قرار تشريح الجثث والاستفادة من زرع أعضاء الموتى في ليبيا

الشيخ سالم الشيخي يناقش قرار تشريح الجثث والاستفادة من زرع أعضاء الموتى في ليبيا

22:18:14 4/10/2010

خاص – مانشستر – المنارة

نشرت وكالة ليبيا برس الايام الماضية نقلا عن مصادر مقربة من اللجنة الشعبية العامة أن الحكومة الليبية وافقت على تعديل المشروع المعروض عليها من قبل أمانة العدل بشأن جواز تشريح الجثث والاستفادة من زرع أعضاء الموتى.

وحسب نفس المصادر فقد قررت الحكومة ( اللجنة الشعبية العامة ) بإحالة هذه المذكرة إلى أمانة مؤتمر الشعب العام، لعرضها على المؤتمرات الشعبية، لإبداء رأيها بالموافقة أو الرفض، ليتسنى لها من بعد إصدار قانون ينظم الكيفية التي سيتم بها تنفيذ هذا القرار.

وأشار المصدر إلى أن هذا القرار له العديد من الأبعاد السياسية والأمنية والشرعية، وبالتالي فهو بحاجة إلى التريث والترتيب الدقيق قبل صدوره.

من جهتنا ولتسليط الضوء على هذه القضية قامت المنارة بالاتصال بالشيخ سالم الشيخي عضو المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث وسؤاله عن الحكم الشرعي في هذه المسألة فكان الرد على النحو التالي:



' جوابا على السؤال الذي تفضلتم به حول الخبر الذي نُشر بخصوص عرض القرار المتعلق بتشريح ونقل الأعضاء من الموتى الى الأحياء على أمانة مؤتمر الشعب العام، لعرضها على المؤتمرات الشعبية، فأقول اختصارا وبالله التوفيق والسداد :

أولا : ما يتعلق بمسألة تشريح الموتى .

وهذه المسألة لها عدة صور يمكن حصرها في الأتي :

1 - التشريح لغرض التحقق من أمراض وبائية؛ لتتخذ على ضوئه الاحتياطات الكفيلة بالوقاية منها. والتعرف على أسبابها الحقيقية والبحث عن الأدوية المناسبة لها .

- 2 التشريح لغرض التحقق عن دعوى جنائية ، وهو المعروف بالتشريح الجنائي ، وذلك لمحاولة التعرف على الأسباب الحقيقية للوفاة في الحالات القضائية . حيث يمكن معرفة السبب الحقيقي للوفاة وزمنها والملابسات التي أحاطت بها، وقد يكون سبب الوفاة الحقيقي مخالفا لسبب الوفاة الظاهري وبذلك يتغير الحكم القضائي.

3- التشريح لأغراض التعليم ليعرف الطالب تركيب جسم الإنسان ، ووظائف الأعضاء وأقسامها ، ويتدرب على استعمال أدوات الجراحة ليقوم بعد ذلك بإجراء العمليات الجراحية للأحياء.

4 - التشريح لأغراض الانتفاع بأعضاء الميت لمصلحة الأحياء.

وقد اتفقت كلمة الفقهاء على جواز الصورة الأولى والثانية وبه صدرت فتاوى المجامع والمجالس الفقهية في العالم الإسلامي .

وخلاصة ما ذكرته المجامع الفقهية من الأدلة على جواز التشريح الجنائي يتلخص في الاتي :

أن التشريح الجنائي تترتب عليه مصالح عظيمة ،_ مصالح عامة_ وهي مقدمة على المصلحة الخاصة للميت , فمصلحة الميت الخاصة أن لا تشرح جثثه، والمصلحة العامة - وهي مصلحة المجتمع أن تشرح الجثة - مقدمة على المصلحة الخاصة . وكذلك القواعد الشرعية تؤكد على أنه يجوز أن ترتكب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما .

ومن المصالح التي تترتب على تشريح الجثة في التشريح الجنائي :

1 – صيانة حكم القاضي من الخطأ , لأن القاضي إذا لم تشرح هذه الجثة قد يخطئ في الحكم لعدم وجود الدليل على أن الموت كان طبيعياً ، أو أن الموت كان بسبب اعتداء على هذا الشخص , فمع التشريح يهتدي القاضي إلى إصابة الحق .

2 – صيانة حق المتهم .

3 – صيانة حق المجتمع وذلك بتحقيق الأمن .

وخلاصة ما ذكروه في جواز التشريح المتعلق بالأمراض الوبائية أنهم قالوا :أن المصلحة العامة تقدم على المصلحة الخاصة فتقدم أعلى المصلحتين على أدناهما ، وترتكب أدنى المفسدتين لدفع أعلاهما , وذلك أن تحصين المجتمع من الأمراض ووقايته منها هذه مصلحة عامة وحرمة الميت مصلحة خاصة فتقدم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة .

أما الصورة الثالثة وهي التشريح لغرض التعليم الطبي ففيه خلاف معروف بين العلماء المعاصرين والذي يترجح هو القول بالجواز وبه صدرت الفتاوى من عدة جهات علمية ومن ذلك :

1- هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية .

2 - مجمع الفقه الإسلامي بمكة المكرمة .

