إعلانات المنتدي
المواضيع الأخيرة
بحـث
الحزنُ ليس مطلوباً شرعاً ، ولا مقصوداً أصلاً
4 مشترك
صفحة 1 من اصل 1
الحزنُ ليس مطلوباً شرعاً ، ولا مقصوداً أصلاً
فالحزنُ منهيٌّ عنهُ قوله تعالى : ﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا ﴾ . وقولِه : ﴿ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ﴾ في غيْرِ موضعٍ . وقوله : ﴿ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا ﴾ . والمنفيُّ كقوله : ﴿ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ . فالحزنُ خمودٌ لجذْوَةِ الطلبِ ، وهُمودٌ لروحِ الهمَّةِ ، وبرودٌ في النفسِ ، وهو حُمَّى تشلُّ جسْمَ الحياةِ .
وسرُّ ذلك : أن الحزن مُوَقِّفٌ غير مُسَيّر ، ولا مصلحة فيه للقلب ، وأحبُّ شيءٍ إلى الشيطان : أن يُحْزِن العبد ليقطعهُ عن سيرِه ، ويوقفه عن سلوكِه ، قال الله تعالى :﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ . ونهى النبيُّ : (( أن يَتَناجَى اثنانِ منهم دون الثالثِ ، لأن ذلك يُحْزِنُه )) . وحُزْنُ المؤمنِ غي راجل يعجبك مطلوبٍ ولا مرغوبٍ فيه لأنَّهُ من الأذى الذي يصيبُ النفس ، وقد ومغالبتُه بالوسائلِ المشروعةِ .
فالحزنُ ليس بمطلوبٍ ، ولا مقصودٍ ، ولا فيه فائدةٌ ، وقدِ استعاذ منه النبيُّ فقال : (( اللهمَّ إني أعوذُ بك من الهمِّ والحزنِ )) فهو قرينُ الهمِّ ، والفرْقُ ، وإنّ كان لما مضى أورثه الحُزْنَ ، وكلاهما مضعِفٌ للقلبِ عن السيرِ ، مُفتِّرٌ للعزمِ .
والحزنُ تكديرٌ للحياةِ وتنغيصٌ للعيشِ ، وهو مصلٌ سامٌّ للروحِ ، يورثُها الفتور والنكَّدَ والحيْرَة ، ويصيبُها بوجومٍ قاتمٍ متذبِّلٍ أمام الجمالِ ، فتهوي عند الحُسْنِ ، وتنطفئُ عند مباهج الحياةِ ، فتحتسي كأسَ الشؤم والحسرةِ والألمِ .
ولكنَّ نزول منزلتِهِ ضروريٌ بحسبِ الواقعِ ، ولهذا يقولُ أهلُ الجنةِ إذا دخلوها : ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ﴾ فهذا يدلُّ على أنهمْ كان يصيبُهم في الدنيا الحزنُ ، كما يصيبهُم سائرُ المصائبِ التي تجري عليهم بغيرِ اختيارِهم . فإذا حلَّ الحُزْنُ وليس للنفسِ فيه حيلةٌ ، وليس لها في استجلابهِ سبيلٌ فهي مأجورةٌ على ما أصابها ؛ لأنه نوْعٌ من المصائبِ فعلى العبدِ أنْ يدافعه إذا نزل بالأدعيةِ والوسائلِ الحيَّةِ الكفيلةِ بطردِه .
وأما قوله تعالى : ﴿ وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ ﴾ .
فلمْ يُمدحوا على نفسِ الحزنِ ، وإنما مُدحوا على ما دلَّ عليه الحزنُ من قوةِ إيمانِهم ، حيث تخلَّفوا عن رسولِ اللهِ لِعجزِهم عن النفقِة ففيهِ تعريضٌ بالمنافقين الذين لم يحزنوا على تخلُّفهم ، بل غَبَطُوا نفوسهم به .
