اميركا قررت محاربة "ويكيليكس" بسلاحه فمن يصمد؟

من طرف **عبدالحفيظ عوض ربيع** 2010-12-03, 7:29 pm

اميركا قررت محاربة "ويكيليكس" بسلاحه فمن يصمد؟

كانت خطوة جريئة دون شك من مؤسس موقع "ويكيليكس" جوليان اسانغ في الوقوف في وجه الاستخبارات الاميركية والدولية وكشف كل ما كان يحمل الطابع السري في المراسلات العسكرية والدبلوماسية لينقل الى الرأي العام العالمي الصورة الحقيقية للتعاطي الاميركي مع العالم من الزاويتين العسكرية والسياسية.
لا شك ان السؤال يطرح نفسه حول الاسباب التي دفعت اسانغ الى الكشف فقط عن المراسلات الاميركية دون غيرها، وعن المصادر التي تموله والتي نجحت في اخفاء هويتها عن اقوى اجهزة الاستخبارات في العالم واكثرها تطوراً. ولانه لا يمكن تكذيب الوثائق، سبب نشرها احراجاً للاميركيين في المقام الاول، ولبقية دول العالم في المقام الثاني بفضل المراسلات التي تولت السفارات الاميركية في مختلف انحاء العالم من ارسالها الى الولايات المتحدة لاطلاع الخارجية الاميركية عليها.
وبعد كر وفر، وسياسة "ترغيب وترهيب"، قررت واشنطن على ما يبدو مواجهة "ويكيليكس" بسلاحه، اي التوجه الى الرأي العام العالمي، فعمدت اولاً الى تشويه صورة اسانغ الشخصية حيث لا يزال ملاحقاً في قضية اعتداءات جنسية حصلت منذ زمن. اما الخطوة الثانية، فكانت اعتماد سياسة "فرق تسد" حيث انشق قسم من موظفي الموقع عن اسانغ، ويحاولون حالياً انشاء موقع مرادف لـ"ويكيليكس" انما دون التركيز على الولايات المتحدة فقط، بل على دول اخرى ما يفقد الوثائق المسربة مفعولها الحقيقي كون الاهتمام لم يعد ينصب على محور واحد بل تعددت محاوره وضاعت اهتماماته وتركيزه. ولعل الدليل الابرز كان تلهي الدول بنفي ما نقله الدبلوماسيون الاميركيون على لسان المسؤولين المحليين في كل بلد، فـ"ضاعت الطاسة" وضاعت معها المعلومات.
اما الشق الثالث والاهم فهو استغلال اميركا لما حدث لتعزيز سيطرتها الالكترونية وتطوير قدراتها على قطاع المعلوماتية بحيث تشمل الرقابة التي تمارسها اكبر عدد ممكن من المواقع الالكترونية فتسيطر بالتالي على اكبر عدد ممكن من الاخبار والمعلومات التي يتم التوجه بها الى الرأي العام. من هنا يمكن السؤال عما اذا كان ما نشره موقع "ويكيليكس" قد اضر فعلاً بالمصالح الاميركية ام انه افادها وكان السبب الرئيسي في اتخاذ خطوات كبيرة افادت الاميركيين في بعض المواقف والمواقع، وزرعت الشك لدى الكثير من المسؤولين والزعماء المحليين في كل بلد بفعل الكلام الذي نسبه اليه الدبلوماسيون الاميركيون.
خطوات "ويكيليكس" تطرح التساؤلات ولكن المواقف وردود الفعل الاميركية تطرح بدورها تساؤلات اكثر الحاحاً، ويبقى معرفة من سيبقى واقفاً بعد المواجهة الفعلية التي باتت مفتوحة.