روبوتات لمساعدة الجرّاحين في إزالة الأورام الدماغيّة بعيدة ا

روبوتات لمساعدة الجرّاحين في إزالة الأورام الدماغيّة بعيدة المنال!

للروبوتات أشكال ومهامّ لاتُعد ولا تُحصى في وقتنا الحالي، ولكنّ المُلفِت هو أن يتمكّن روبوت صغير من الدخول إلى الدماغ البشري واستئصال الخلايا السرطانيّة بشكل كامل، وبدقّة ومهارة يعجز عنها الطبيب الجرّاح عادةً..... نحن أمام شكل جديد من الروبوتات ومهمّة صعبة نوعاً ما!!!
يبلغ معدّل البقاء الوسطيّ (العدد التقريبيّ للسنوات التي يبقى فيها المريض على قيد الحياة) لمرضى الأورام الأروميّة الدِّبْقِيّة glioblastomas (نوع خطير من أنواع سرطان الدماغ) أقلّ من سنتين. العامل الأساسي للنسبة المنخفضة هذه هو أنّ العديد من الأورام السرطانية تكون عميقة الجذور وواسعة أو أحياناً غير مرئيّة بالنسبة للجرّاحين حتى مع استخدام أدوات الجراحة العصبيّة أو تقنيات التصوير المتوافرة حاليّاً.
تمّ تشكيل فريق مكوّن من مجموعة من العلماء والمهندسين إلى جانب جرّاحي الأعصاب، في جامعة ماريلاند، لابتكار هذا الروبوت .
خلال أربع سنوات قام الفريق بتصميم وبناء واختبار النموذج الأوّلي للروبوت، وكان بشكل الإصبع مع مفاصل متعدّدة تسمح له بالحركة في عدّة اتّجاهات. كان الروبوت مزوّداً في رأسه بكاوٍ كهربائيّ electrocautery، وهو أداة تستخدم الكهرباء لتسخين ومن ثَمَّ تدمير الأورام التي توجد في طريقها، إضافةً إلى أنبوب شفط لإزالة الحطام (الناتج عن تدمير الورم).
-------------------------------------------------------------------------------
من المعروف أنّه قبل إجراء عملية استئصال الورم الدماغي يتم أخذ صورة رنين مغناطيسي للمريض MRI من أجل تحديد مكان الورم، ومن ثَمّ إجراء العملية. ولكن أثناء العمل الجراحي وباستخدام أدوات جراحية تقليدية يمكن أن يتغيّر شكل الأنسجة بين يدي الطبيب، ومنه تتغيّر حدود الورم المرسومة مسبقاً بمساعدة صورة الرنين المغناطيسي، وبالتالي يكون العمل الجراحي غير دقيق ويستلزم تكرار الصورة عدّة مرّات (أثناء العملية) لإزالة الورم نهائيّاً، هذا إن أمكنهم التخلّص النهائيّ منه .كما أنّ الطريقة الجديدة تعمل على تصغير حجم الشقّ الجراحيّ اللازم للعمليّة.
فالحلّ برأي العلماء هو باستخدام هذا الروبوت حيث يقوم الطبيب الجرّاح بوضعه في دماغ المريض، ومن ثمّ يُدخِل المريض إلى جهاز الرنين المغناطيسي ويكون الطبيب قادراً على تحديد مكان الورم بالضبط من خلال صورة الجهاز المباشرة، وبوجوده في غرفة أخرى متحكّماً بالروبوت يستطيع إزالة الخلايا السرطانية مباشرةً بدقّة متناهية، مع بقاء المريض داخل جهاز الرنين.
لكنّ أحد المشاكل الأساسيّة التي واجهت العلماء هي المجال المغناطيسي للروبوت (من المعروف أنّه يتمّ التحكّم بالروبوتات عبر المحرّكات الكهرومغناطيسية) الذي سوف يتأثّر بالمجال المغناطيسي لجهاز الرنين، مسبّباً صورة مشوّهة عند الطبيب الذي يقوم بالعمل وتمنعه من متابعة الجراحة بشكل دقيق .
كان الحلّ هو أن يكون التحكّم بالروبوت عن طريق بكرات ونوابض وسبائك shape memory alloy (السبائك هي مواد تغيّر من شكلها استجابة لتغيّرات درجة الحرارة) للسيطرة على حركة الروبوت بدلاً من المحرّك الكهرومغناطيسي .

من جهة أخرى، قام فريق آخر من العلماء والجرّاحين بابتكار نوع جديد من المناظير صغيرة ورقيقة جدّاً، مع الحفاظ على جودة عالية للصورة حيث أنّ هذا المنظار له تركيب مختلف. فهو يتألّف من ليف بصريّ واحد بحجم شعرة واحدة للإنسان متوضّعة في منتصف المنظار، هذا وعندما يهتزّ الليف بتردّد معيّن يصدر ضوءاً أبيض (مزيج من أشعّة الليزر الخضراء والحمراء والزرقاء)، وعبر توجيه ضوء الليزر من خلال سلسة من العدسات الموجودة في المنظار سوف ينعكس على نطاق واسع جدّاً داخل جسم الإنسان. عندما يتفاعل ضوء الليزر مع الأنسجة يلتقط التلوين فيها وينثره مرّة أخرى إلى حلقة من الألياف الضوئيّة تنقل المعلومات إلى الشاشة مباشرةً .

يكمن التحدّي، عندما نتحدّث عن الأورام الدماغيّة بالذات، بالتمييز الدقيق بين الأنسجة السليمة (التي يمكن أن تؤدّي إزالتها خطأً إلى مشكلة عصبيّة لدى المريض تختلف باختلاف المنطقة المزالة) والأنسجة السرطانيّة (التي يؤدّي ترك جزء منها إلى عودة الورم للدماغ من جديد.
إنّ كلا التقنيّتين؛ الروبوت والمنظار، سوف تؤدّيان إلى نقلة نوعيّة في عالم الجراحة العصبيّة .... وستحملان أملاً جديداً لمرضى سرطان الدماغ بالشفاء الكامل ما أن تثبت كلٌّ منهما جدارتَها وفعاليّتَها في التجارب العلميّة القائمة حاليّاً.