فإن الحُزْن المحمود إنْ حُمِدَ بَعْدَ وقوعِهِ – وهو ما كان سببُه فوْت طاعةٍ ، أو وقوع معصيةٍ – فإنَّ حُزْنَ العبدِ على تقصيرِهِ مع ربّه وتفريطِهِ في جَنْبِ مولاه : دليلٌ على حياتهِ وقبُولِهِ الهدايةَ ، ونورِهِ واهتدائِهِ .
أما قولُه في الحديثِ الصحيحِ : (( ما يصيبُ المؤمن من همِّ ولا نصب ولا حزن ، إلاَّ كفر اللهُ به من خطاياه )) . فهذا يدلُّ على أنه مصيبةٌ من اللهِ يصيبُ بها العبْدَ ، يكفّرُ بها من سيئاتِه ، ولا يدلُّ على أنه مقامٌ ينبغي طلبُه واستيطانُه ، فليس للعبدِ أن يطلب الحزن ويستدعيّه ويظنُّ أنهُ عبادة ، وأنَّ الشارعَ حثَّ عليه ، أو أَمَرَ به ، أو رَضِيَهُ ، أو شَرَعَهُ لعبادِهِ ، ولو كان هذا صحيحاً لَقَطَعَ حياتَهُ بالأحزانِ ، وصَرَفَهَا بالهمومِ ، كيفَ وصدرُه مُنْشَرِحٌ ووجهُه باسمٌ ، وقلبُه راضٍ ، وهو متواصلُ السرورِ ؟! .
وأما حديثُ هنْدِ بن أبي هالة ، في صفةِ النبيّ : (( أنهُ كان متواصلَ الأحزانِ )) ، فحديثٌ لا يثبُتُ ، وفي إسنادهِ من لا يُعرَفُ ، وهو خلاف واقعِهِ وحالِهِ .
وكيف يكونُ متواصلَ الأحزانِ ، وقد صانَهُ اللهُ عن الحزنِ على الدنيا وأسبابها ، ونهاهُ عن الحزنِ على الكفارِ ، وغَفَرَ له ما تقدَّم من ذنبِهِ وما تأخَّرَ ؟! فمن أين يأتيهِ الحزنُ ؟! وكيفَ يَصلُ إلى قلبِهِ ؟! ومن أي الطرق ينسابُ إلى فؤادِهِ ، وهو معمورٌ بالذِّكرِ ، ريّانٌ بالاستقامةِ ، فيّاضٌ بالهداية الربانيةِ ، مطمئنٌّ بوعدِ اللهِ ، راض بأحكامه وأفعالِه ؟! بلْ كانَ دائمَ البِشْرِ ، ضحوك السِّنِّ ، كما في صفته (( الضَّحوك القتَّال )) ، صلوات الله وسلامه عليه . ومَن غاصَ في أخبارهِ ودقَّقَ في أعماقِ حياتِهِ واسْتَجْلَى أيامَهْ ، عَرَفَ أنه جاءَ لإزهاقِ الباطلِ ودحْضِ القَلَقِ والهمِّ والغمِّ والحُزْنِ ، وتحريرِ النفوسِ من استعمارِ الشُّبَهِ والشكوكِ والشِّرْكِ والحَيْرَةِ والاضطرابِ ، وإنقاذهِا من مهاوي المهالكِ ، فللهِ كمْ له على البَشَرِ من مِنَنٍ .
وأما الخبرُ المرويُّ : (( إن الله يحبُّ كلَّ قلب حزين )) فلا يُعرف إسنادُه ، ولا مَن رواه ولا نعلم صِحَّتَهُ . وكيف يكونُ هذا صحيحاً ، وقد جاءت الملَّةُ بخلافِهِ ، والشرعُ بنقْضِهِ؟! وعلى تقديرِ صحتِهِ : فالحزنُ مصيبةٌ من المصائبِ التي يبتلي اللهُ بها عَبْدَهُ ، فإذا ابتُلي به العبدُ فصيرَ عليهِ أحبَّ صبرَه على بلائِهِ . والذين مدحوا الحزنَ وأشادوا بهِ ونسبُوا إلى الشرعِ الأمر به وتحبيذهُ ؛ أخطؤوا في ذلك ؛ بلْ ما ورد إلاَّ النهيَّ عنهُ ، والأمرُ بضدِّه ، من الفرحِ برحمةِ اللهِ تعالى وبفضلهِ ، وبما أنزل على رسولِ اللهِ ، والسرورِ بهدايةِ اللهِ ، والانشراحِ بهذا الخيرِ المباركِ الذي نَزَلَ من السماءِ على قلوبِ الأولياءِ .
