ويكيليكس" تحرج أمريكا وتركيا

من طرف جلنار 2011-02-10, 12:28 pm

"ويكيليكس" تحرج أمريكا وتركيا

كشفت تسريبات جديدة لوثائق سرية يعتزم موقع "ويكيليكس"
نشرها عن تقديم تركيا مساعدات مالية لتنظيم "القاعدة" في العراق، كما كشفت
عن تورط واشنطن في دعم سري للانفصاليين الأكراد ضد تركيا، ويعتقد مراقبون
أن الكشف عن هذه التسريبات الجديدة سوف يحرج كلا من واشنطن وأنقرة.

ولم يكشف موقع "ويكيليكس"
مضمون الوثائق الجديدة، واكتفى بالقول إنها ستكون أكبر "بسبع مرات" من
الوثائق المتعلقة بالعراق، وذكر الموقع اعتزامه نشر نحو 2.7 مليون وثيقة
جديدة تتضمن مكاتبات سرية بين واشنطن وسفرائها في عدد من دول العالم.

لكن تقارير إعلامية كشفت عن تسريبات جديدة للوثائق تتحدث عن تورط السلطات
التركية بتقديم مساعدات مالية لتنظيم "القاعدة" في العراق؛ حيث تقول
الوثائق إن تركيا تقاعست عن ضبط حدودها أمام مرور "الرجال والسلاح
والتمويل" اللازم لعناصر التنظيم، بحسب ما نقل موقع "أخبار العالم" التركي.

وأوردت التسريبات معلومات تدين تركيا –وهو ما نفته السلطات التركية-
بالتورط في أعمال وصفتها بـ"الإرهابية" في العراق؛ إذ جاء في أحد التقارير
ما يشير إلى أن تفجير أحد الجسور قرب العاصمة بغداد كان ممولا من تركيا،
بالإضافة إلى وجود تقرير عسكري أمريكي منذ عام 2007، كشف عن تزويد مواطن
عراقي مقيم في تركيا تنظيم "القاعدة" في العراق بالغاز المناسب لتنفيذ
التفجيرات والهجمات.

وعلى نفس الصعيد ورد بتقرير أمريكي سري أن "مسدسا وذخائر أخرى ضُبطت في
منزل أحد العراقيين المنتمين لتنظيم القاعدة عام 2009 مطبوع عليها علامة
"صنع في تركيا".

ومن بين الوثائق التي تثبت تورط تركيا في العراق وثيقة أمريكية رسمية في
عام 2006 بـ"شفرة عسكرية" جاء فيها: "وصلت كميات كبيرة من المياه من
تركيا.. ستضرب أمواجا هائلة ببغداد في غضون ساعات.. هناك أشخاص يوسّعون
قنوات الري"، وترجح الوثائق أن يكون معنى هذه العبارة "وصول متفجرات أو
أسلحة من تركيا لتنفيذ هجمات في بغداد"، وفقا لما نشرته التقارير
الإعلامية.

دعم أمريكي للأكراد

وعلى الرغم من تصنيف حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية على لوائح
وزارة الخارجية الأمريكية منذ عام 1979، فإن الوثائق الجديدة تكشف عن تورط
الولايات المتحدة في دعم عناصر من الحزب ضد تركيا.

وأوردت وثيقة أمريكية تعود إلى عام 2004، توقيف عناصر من حزب العمال
الكردستاني في مدينتي تكريت وبعقوبة، وجاءت صفتهم في التقرير الرسمي أنهم
"محاربون من أجل الحرية"، كما أوردت وثيقة أخرى أن القوات الأمريكية في
العراق تراجعت عن توقيف عناصر تابعة للحزب بمناطق عراقية متفرقة.

هذا بالإضافة إلى الكشف عن تعمد القوات الأمريكية في العراق ترك أسلحة
كثيرة لمقاتلي حزب العمال الكردستاني، كما غضت الطرف عن نشاطات وعمليات
لعناصر الحزب داخل تركيا.

ومن جانبها حاولت الولايات المتحدة التقليل من شأن تلك الوثائق، مستبعدة
أن يكون لها تأثير مباشر أو جوهري على العلاقات الإستراتيجية الوثيقة بين
واشنطن وأنقرة.

واعتبرت دوائر رسمية أمريكية أن وجود أي مستوى من الاتصال أو نوع من الدعم
الأمريكي لمقاتلي الحزب الكردستاني "جهداً فرديا واستثنائيا لا يعبر عن
موقف رسمي"، بحسب التقارير الإعلامية.

