2000 طن من الأرز على متن باخرة وهمية

من طرف **عبدالحفيظ عوض ربيع** 2012-03-02, 6:50 pm

لصوص المال العام لا تألو جهدا في اختيار أنسب الوسائل لنجاح صفقاتها الوهمية ، فهي تستخدم وسائل غريبة قد لا ينتبه إليها أحد وقتها ،
فربما لم يكن يعرف أبطال هذه الحادثة أن الأجهزة الأمنية ستلاحقهم يوما ما وسترصدهما رغم خططهم المحكمة للتجارة الوهمية التي يديرانها بشكل سري.
فرغم الظروف الغامضة والتحايل في الإجراءات بقصد التلاعب بالمال العام وأحيانًا بالتواطؤ مع مسؤولين استطاعت الأجهزة الأمنية في بنغازي القبض على مجموعة من الأشخاص تبين فيما بعد تورطهم في قضية تزوير في أوراق رسمية لايزال التحقيق بملابساتها جاري إلى الآن
تفاصيل الحادثة
أحيل إلى قسم البحث الجنائي تقرير من مركز الرقابة على الأغذية والتفتيش على الأدوية يفيد طلب شركة السهول الليبية لاستراد المواد الغذائية تقدمت للحصول على أفراج مؤقت على شحنة أرز غير مقشور تصل كميتها حوالي (2000 ) طن قادمة من تركيا على متن الباخرة (محمد افتدى ) أقرار جمركي (8931 )وبوليصة رقم 069) ) وبناء على هذه الإجراءات تم إصدار تسريح مؤقت للشحنة شريطة أن تكون تحت الحراسة الجمركية
تم تصريح الإفراج الموقت لمركز جمرك ميناء بنغازي البحري وصدر أمر تسليم للشحنة من تشاركية ليبيا للتوكيلات الملاحية والتي من المفترض أن تقوم بالإجراءات الجمركية للشحن
وأفاد مركز الرقابة أن المخلص الجمركي للشركة أكرم الساحلي قال أن إنزال الشحنة من الباخرة حدث دون علمنا وانه حدد لهم مكان تخزينها فى منطقة بودزيرة حتى يتسنى لمركز الرقابة اتخاذ الإجراءات الرقابية مثل سحب العينات لمعاينة الشحنة
حيث تم تكليف مهندسين من المركز وهم محمد الغويل ومحمود الزئدي حيث تبين انه لاوجود للشحنة أصلا فالآثار الموجودة على الأرز توكد انه قديم وذلك من خلال ملاحظة الأتربة الموجودة عليها حيث قام باعددا تقريرا بذلك وفق المشاهدة العينية
وبناء على تقرير المهندسين بالمركز قام مركز الرقابة بالاستفسار من الشركة الاشتراكية للمواني وتشاركية ليبيا للتوكيلات عن هذه الشحنة والذين اكدو في ردهم عدم قدوم إى باخرة باسم (محمد أفندي) بالتاريخ المذكور بالمستندات مما شكل وجود شبهة تزوير في الإجراءات المقدمة من قبل المخلص الجمركي أكرم الساحلي
أحيل التقرير لمكتب المحامى العام على ونيس الذي أحاله إلى وكيل رئيس نيابة الشمال محمود البرغثى للاختصاص ثم إلى قسم البحث الجنائي للاستدلال في الواقعة
إجراءات البحث الجنائي
تم مخاطبة الشركة الاشتراكية للمواني وتشاركية ليبيا للتوكيلات الملاحية عن دخول باخرة (محمد افندى ) وعلى متنها شحنة أرز مبشور بالتاريخ المقدم بالمستندات كما تم مخاطبة السيد مدير مركز جمرك بنغازي البحري عن خلفية الشحنة وتكليف تحريات لجلب المعلومات والتحرى باسم شركة السهول الليبية للاستيراد المواد الغذائية