وأما الأثَرُ الآخَرُ : (( إذا أحبَّ اللهُ عبداً نَصَبَ في قلْبِهِ نائحةً ، وإذا أبغض عبداً جعلَ في قلبه مِزْماراً )) . فأثر إسرائيليٌّ ، قيل : إنه في التوراة . وله معنى صحيحٌ ، فإنَّ المؤمنَ حزينٌ على ذنوبهِ ، والفاجرُ لاهٍ لاعبٌ ، مترنِّمٌ فَرِحٌ . وإذا حصَلَ كسْرٌ في قلوبِ الصالحينَ فإنما هو لمِا فاتَهُم من الخيراتِ ، وقصّروا فيهِ من بلوغِ الدرجاتِ ، وارتكبوهُ من السيئاتِ . خلاف حزنِ العُصاةِ ، فإنَّهُ على فوتِ الدنيا وشهواتِها وملاذِّها ومكاسبِها وأغراضِها ، فهمُّهُمْ وغمُّهُمْ وحزنُهُمْ لها ، ومن أجلِها وفي سبيلِها .
وأما قولُه تعالى عن نبيِّهِ (( إسرائيل )) : ﴿ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ : فهو إخبارٌ عن حالهِ بمصابِه بفقْدِ وِلدِهِ وحبيبِهِ ، وأنه ابتلاهُ بذلك كما ابتلاهُ بالتفريق بينَهُ وبينَهُ . ومجرد الإخبارِ عن الشيءِ لا يدلُّ على استحسانِ ه ولا على الأمرِ به ولا الحثِّ عليه ، بل أمرنا أنْ نستعيذَ باللهِ من الحزنِ ، فإنَّهُ سَحَابَةٌ ثقيلةٌ وليل جاِثمٌ طويلٌ ، وعائقٌ في طريقِ السائرِ إلى معالي الأمور .
وأجمع أربابُ السلوكِ على أنَّ حُزْنَ الدنيا غَي راجل يعجبك محمودٍ ، إلا أبا عثمان الجبريَّ ، فإنهُ قالَ : الحزنُ بكلِّ وجهٍ فضيلةٌ ، وزيادةٌ للمؤمنِ ، ما لمْ يكنْ بسببِ معصيةٍ . قال : لأنهُ إن لم يُوجبْ تخصيصاً ، فإنه يُوجبُ تمحيصاً .
فيُقالُ : لا رَيْبَ أنهُ محنةٌ وبلاءٌ من اللهِ ، بمنزلةِ المرضِ والهمِّ والغَمِّ وأمَّا أنهُ من منازِلِ الطريقِ ، فلا .
فعليكَ بجلب السرورِ واستدعاءِ الانشراحِ ، وسؤالِ اللهِ الحياةَ الطيبةَ والعيشةَ الرضيَّة ، وصفاءَ الخاطرِ ، ورحابة البالِ ، فإنها نِعمٌ عاجلة ، حتى قالَ بعضُهم : إنَّ في الدنيا جنةً ، منْ لم يدخلها لم يدخلْ جنةَ الآخرةِ .
والله المسؤولُ وَحْدَهْ أن يشرح صدورَنا بنورِ اليقينِ ، ويهدي قلوبنا لصراطِهِ المستقيمِ ، وأنْ ينقذنا من حياةِ الضَّنْكِ والضيِّقِ .
