احمق من يستخف بعقول الشعوب

في زمن الإعلام المفتوح وإستحالة قطع التواصل ما بين الشعوب وبكافة مستواياتها مهما كان جبروت الحاكم ودهاء اجهزته ,بات كل صغيرا وكبيرا سواءا كان يحتفل مع قبيلته بتقديم القرابين للإله في ادغال افريقيا أو على ظهر بعير هائما بصحاري العرب أو مسطولا متسكعا في شوارع الغرب ,ملما بما يدور في العالم من تغيرات ,فاكا طلاسم السياسات ,مستخفا بعقول من يستخفون عقول شعوبهم ,مشخصا ألاعيبهم ومجهزا لها العلاج المناسب مسبقا ,شاعرا بمزيج من الفرح والحزن ,فسبب المفرده الأولى :هو تفتح عقول البشر وإدراك ما لم تدركه الشعوب بكافة تصنيفاتها ومختلف اماكن اقامتها سابقا, ورشفها للحقيقه من المنابر الإعلاميه اللامحدوده العدد والمصدر ,وذكائها في استخلاص المعلومات مستفيدة من الخلاف ما بين القنوات الفضائيه من جهه وبين الحكومات المحلية والأقليمه والدوليه من جهة اخرى ,أما سبب المفردة الثانيه :هو الأسف على أعداد الضحايا الذين يسقطون في الزمن ما بين القرارات الإحتضاريه للحكام الذين لا زالوا في ظلام الإستخفاف بعقول الشعوب والاحلام في الحكم حتى الموت والتوريث ما قبل الموت والمحاولات الغبيه التي يستخدمونها في إطلاق يد عصاباتهم المنظمه للتخريب والقتل والنهب وتشويه صورة الشعب الثائر من جهه ,وإجراءات يتخذونها أملا في بقائهم ذات طابع استخفافي لا تستحق ان تقاس حتى كالهواء في الشبك ,وزمن هروبهم او سحلهم وزبانيتهم على أيدي شعوبهم التي قهروها وإستعبدوها وسرقوا مقدراتها وزجوها في غياهيب السجون لا لشئ إلا أنهم طلبوا خبزا وعملا وكرامه ,والمتتبع لما يحدث في ارض الكنانة وما يسطر شعبها العريق من ملاحم إعتاد على تسطيرها إذا ما وجد ثغرة في أنظمه البطش الفولاذي الذي لازمته ,إلا ان الأمور تغيرت والفضاءات انفتحت ,والإنظمة ما بين ركلت ورجفت وخنعت ولرؤوسها المرتفعه لعقود طأطأت, لكن بعد ماذا ؟ بعد أن تواريخ صلاحياتها إنتهت ,وفي وقت حسابها إعترفت بجرمها ,لا مجال للعفو ,فمن كفر مهما ندم لا يمكن ان يصفح عنه الله سبحانه وتعالى يوم الحساب فمسكنه النار وبئس المصير ,ولن تفيده كلمه يا ليتني …,غريب ما نسمع ونرى من تمادى حسني مبارك في استخفافه بعقول المصريين العظماء من أغنياء وفقراء ,يطل عليهم بخطاب تخديري كعادته بأنه يعي طموحات الشباب وطلباتهم وسوف يوفر ما يرمون اليه ,وفي ذات الوقت يعيد انتشار حكومه القمع والقهر بعد حلها ,ويبرز بعض الأسماء المعتدله لإخفاء قباحه إعادة الإنتشار للظلمة والكفار من حاشيته وجلاديه ,وفي خدعة لا تنطلي على من يبيع العلكه في شوارع الزقازيق ,يعين سليمان نائبا له بعد ان صام ثلاثين سنه عن تعيين نائب ثم فطر على بصله,وفي تناقض يدل على الساعات الأخيره من الهرب كعادة الحكام العرب ,يفوض سليمان بالتفاوض مع الشباب في الوقت الذي يعلن فيه وزير الإعلام لشبكه سي ان ان إغلاق جميع شبكات الاتصال الخلوي في مصر إستباقا للمظاهره المليونيه ,ووفقا لوزارة الإعلام فقد أغلغت مجموعه نور المزوده لخدمة الانترنت في مصر ,علما انها آخر شركه عامله بهذا المجال ,وذلك للتعتيم الانترنتي الكامل ,كما وضعت قوات الامن المصريه حواجز اسمنتيه على المداخل الاستراتيجيه في وسط القاهره وبالقرب منها ,وأمر حسني مبارك والذي قال انني اعي طموحات الشباب بوقف القطارات لأجل غير مسمى ,بما يساعد بمنع المتظاهرين من الوصول لميدان التحرير ,في دلالة واضحه على المناوره لإعادة السيطره على القمع والقتل والتجويع ,وفي مفارقه واضحه وتصرفات تدل على حب الكرسي والغطرسه في الوقت الذي يقول فيه حسني مبارك انه يعمل من اجل راحه الشعب ورقي حاله وتحسين مستواه المعيشي وإفلات حريته من قبضه سلطته ,وانه ينصت لما يقول الشعب تماما ,ويعمل على تحقيقه ,يرفض ما ينادي به الشعب بكافة طوائفه وطبقاته من قلب القاهره وتحديدا ميدان التحرير ,من عبارات واضحه لسان حالها يقول : إرحل يا حسني الذي ماتت كرامته وماتت عروبته وماتت نخوته ومات الدين في قلبه يوم باع الامه ونام في احضان الصهاينه يبيع لهم الغاز ويفتح لهم ابواب مصر المؤمنه على مصراعيها ,ارحل يا قاتل الأبرياء في مصر وغزة يا عميل الأمريكان والإسرائليين ,يا من استشهد على مسؤوليته الفلسطينيين وزاد عليهم شهداء مصر ,لقد ركنت كثير ا على سبات شعبك الأبي ,ونسيت ان كل امر اذا ما تم ينقلب ,مما يدل على ان الكرسي حبه الاول والأخير ولا يكفيه ما سرق من الملايين ليفتح للمقربين سرقه المصريين ,ويدل ايضا على أن هناك حكام على إستعداد بأن يضحوا بكامل شعبهم ويبيعون ارضهم في سبيل البقاء على كرسيهم ,يا من بقي من الحكام لا تستخفوا بعقول شعوبكم ,فالإستخفاف والحرمان هما وقود طاقه الشعوب للتغيير.