت العالي ...بل بالحجة والبرهان ..

مع الأسف ...لقد أحطنا أنفسنا بأسوار منعت من التواصل عن طريق الحوار ..

الحوار هذا الفن الجميل ..الذي نحتاجه من أجل التطور على جميع الأصعدة ..

الحوار يمكن وضعه في معادلة بسيطة :

كلمات موزونة + الرفق + الهدوء = حوار راقي ونتائج سليمة

ولا ننس أثر الحوارات الهادئة في معالجة المواقف التي قد تكون نتائجها وخيمة ..

لنتأمل مع بعض حوار رسولنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وسلم :

" فتى شابًا أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال يا رسول الله ائذن لي بالزنا، فاقبل القوم عليه فزجروه وقالوا (مه، مه) فقال أدنه، فدنا منه قريبًا فقال: أجلس فجلس فقال (أتحبه لأمك)؟ قال لا والله جعلني الله فداك قال ولا الناس يحبونه لأمهاتهم قال (أفتحبه لابنتك)؟ قال لا والله جعلني الله فداك قال ولا الناس يحبونه لبناتهم قال (أفتحبه لأختك)؟ قال لا والله جعلني الله فداك قال ولا الناس يحبونه لأخواتهم قال (أفتحبه لعمتك)؟ قال لا والله جعلني الله فداك قال ولا الناس يحبونه لعماتهم قال (أفتحبه لخالتك)؟ قال لا والله جعلني الله فداك قال ولا الناس يحبونه لخالاتهم فوضع النبي -صلى الله عليه وسلم- يده عليه وقال : اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن قلبه فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت على شيء.
رواه أحمد وصححه الأرناؤوط والألباني

حسن اختيار الطريقة العميقة التي تكون كالسهم في اصابة الهدف ..هذا ما نحتاجه أيضا في حوارتنا ..إذا أحببت توصيل نقطة ما لما لا تستخدم الرفق ..؟؟

مخرج من الموضوع :
الحوار أخذ وعطاء ..علاقة تكاملية بين متحاورين .. وهو فن يجب تعلمه ..
فليس أيما شخص يمكن أن يكون محاورا