********************************
وسرُّ ذلك : أن الحزن مُوَقِّفٌ غير مُسَيّر ، ولا مصلحة فيه للقلب ، وأحبُّ شيءٍ إلى الشيطان : أن يُحْزِن العبد ليقطعهُ عن سيرِه ، ويوقفه عن سلوكِه ، قال الله تعالى :﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ . ونهى النبيُّ : (( أن يَتَناجَى اثنانِ منهم دون الثالثِ ، لأن ذلك يُحْزِنُه )) . وحُزْنُ المؤمنِ غي راجل يعجبك مطلوبٍ ولا مرغوبٍ فيه لأنَّهُ من الأذى الذي يصيبُ النفس ، وقد ومغالبتُه بالوسائلِ المشروعةِ .
فالحزنُ ليس بمطلوبٍ ، ولا مقصودٍ ، ولا فيه فائدةٌ ، وقدِ استعاذ منه النبيُّ فقال : (( اللهمَّ إني أعوذُ بك من الهمِّ والحزنِ )) فهو قرينُ الهمِّ ، والفرْقُ ، وإنّ كان لما مضى أورثه الحُزْنَ ، وكلاهما مضعِفٌ للقلبِ عن السيرِ ، مُفتِّرٌ للعزمِ .
والحزنُ تكديرٌ للحياةِ وتنغيصٌ للعيشِ ، وهو مصلٌ سامٌّ للروحِ ، يورثُها الفتور والنكَّدَ والحيْرَة ، ويصيبُها بوجومٍ قاتمٍ متذبِّلٍ أمام الجمالِ ، فتهوي عند الحُسْنِ ، وتنطفئُ عند مباهج الحياةِ ، فتحتسي كأسَ الشؤم والحسرةِ والألمِ .
ولكنَّ نزول منزلتِهِ ضروريٌ بحسبِ الواقعِ ، ولهذا يقولُ أهلُ الجنةِ إذا دخلوها : ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ ﴾ فهذا يدلُّ على أنهمْ كان يصيبُهم في الدنيا الحزنُ ، كما يصيبهُم سائرُ المصائبِ التي تجري عليهم بغيرِ اختيارِهم . فإذا حلَّ الحُزْنُ وليس للنفسِ فيه حيلةٌ ، وليس لها في استجلابهِ سبيلٌ فهي مأجورةٌ على ما أصابها ؛ لأنه نوْعٌ من المصائبِ فعلى العبدِ أنْ يدافعه إذا نزل بالأدعيةِ والوسائلِ الحيَّةِ الكفيلةِ بطردِه .
وأما قوله تعالى : ﴿ وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ ﴾ .
فلمْ يُمدحوا على نفسِ الحزنِ ، وإنما مُدحوا على ما دلَّ عليه الحزنُ من قوةِ إيمانِهم ، حيث تخلَّفوا عن رسولِ اللهِ لِعجزِهم عن النفقِة ففيهِ تعريضٌ بالمنافقين الذين لم يحزنوا على تخلُّفهم ، بل غَبَطُوا نفوسهم به .
فإن الحُزْن المحمود إنْ حُمِدَ بَعْدَ وقوعِهِ – وهو ما كان سببُه فوْت طاعةٍ ، أو وقوع معصيةٍ – فإنَّ حُزْنَ العبدِ على تقصيرِهِ مع ربّه وتفريطِهِ في جَنْبِ مولاه : دليلٌ على حياتهِ وقبُولِهِ الهدايةَ ، ونورِهِ واهتدائِهِ .
أما قولُه في الحديثِ الصحيحِ : (( ما يصيبُ المؤمن من همِّ ولا نصب ولا حزن ، إلاَّ كفر اللهُ به من خطاياه )) . فهذا يدلُّ على أنه مصيبةٌ من اللهِ يصيبُ بها العبْدَ ، يكفّرُ بها من سيئاتِه ، ولا يدلُّ على أنه مقامٌ ينبغي طلبُه واستيطانُه ، فليس للعبدِ أن يطلب الحزن ويستدعيّه ويظنُّ أنهُ عبادة ، وأنَّ الشارعَ حثَّ عليه ، أو أَمَرَ به ، أو رَضِيَهُ ، أو شَرَعَهُ لعبادِهِ ، ولو كان هذا صحيحاً لَقَطَعَ حياتَهُ بالأحزانِ ، وصَرَفَهَا بالهمومِ ، كيفَ وصدرُه مُنْشَرِحٌ ووجهُه باسمٌ ، وقلبُه راضٍ ، وهو متواصلُ السرورِ ؟! .