3 - لجنة الإفتاء بالمملكة الأردنية الهاشمية .

4 - لجنة الإفتاء بالأزهر بمصر .

واختاره عدد كبير من العلماء المعاصرين.

وقد استدلوا بأدلة كثيرة مفصلة في مضانها وخلاصتها تعود الى الأتي :

1- إذا تعارضت مصلحتان تقدم أعلى المصلحتين . فعندنا مصلحة الميت أنه لا يشرح ،وعندنا المصلحة العامة وهي أنه يشرح كي يستفيد الناس ويتعلم هؤلاء الطلاب الذين سيتمكنون من مداواة الناس و المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة .

2- كذلك أيضاً إذا تعارضت مفسدتان فإنه ترتكب أدنى المفسدتين ، فتشريحه مفسدة والجهل بأحكام علم الطب مفسدة عامة فترتكب أدنى المفسدتين .

3- وقالوا بأن الفقهاء رحمهم الله قد نصوا على شيء من ذلك فقالوا : لا بأس من أن يشق بطن الميت الحامل لكي يخرج الحمل إذا كان هذا الحمل ترجى حياته .

4 - ولأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فتعلم الطب من الفروض الكفائية ، أي إحياؤه موجه على مجموع الناس فإن أقاموه سقط التكليف عن الباقين ، وإن عطلوه ولم يقوموا به أثموا جميعا ، وتعلم الطب وإتقانه لا يتحقق إلا من خلال الإطلاع على وظائف وتركيب الأعضاء نظريا وعمليا ، ولا يكون ذلك إلا من خلال التشريح .

ومع القول بالجواز إلا أنه ينبغي الالتزام بالضوابط الضوابط التالية عند التشريح:

1 - يجب أن يقتصر في التشريح على قدر الضرورة والحاجة كيلا يُعبث بجثث الموتى، مع الحرص على ستر ما لا حاجة إلى كشفه من العورة.

2 - تعظيم حرمة الميت وعدم امتهانه، فلا يجوز الاستهزاء به ،ولا اللعب بأعضائه ،ولا الترامي بها في غرف التشريح كما يفعل وللأسف في بعض المستشفيات الجامعية.

3- ضرورة الحصول على موافقة الميت على ذلك قبل موته ، أو موافقة أوليائه ، إلاّ في حالة الجهالة بهوية الميت فيكتفي بموافقة الجهات المعنية في الدولة .

4 - موارة جميع الأعضاء في التراب بعد الإنتهاء من التشريح .

5 – المجتمع الليبي مجتمع مسلم كغيره من المجتمعات المسلمة وأهله يجدون نفوراً في نفوسهم، وعدم إرتياح في الموافقة على تشريح جثث موتاهم ، والواقع يثبت أنه توجد بدائل كثيرة في الجثث التي تشترى من غير المسلمين ممن لايمانعون في ذلك ديانة ، ولذا فالأكتفاء بجثث هؤلاء هو الأولى في المجتمعات المسلمة .

أما الصورة الرابعة فالحديث عنها داخل في مسألة نقل الأعضاء من الميت الى الأحياء والحديث عنها كوسيلة لمسألة نقل وزراعة الأعضاء هو في الفقرة التالية.



ثانياً : نقل وزراعة الأعضاء من الميت الى الأحياء .

وهذه هي المسألة الثانية التي وردت في الخبر الذي نشرته المنارة وخلاص القول في هذه المسألة على النحو التالي :

أن نقل الأعضاء الآدمية من الميت وزرعها في الإنسان الحي جائز صحيح ،وبهذا القول صدرت الفتوى في عدد من المؤتمرات ، والمجامع ، والمجالس الفقهية منها المؤتمر الإسلامي الدولي المنعقد في ماليزا عام 1969م ، ومجمع الفقه الإسلامي بمكة ، وهيئة كبار العلماء بالسعودية ، والمجلس الأوربي للإفتاء والبحوث ،وغير ذلك من الهيئات الإفتائية في العالم الإسلامي ،وقد وضعت هذه المؤسسات مجموعة من الشروط يجب التقيد بها عند عميلة نقل وزراعة الأعضاء وخلاصتها تعود الى ثلاثة شروط :

1 - أن تتوقف حياة الحي المراد نقل العضو إليه على ذلك العضو, أو تتوقف سلامة وظيفة أساسية فيه على ذلك.

2 - أن يأذن الميت قبل موته ، أو ورثته بعد موته, أو بشرط موافقة وليّ أمر المسلمين إن كان المتوفى مجهول الهوية أو لا ورثة له.

3 – أن لا يتم ذلك بوساطة بيع العضو، إذ لا يجوز إخضاع الإنسان للبيع بحال ما.

وفي الختام فإنه ينبغي أن تشارك هيئة من العلماء وأهل الفتوى في أي قرار متعلق بهذا الشأن حتى يساهموا في وضع الضوابط الشرعية المتعلقة بذلك.

والحمد لله رب العالمين .

سالم عبد السلام الشيخي

عضو المجلس الأوربي للإفتاء والبحوث

الخبير بمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا .

مشكور عالطرح

اخصــائى فى نقــل الآحــــداث السيـــاسيه المتفــرقه.

مشكورين على المرور بارك الله فيكم