منحوتات الوكواك.. مخلفات الحرب الليبية تتحول إلى أعمال نحت ف

من طرف **زهرة اللوتس** 2012-01-15, 12:32 pm

منحوتات الوكواك.. مخلفات الحرب الليبية تتحول إلى أعمال نحت فنية

بعد انقضاء الحرب العالمية الأولى انتشرت حركة فنية وأدبية سميت بالحركة الدادائية ابتكرها الشاعر الروماني “تريستان تزارا” احتجاجاً عما حدث فيها من انتهاكات كبرى.. وقال رواد وقادة هذا الفن (الدادائي) الذي تميز بطابع يفوق العقل والمنطق، قالوا أنهم يريدون التجرد من العقلانية والأخلاق في هذا الفن.. فما حصل في الحرب من مجازر وانتهاكات وابتعاد عن احترام أدمية الإنسان والتجرد الأخلاقي، هو ما جعلهم يفكرون ويطرحون فنهم بطريقة تخلو من اللا نظام واللا جمال واللا رتابة.. ومنهم من لجأ إلى صناديق القمامة وإلى المخلفات العسكرية والصناعية ليخدم بها قطعته الفنية وبعضهم من يأخذ المهملات القديمة ومكونات الطبيعة التالفة منتقين إياها بخواصها شكلا ولونا دونما إظهار لهويتها الأصلية..
وربما ما قام به الفنان الليبي القدير علي الوكواك يشابه المدرسة الدادائية غير أنه حاول جاهدا أن يظهر الطابع الجمالي في منحوتاته المكونة من مخلفات الحرب الليبية التي شنها القذافي على شعب ليبيا وقطع الآلات الحربية وبقايا الملابس العسكرية..
الفنان علي الوكواك مبتكر فن النحت على لحاء النخيل (الكرناف) وصاحب أكثر منحوتات خشبية عربياً أقام معرضه الثاني بعد اندلاع ثورة 17 فبراير المجيدة في ساحة فناء قصر المنار بمدينة بنغازي بمنحوتات مختلفة الأحجام يصل عددها إلى “565″ منحوتة، منها 65 منحوتة حديدية مشكلة بنوع الكولاج والحفر مختلفة الحجم ــ تبدأ من 60 سم إلى 18 متر ــ و 500 منحوتة خشبية صغيرة الحجم.. وتتضمن أعمال الوكواك معظمها قضايا الثورة والحرب بمجسمات متوحشة تعكس بعضها الصراعات والأحداث التي حدثت أثناء الحرب، وبعضها يرمز للدمار الذي أنتجته هذه الحرب، وأخرى تعكس المواقف الإيجابية للثورة.
الصحيفة التقت بالفنان علي الوكواك وتحدث لها عن فكرة إنشاء المعرض قائلاً: “قضيت فترة طويلة من عمري بدار أكاكوس وأغلب انجازات كانت بالأخشاب ولحاء النخيل، لكن بعد انقضاء الثورة جاءتني فكرة استخدام مخلفات الحرب التي نتجت عن الثورة ومطالبة الشعب بحقه، استخدامها بطرق الكولاج والنحت لتكون أشكالاً فنية تعكس للناس قضايا هذه الحرب، فالناس بعد فترة المخاض التي عايشوها في حاجة إلى مشاهدة الفن والتمتع به، الفن الذي يلخص لهم ذلك المخاض والمعاناة السابقين، خصوصاً من كانوا بعيدين عن الجبهة وبقوا معتصمين في مدنهم”.
وأضاف الوكواك: “يعد هذا المعرض الثاني بعد انبثاق الثورة، الأول في مدينة بنغازي جاء بعد تحرير العاصمة طرابلس ويحتوي على 10 منحوتات ضخمة، عكست الجزء الصعب والمهم من الحرب الذي وقع بين مدينتي بنغازي وإجدابيا، والجزء الذي حصل في الزاوية ومصراتة.. وقد نقلت تلك المنحوتات العشر بعد ذلك إلى العاصمة لتوضع في معرض هناك..ولكن للأسف المعرض الأول لم يحض بالاهتمام الإعلامي.. حتى الآن نحن في تواجد مع إعلام تلفزيوني عربي وأوروبي فقط”.
وأعرب الوكواك في رغبته واستعداده لعمله الضخم والمهم الذي ينوي تنفيذه قريبا قائلا: “إنني في صدد إنجاز أكبر منحوتة في ليبيا، متمثلة في نصب تذكاري ضخم أرغب أن يوضع في جزيرة الدوران المقابلة لكتيبة الفضيل بوعمر سابقاً، وأنا الآن أنتظر فقط موافقة المجلس المحلي بمدينة بنغازي لبدء العمل فيه، وأنا لا أنتظر منهم دعماً أو شيئاً آخر، فقط الموافقة على وضع النصب هناك”.
يذكر أن الفنان علي الوكواك من مواليد مدينة المرج، تعمل مهنة النحت من والده الذي كان يمتلك محل لبيع المنحوتات الخشبية هناك، ثم انتقل للعيش صغيراً في مدينة بنغازي وفيها صقل موهبته وكبرت معه وامتهنا لتكون له مصدرا للرزق.. ويتخذ الفنان منذ فترة طويلة مقر دار أكاكوس بمنطقة سيدي اخربيش مكاناً لتنفيذ وعرض أعماله الفنية.
قورينا الجديدة-معتز بن حميد