وأما حديثُ هنْدِ بن أبي هالة ، في صفةِ النبيّ : (( أنهُ كان متواصلَ الأحزانِ )) ، فحديثٌ لا يثبُتُ ، وفي إسنادهِ من لا يُعرَفُ ، وهو خلاف واقعِهِ وحالِهِ .
وكيف يكونُ متواصلَ الأحزانِ ، وقد صانَهُ اللهُ عن الحزنِ على الدنيا وأسبابها ، ونهاهُ عن الحزنِ على الكفارِ ، وغَفَرَ له ما تقدَّم من ذنبِهِ وما تأخَّرَ ؟! فمن أين يأتيهِ الحزنُ ؟! وكيفَ يَصلُ إلى قلبِهِ ؟! ومن أي الطرق ينسابُ إلى فؤادِهِ ، وهو معمورٌ بالذِّكرِ ، ريّانٌ بالاستقامةِ ، فيّاضٌ بالهداية الربانيةِ ، مطمئنٌّ بوعدِ اللهِ ، راض بأحكامه وأفعالِه ؟! بلْ كانَ دائمَ البِشْرِ ، ضحوك السِّنِّ ، كما في صفته (( الضَّحوك القتَّال )) ، صلوات الله وسلامه عليه . ومَن غاصَ في أخبارهِ ودقَّقَ في أعماقِ حياتِهِ واسْتَجْلَى أيامَهْ ، عَرَفَ أنه جاءَ لإزهاقِ الباطلِ ودحْضِ القَلَقِ والهمِّ والغمِّ والحُزْنِ ، وتحريرِ النفوسِ من استعمارِ الشُّبَهِ والشكوكِ والشِّرْكِ والحَيْرَةِ والاضطرابِ ، وإنقاذهِا من مهاوي المهالكِ ، فللهِ كمْ له على البَشَرِ من مِنَنٍ .
وأما الخبرُ المرويُّ : (( إن الله يحبُّ كلَّ قلب حزين )) فلا يُعرف إسنادُه ، ولا مَن رواه ولا نعلم صِحَّتَهُ . وكيف يكونُ هذا صحيحاً ، وقد جاءت الملَّةُ بخلافِهِ ، والشرعُ بنقْضِهِ؟! وعلى تقديرِ صحتِهِ : فالحزنُ مصيبةٌ من المصائبِ التي يبتلي اللهُ بها عَبْدَهُ ، فإذا ابتُلي به العبدُ فصيرَ عليهِ أحبَّ صبرَه على بلائِهِ . والذين مدحوا الحزنَ وأشادوا بهِ ونسبُوا إلى الشرعِ الأمر به وتحبيذهُ ؛ أخطؤوا في ذلك ؛ بلْ ما ورد إلاَّ النهيَّ عنهُ ، والأمرُ بضدِّه ، من الفرحِ برحمةِ اللهِ تعالى وبفضلهِ ، وبما أنزل على رسولِ اللهِ ، والسرورِ بهدايةِ اللهِ ، والانشراحِ بهذا الخيرِ المباركِ الذي نَزَلَ من السماءِ على قلوبِ الأولياءِ .