من ناحيته صرح وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو أن بلاده لا تعرف نوع
الوثائق التي يضمها الملف، وقال لشبكة "سي إن إن" التركية: "كلها تكهنات..
لكن من حيث المبدأ أي تجاهل أو سماح بأي عمل إرهابي انطلاقاً من تركيا ضد
دولة مجاورة، وبالتحديد العراق، أمر غير وارد لدى سلطات أنقرة".

ولم تكن تلك هي المرة الأولى التي ينشر فيها موقع "ويكيليكس"
وثائق تدين تركيا؛ إذ أوردت الوثائق سابقا أن "مجموعات إسلامية تركية كانت
من أشرس الفرق التي هاجمت مواقع لقوات حلف شمالي الأطلسي في أفغانستان عام
2007".

وكان جوليان أسانج مدير موقع "ويكيليكس" قد أعلن عن حاجة موقعه إلى متطوعين أتراك ليترجموا بقية الوثائق التي في حوزته وتتحدث عن الدور التركي في احتلال العراق.

وأكد أسانج أن لديه الكثير من الوثائق والمستندات المتعلقة بملف ترشيح
تركيا لعضوية الاتحاد الأوروبي، لكن بدت تصريحات أسانج لعدة مراقبين أتراك
أنه "إصرار من قبل موقع ويكيليكس" على إقحام تركيا وتوريطها في ممارسات
وأعمال مشينة صاحبت غزو العراق واحتلاله".

"امتصاص الغضب"

وعلى الرغم من تقليل الولايات المتحدة شأن ما ينشره موقع "ويكيليكس"، فإن
وزارة الخارجية الأمريكية سعت لاحتواء التبعات المحتملة لنشر الوثائق
السرية.

وتوجه دبلوماسيون أمريكيون إلى وزارات الخارجية في عدة دول على أمل امتصاص
الغضب الذي قد ينجم عن نشر هذه الوثائق، وهي مذكرات داخلية تفتقد إلى
اللياقة التي يتسم بها الدبلوماسيون في العلن.

ولم تؤكد السلطات الأمريكية مصدر تسريب الوثائق، لكن معلومات أشارت إلى
شخص يدعى "برادلي مانينج" الذي كان يعمل في الاستخبارات العسكرية، وتم
اعتقاله في مايو الماضي بعد نشره تسجيل فيديو لضربات جوية أسفرت عن مقتل
مدنيين في بغداد.

وفي موسكو، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لوكالة الأنباء الروسية
"إنترفاكس" أن مكتبه لم يبلَّغ رسميا من قبل واشنطن بشأن كشف هذه الملفات
الذي رأى أنه عمل يقوم به "لصوص صغار على الإنترنت".

وفي روما، أبلغت الحكومة أن كشف الوثائق قد يؤدي إلى "انعكاسات سلبية
ممكنة على إيطاليا"، وقال وزير الدفاع السابق أنطونيو مارتينو إن من بين
ما سينشره الموقع حول إيطاليا وثائق تتعلق بالقلق الأمريكي على
استثماراتها في إيطاليا، بحسب ما نقلته عنه وكالة الأنباء الإيطالية "آكي".

وأوردت صحيفة "هاآاآرتس" الإسرائيلية، نقلاً عن مسئول كبير، أن تل أبيب
أيضاً أُبلغت بأن الوثائق يمكن أن تشمل تقارير سرية صادرة عن السفارة
الأمريكية فيها.

وقال مسئولون في لندن وستوكهولم وكوبنهاجن، إن البعثات الدبلوماسية
الأمريكية لديها أبلغتها أو اتصلت بها بشأن هذه الوثائق، بينما أعلنت كندا
أن سفارتها في واشنطن "تعالج هذه المسألة مع وزارة الخارجية الأمريكية".

من جهتها، قالت وزارة الخارجية الفنلندية إن السفارة الأمريكية في هلسنكي
تعتقد أن نشر هذه الملفات سيكون "أخطر" عملية كشف وثائق سرية، كما أكد
مسئولون في بريطانيا والنرويج والدنمارك أن الولايات المتحدة أبلغت حكومات
بلدانهم بشأن الوثائق.

وانطلق موقع "ويكيليكس"
في مطلع عام 2007، معلناً تبعيته لمنظمة سويدية تهدف إلى الدفاع عن
الحريات ومحاربة الفساد، خصوصاً في الدول التي تحكمها أنظمة قمعية، لكنه
لم يستثن أيضاً الدول الغربية التي تقع فيها حالات فساد جديرة بأن تذاع
على العالم.

وينظر بعض المراقبين إلى موقع "ويكيليكس" على أنه منحة للشعوب المغلوبة على أمرها، بينما ينظر إليه آخرون على أنه يخدم أجهزة استخبارات أو أنظمة أو أجنحة في دوائر الحكم.