الامازونات في ليبيا الجزء الرابع والاخيرا

خَاتمة وسُؤَالان
بينما كانت الملكة " مورينا " وامازوناتُها يعشن في رَغَدٍ وهناءٍ بالجزر والبلدان التي احتللن وأَنشأْن ، كان يقوم صراعٌ عنيف في بلاد أُخرى من بلاد آسيا الصغرى هي " تراقيا " . وكان يحكمها طاغيةٌ جبار يُدْعَى "لوكورجوس" كان من منافسيه رجلٌ يُسَمَّى "موبسوس" قام الطاغية بنفيه من البلاد وأَمر بإخراجه طريداً شريداً . فلما خرج موبسوسُ منفيّاً قابله في طريقه رجلٌ آخر مغضوبٌ عليه يدْعَى "سنبيبلوس" من أَهل "سكيذيا" المتاخمةِ لتراقيا . ترافق المنفيان وتصادقا . وجمعا عدداً آخر من المنفيين وكونا جيشاً واحداً يعيثان به فساداً في الأرض . وكان مقصدهما موطنَ الامازونات الليبية التي استقر بها المقامُ وطابت لها الحياة . فجاءَ الطريدان بجيشهما المكوَّنِ من مرتزقة المنفيين وبدآ في الزحف على أَرض مورينا وأَمازوناتها . ثم اشتبكا معها في معركة ضاريةٍ رهيبةٍ أَسفرت في نهايتها عن انتصار موبسوس التراقي وسيبولوس السكيذي ، وعن مقتل الملكة مورينا وقسمٍ كبيرٍ من جيشها . غير أَن بقيةَ الامازونات لم يستسلمن ، وظللن يصار عن القوة الجديدة بشجاعة فائقة حتى إذا ما فاقهن الخصومُ عُدةً وعدداً ، وأَتت الأيامُ بهزيمة إِثر أخرى ، اضطررن إلى التفكير في المصير ، وقررن العودة إلى ليبيا من حيث أَتين . وهكذا كانت نهاية الحملة التي قامت بها أَمازوناتُ ليبيا كما تقول الاسطورة" .

ونستطيع أَن نشير من هذه الخاتمة سؤالين : هل كانت هناك أَمازونات أَخرى غيرُ الامازونات الليبية ؟ وهل قصتُهن أَسطورة أم تاريخ ؟ أَنا عن السؤال الأول فنعم . وهو ما يذكره ديودروس الصقلي وغيره عن أَمازونات نهر "ثرمودون" في منطقة بحر مرمرة . غير أنه أَراد أَن ينبه الغافلين إلى أن أَمازونات ليبيا كُنَّ أًَسبقَ وأَعظم ، إِلا أَن الزمن عفَّى على أَخبارهن ، فقد عشن واندثرن ، كما يقول ، قبل أَجيال من حربِ طروادة في القرن الثاني عشر ق.م . وأَما عن السؤال الثاني فلست أَدري نصيبَ كلٍّ من الأسطورة والتاريخ في الأَمر، فإن كانت الأولى فهي كغيرها مما عند المصريين والبابليين والاغريق والهنود والأُوروبيين ، وإِن كانت الثانية فإن التاريخَ حافلٌ بالعجائب والغرائب ، وتاريخ ليبيا على وجه التخصيص . ولقد أَشار السيدُ "أوريك بيتس" في كتابه (الليبيون الشرقيون) إلى الامازونات واستخلص من القصة مغزىً اجتماعياً يكمن في ما يعرف بالمرحلة الأُمومية حين تسيطر المرأَةُ وتحكم وهي مرحلةٌ تمر بمختلف المجتمعات .
بقيت خاتمةُ للحديث تتلخص في ذكر من نقلتُ عنه أَن "هرقلَ" جاءَ إلى ليبيا وقضى على الغرغونات والأَمازونات معاً ، حرصاً منه على أَن لا يسمحَ بأَن تحكمَ النساءُ مجتمعاً يرعاه . مسكين هرقل ، فلم يكن يعلم أن المرأة أَبداً هي الحاكمة ، وإِن كانت في الظاهر محكومة