وأما الأثَرُ الآخَرُ : (( إذا أحبَّ اللهُ عبداً نَصَبَ في قلْبِهِ نائحةً ، وإذا أبغض عبداً جعلَ في قلبه مِزْماراً )) . فأثر إسرائيليٌّ ، قيل : إنه في التوراة . وله معنى صحيحٌ ، فإنَّ المؤمنَ حزينٌ على ذنوبهِ ، والفاجرُ لاهٍ لاعبٌ ، مترنِّمٌ فَرِحٌ . وإذا حصَلَ كسْرٌ في قلوبِ الصالحينَ فإنما هو لمِا فاتَهُم من الخيراتِ ، وقصّروا فيهِ من بلوغِ الدرجاتِ ، وارتكبوهُ من السيئاتِ . خلاف حزنِ العُصاةِ ، فإنَّهُ على فوتِ الدنيا وشهواتِها وملاذِّها ومكاسبِها وأغراضِها ، فهمُّهُمْ وغمُّهُمْ وحزنُهُمْ لها ، ومن أجلِها وفي سبيلِها .
وأما قولُه تعالى عن نبيِّهِ (( إسرائيل )) : ﴿ وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ ﴾ : فهو إخبارٌ عن حالهِ بمصابِه بفقْدِ وِلدِهِ وحبيبِهِ ، وأنه ابتلاهُ بذلك كما ابتلاهُ بالتفريق بينَهُ وبينَهُ . ومجرد الإخبارِ عن الشيءِ لا يدلُّ على استحسانِ ه ولا على الأمرِ به ولا الحثِّ عليه ، بل أمرنا أنْ نستعيذَ باللهِ من الحزنِ ، فإنَّهُ سَحَابَةٌ ثقيلةٌ وليل جاِثمٌ طويلٌ ، وعائقٌ في طريقِ السائرِ إلى معالي الأمور .
وأجمع أربابُ السلوكِ على أنَّ حُزْنَ الدنيا غَي راجل يعجبك محمودٍ ، إلا أبا عثمان الجبريَّ ، فإنهُ قالَ : الحزنُ بكلِّ وجهٍ فضيلةٌ ، وزيادةٌ للمؤمنِ ، ما لمْ يكنْ بسببِ معصيةٍ . قال : لأنهُ إن لم يُوجبْ تخصيصاً ، فإنه يُوجبُ تمحيصاً .
فيُقالُ : لا رَيْبَ أنهُ محنةٌ وبلاءٌ من اللهِ ، بمنزلةِ المرضِ والهمِّ والغَمِّ وأمَّا أنهُ من منازِلِ الطريقِ ، فلا .
فعليكَ بجلب السرورِ واستدعاءِ الانشراحِ ، وسؤالِ اللهِ الحياةَ الطيبةَ والعيشةَ الرضيَّة ، وصفاءَ الخاطرِ ، ورحابة البالِ ، فإنها نِعمٌ عاجلة ، حتى قالَ بعضُهم : إنَّ في الدنيا جنةً ، منْ لم يدخلها لم يدخلْ جنةَ الآخرةِ .
والله المسؤولُ وَحْدَهْ أن يشرح صدورَنا بنورِ اليقينِ ، ويهدي قلوبنا لصراطِهِ المستقيمِ ، وأنْ ينقذنا من حياةِ الضَّنْكِ والضيِّقِ .
********************************
رفيق السنين- عميد
-
عدد المشاركات : 1440
العمر : 44
قوة التقييم : 1
تاريخ التسجيل : 20/08/2010
رد: الحزنُ ليس مطلوباً شرعاً ، ولا مقصوداً أصلاً
بارك الله فيك اخى رفيق
فرج احميد- مستشار
-
عدد المشاركات : 17243
العمر : 62
رقم العضوية : 118
قوة التقييم : 348
تاريخ التسجيل : 10/04/2009
رد: الحزنُ ليس مطلوباً شرعاً ، ولا مقصوداً أصلاً
مشكور وبارك الله فيك.
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
لحظة الوداع من أصعب اللحظات على البشر .. ولكن ما باليد حيله
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
وداعا ... لك ايها المنتدى الغالي..وداعا ... لكم يا أعضاء منتديات عيت ارفاد التميمي
وداعا ... لكل من اسعدته ..وداعا ... لكل من احزنته..وداعا ... لكل من أحبني
وداعا ... لكل من كرهني ..وداعا ... لكل من كنت ضيفا خفيفا عليه ..
