من المثقف العربي؟ وماذا نريد منه ؟

من طرف محمد اللافي 2011-01-17, 9:44 am

من المثقف العربي؟ وماذا نريد منه ؟

كثير من المواطنين العرب على امتداد أقطارهم
من الخليج إلى المحيط يريدون كلمة الثقافة على سبيل المباهاة دون أن
يعرفوا أحيانا معناها الصحيح ولا دلالتها الحقيقية إذا يعتقدون
أن الثقافة لا تعدوا أن تكون أشلاءً ممزقة من المعلومات السطحية والتقاليد القديمة
التي كانت أو لا تزال تشترك فيها بعض المجتمعات ونجدهم يضفون
صفة <المثقف > على من يعتقدون أنه أغزر منهم معرفةً وأكثر
إدراكا وأوسع إطلاعا ولو كانت معرفته سطحية وإدراكه ضحلاً
وإطلاعه محدوداً لأنهم لم يفهموا فهماً صحيحاً ما تتطلبه تلك الصفة من شروط جوهرية يجب أن تتوفر في الموصوف .
ونتيجة لهذه المعرفة السقيمة وهذا الاعتقاد المغلوط نراهم يسرفون في
استعمالها ويخرجون بها من إطار مفهومها ويسيئون
إلى مكانتها ورسالتها.
إن رجال الفكر والعلم قد أجمعوا على أن الثقافة مجموعة من
العلوم والمعتقدات والأعراف والمثل والقوانين والأخلاق التي
التي تتميز بها الشعوب وعلى هذا الأساس فان صفة المثقف تصبح
وثيقة الصلة بكل شخص يتميز بسعة الإطلاع وعمق التفكير ودقة الفهم
وكريم الأخلاق.
ومما لا شك فيه أن الثقافة تطورت وتجددت ونمت وازدهرت لدى بعض
الشعوب التي استطاعت أن تشق طريقها وتواصل مسيرتها
على دروب التقدم والرقي إذ اغتنت بإضافة عناصر جديدة وتطوير
عناصرها القديمة ونبذ العناصر الغير ملائمة وإهمالها وبذلك هيىء لها
الجو المناسب لتستمر في مواكبة ركب الحياة الحديثة في طرائق التفكير
والتعبير وفي وسائل العمل والتنفيذ .
وقد ابتليت معظم الأقطار العربية بالاستعمار الغربي عن طريق القهر والقمع
بقوة السلاح أو فرض الحماية والمعاهدات.
وصحب هذا الاستعمار غزو ثقافي عنيف أستهدف فكر الإنسان العربي
ووجدانه إلى جانب احتلال أرضه وقد استطاع العرب في جميع
أقطارهم أن يقاوموا الغزو الثقافي الأجنبي وكان تمسكهم بتراثهم
ومحافظتهم على تقاليدهم الأصيلة واعتزازهم بقوميتهم العربية هي
الدروع الصامدة و الصلبة التي تحطمت عليها سهام الغزو الثقافي ورياحه.
و الآن وقد تحررت معظم الأقطار العربية ولستبعاد الحل العسكري
فقد أصبح من واجب المثقفين العرب المعاصرين أن يشهروا سلاح
الفكر والعلم ألسنته وأقلامهم ليواكبوا الثورة الثقافية التي تجتاح
الوطن العربي من مشرقه إلى مغربه ,ويحافظوا على المكاسب
التي حققتها ويعيدوا أمجاد الرواد الأوائل الذين أرسوا دعائم النهضة العربية
ونشروا في أرجاء العالم نور المعرفة والهدى .
إن المثقفين العرب مطالبون اليوم بأن يبحثوا في تراثهم العربي
الزاخم بضروب العناصر الثقافية الأصيلة وأن يربطوا القديم
بالحديث ليصلوا الى مفهومات جديدة في الثقافة العربية ويوسعوا
ساحتها ويزيد وها غنى وثراءً حتى تنتشر وتحتل مكانتها المرموقة
في طليعة الثقافات العالمية .
إننا نريد من المثقف العربي أن يشذب الثقافة العربية مع الحفاظ على
أصالتها ومقوماتها وقيمها وأن يطهرها
من أدرن التقاليد والعادات السيئة التي لا تساير أهداف الأمة
ولا تواكب العصر ومن رواسب عهود الانحطاط من اختلاق وتهور
في الأخيلة والتصورات التي تبعد الإنسان العربي عن واقعه
وتفصم صلته بالحقيقة .
نريد من المثقف العربي أن يكون شديد الرغبة في استيعاب النافع والمفيد
من الثقافات الأخرى لينمي قدراته الثقافية ويصبح قادراً على أن يؤثر
ويهدي ويهتدي ويعلم ويتعلم وبذلك يكون مواطناً صالحاً وعنصراً فعالاً
يخدم وطنه وأمته وجندياً شجاعاً واعياً ويذود بمعلمه وفكره عن أخيه العربي
من خطر غزو الثقافات الأجنبية الضارة التي تستهدف تدمير نهضة
القومية العربية وإخماد ثورتها وتسكين انتفاضتها وعرقلة مسيرتها
على دروب العلم
والمعرفة.
ونريد من المثقف العربي أن يعمل جاداً وجاهداً على تدعيم أسس
الوحدة الفكرية التي تمهد الطريق وتختزل الزمن لتحقيق الوحدة العربية الشاملة
والتي تعيد للعرب أجمعين المجد والمنعة والعزة والكرامة .
منقول للفائدة