رد الشركات
جاء في رد شركة ليبيا للتوكيلات أنه لم يتم إصدار أمر تسليم المذكور رقم 23 كما أن الباخرة غير موجودة وافادو بأنهم ليس لديهم أي تعامل مع هذه الجهة و أن رقم أمر التسليم (23) يخص شحنة أخرى صدرت بتاريخ 2008
بدوره أفاد مدير شركة الاشتراكية للمواني في رسالة رسمية أن الباخرة (محمد أفندي ) لم تصل إلى ميناء بنغازي البحري إلى هذا التاريخ
أما فيما يخص إجراءات الشحنة والإقرار الجمركي التي قام بتفتيشها مقدم صادق نجم ومساعد ضابط أسامة الشريف قال مدير جمرك بنغازي البحري :إن الباخرة وصلت يوم 18-12 2011 وحسب قولهم أنهم قاموا بتفتيشها
تم مخاطبة المفتش الصحي المهندس محمد الغويل من مركز الرقابة على الأغذية والتفتيش على الأدوية وجاء في اقولة بأنه كلف من قبل رئيس القسم احمد الشاعري وانه تلقى اتصال من المخلص الجمركي( أ.ا) لإيصاله إلى مكان تخزين الشحنة الخاصة بشركة السهول الليبية وذلك للحصول على الإفراج المؤقت وبوليصة الشحن وأمر التسليم وشهادة المنشاء وفاتورة وقائمة التعبئة
وقال أن( أ.ا) اخبره بأن الباخرة محمد افندى قد وصلت إلى الميناء نهاية الدوام الرسمي وكان ذلك يوم الخميس 28 -12 -2011 وقد أكملت إنهاء التفريغ في اليوم الثاني مساء أما اليوم الذي يليه فقد صادف عيد الاستقلال وقال انه لايعلم هل كان ذلك حجة لتأجيل موعد التفتيش على العينة أم لا
وأضاف ذهبنا إلى مكان وجود الشحنة في منطقة بوعطنى وعند وصولنا وجدنا المخزن مقفل وعند المساء فاجئني (أ .ا) باتصال هاتفي يقول فيه :إن الشحنة موجودة في منطقة بودزيرة وعند انتقالنا إلى عين المكان وفتح المخزن وجدنا ارز غير مقشور ولكنة قديم جدا وعليه أتربة مما أثار شكي في الشحنة وعند أستفسارى من المواني اخبروني بأنه لا توجد باخرة باسم محمد أفتدى وان أمر التسليم مزور حسب إفادة شركة ليبيا للتوكيلات
وقال الغويل أن (أ.س) هو من قام بتسلمه أمر الإفراج واخبره بأنها تخص شركة السهول الليبية وبناء على ماجاء في أقوال المهندس تم ضبط (ا. س) من قبل الباحث الجنائي والذي استعان بكتيبة الزنتان نتيجة لمقاومته التى قام بها المتهم لأعضاء قسم البحث الجنائي
محضر التحقيق مع المتهم
يقول المتهم خلال اعترفاتة بمحضر جمع الاستدلال أن ليس لديه سوابق جنائية كما برر مقاومته للبحث والكتيبة لوجود ابنته معه نافيا علمه بان علية ضبط وإحضار من قبل النيابة العامة مع اقرارة بأنه يعلم أن قاموا بالقبض علية هم قسم البحث الجنائي
وشرح في اعترافاته أنه اتصل بالمهندس لأخذ عينة الأرز إلا أن هذا الاتصال جاء بعد هاتف من (ف . ا) يعمل بنفس المكتب اخبره بان الشحنة وصلت إلى الميناء وتم إيصالها إلى مخزن بوعطنى حسب قول لي وهنا علمت بان الموضوع غير صحيح وهناك شبهه تزوير
وأسترسل قائلاً : عندما اخذ الغويل عينة من الأرز قال بانه قديم وكان (ف . ا ) قد اعلمنى بعدم وجود باخرة ولا أرز وقمت بالاتصال بصاحب المكتب (ج.ا )واخبرني بنفس الكلام مضيفا انه لم يقوم باى إجراء بعدم علمه بان الباخرة لاوجود لها
أما بخصوص علمه بالإجراءات المزورة التي قدمت من قبل أمر التسليم بشركة ليبيا قال انه لم يعلمها في حينها بل في وقت أخر
وقال أن من قدم الإجراءات المزورة هو (ج . ا) وهو- أيضا – من قدم الإقرار الجمركي كما جاء في اقولة عدم وجود صفة مع شركة السهول الليبية وان عملي أقتصر على أمر التسليم المزور
كما انه لم ينفى ولم يثبت علم صاحب شركة السهول بالموضوع ولم يعرف المبلغ الذي تم علية اعتماد الشحنة ولا حتى اسم المصرف
وبسؤاله ما إذ كان باب المخزن كان مقفل أو لا، على اعتبار أنه وفى حالات الإفراج المؤقت لابد أن يكون مكان البضاعة مقفل وهو مخلص جمركي ويعلم ذلك جيدا
أجاب المتهم فى تلعثم : أن باب المخزن كان مفتوحا وقال ان شركة السهول الليبية ليست مقيدة فى سجلات الغرفة التجارية وأن اجراتها ومعاملاتها كانت عن طريق (ج . ا)
بناء على أقوال المخلص الجمركي تم إصدار أمر بحبسه في الحجز القانوني إلى حين اكتمال التحقيقات
وبتأشيرة من وكيل النيابة العامة بمكتب المحامى العام تم إعطاء الإذن لمأمور الضابط القضائي بدخول مكتب المتهم (ج. ا) وتفتيشه وضبط كل مايشكل جريمة إلا أن المكتب وجد مقفولا ولا يزال التحقيق جاري إلى الآن.