وداعا ... لكل من كنت ضيفا ثقيلا عليه ..وداعا ... وكلي ألم لفراقكم
لأنكم أفضل من إستقبلني ..وداعا ... وكلي حزن لأنكم خير من شرفني
وداعا ... واجعلوا ايامي التي لم تعجبكم في طي النسيان ..فقط تذكروني بينكم!!
وداعا ... واستودعكــــــــــم الله الذي لا تضيع ودائـــــــــــــعه
اتمني لكم اوقات سعيد
واتمني التقدم لهذا المنتدى الرائع
زهرة اللوتس- إداري
-
عدد المشاركات : 124527
العمر : 42
رقم العضوية : 2346
قوة التقييم : 158
تاريخ التسجيل : 30/06/2010
رد: الحزنُ ليس مطلوباً شرعاً ، ولا مقصوداً أصلاً
طرح رائع يستحق المتابعه لك جعله الله فى ميزان حسناتك
-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~-~
بوفرقه- مراقب
-
عدد المشاركات : 34697
العمر : 58
رقم العضوية : 179
قوة التقييم : 76
تاريخ التسجيل : 30/04/2009
مواضيع مماثلة
» من اين اتت النقود أصلاً ؟؟
» لقد جعل الله سبحانه لكل مطلوباً مفتاحاً
» مفتي مصر: الشرط الجزائي حرام شرعاً
» دار الإفتاء: وقف النفط والخدمات الحيوية لا يحل شرعاً
» لماذا نعدل الحذاء المقلوب , وهل قلب الحزاء حرام شرعاً ؟؟
» لقد جعل الله سبحانه لكل مطلوباً مفتاحاً
» مفتي مصر: الشرط الجزائي حرام شرعاً
» دار الإفتاء: وقف النفط والخدمات الحيوية لا يحل شرعاً
» لماذا نعدل الحذاء المقلوب , وهل قلب الحزاء حرام شرعاً ؟؟
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
2024-11-12, 7:30 am من طرف STAR
» دجاج مشوي بالخردل والعسل
2024-11-09, 10:06 am من طرف STAR
» "أسرار جينية" قد تحدث ثورة في علاج ألم العصب الوركي
2024-11-09, 10:06 am من طرف STAR
» مباريات اليوم الثلاثاء 5/11/2024 والقنوات الناقلة
2024-11-05, 8:56 am من طرف STAR
» مخمورا حافي القدمين يجوب الشوارع.. لماذا ترك أدريانو الرفاهية والنجومية في أوروبا وعاد إلى
2024-11-05, 8:42 am من طرف STAR
» نصائح يجب اتباعها منعا للحوادث عند تعطل فرامل السيارة بشكل مفاجئ
2024-11-05, 8:37 am من طرف STAR
» طريقة اعداد معكرونة باللبن
2024-11-05, 8:36 am من طرف STAR
» مشاركة شعرية
2024-11-04, 12:28 pm من طرف محمد0
» لو نسيت الباسورد.. 5 طرق لفتح هاتف أندرويد مقفل بدون فقدان البيانات
2024-11-03, 9:24 am من طرف STAR
» عواقب صحية خطيرة للجلوس الطويل
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» صلاح يقترب من هالاند.. ترتيب قائمة هدافي الدوري الإنجليزي
2024-11-03, 9:23 am من طرف STAR
» زلزال يضرب شرق طهران وسط تحذيرات للسكان
2024-11-03, 9:22 am من طرف STAR
» أحدث إصدار.. ماذا تقدم هيونداي اينيشم 2026 الرياضية ؟
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» بانكوك وجهة سياحية تايلاندية تجمع بين الثقافة والترفيه
2024-11-03, 9:21 am من طرف STAR
» مناسبة للأجواء الشتوية.. طريقة عمل كعكة التفاح والقرفة
2024-11-03, 9:20 am من طرف STAR