محمد بن سليم : قرية الحفايا

محمد بن سليم : قرية الحفايا
كان ياما كان .. كان فيه قرية سكانها من (الحفايا) أي ممن ليس لديهم أحذية ليلبسونها .. ليس لأنهم متخلفين .. ليس لأنهم معدومين .. ولكن لأن من كان يحكم تلك القرية ـ قبل موته ـ كان يصادر كل الأحذية ولا يجعل لأحد من سكان تلك القرية يلبس حتى فردة حذاء واحدة .. تاركاً إياهم يمشون (حفايا) ويعانون الأمرّين وهم يدوسون بأقدامهم العارية على الأحجار والأشواك والأرض الوعرة .. كان يتمنى ذلك الحاكم أن بعد عديد السنين من حرمان سكان تلك القرية من الأحذية ، سيعتادون الأمر وتأتي أجيال جديدة تنشأ في بيئة مليئة بالأقدام الحافية ، ولكن شاء القدر أن يخرج مجموعة من سكان تلك القرية منادين بحقهم بأن يلبسوا أحذية كسائر باقي القرى المجاورة لهم ، وتنفست تلك المجموعة من السكان الصعداء بعد موت ذلك الحاكم وقفزوا من الفرحة ، وهم يتوقعوا أن أيام الأقدام (الحافية) قد ولّت إلى غير رجعة ..
استطاعت تلك المجموعة أن تتفق مع أحد مصانع الأحذية ، ليأتوا إلى قريتهم وليتمكنوا من بناء مصنع حديث وبآليات معاصرة ، يتمكن فيها السكان من العاطلين عن العمل بأن يساهموا ويتعلموا ويتدربوا ، بل وأيضا أن يلبسوا (أحذية) للعاملين بالمصنع ولسائر سكان تلك القرية المحرومة من أبسط حقوقها .. (الأحذية) ..
لكن المصنع اشترط أن يوقـّع أغلبية سكان تلك القرية على موافقتهم لبناء ذلك المصنع .. فانطلقت تلك المجموعة من سكان القرية لذويهم وأهاليهم من باقي السكان ليعلموهم بتلك الخطوة الممتازة لأن يلبسوا (أحذيتهم) مثل أجدادهم .. ولكن كانت الصدمة ..
لقد وقف في وجه تلك المجموعة عدد من السكان الرافضين التوقيع على الموافقة ، والسبب هو أن يجب على المصنع أن يعطيهم الأحذية التي لطالما حلموا بها ، وأن يوفر المصنع أحذية للمشي .. للهرولة .. لكرة القدم .. أحذية نسائية .. أحذية للأطفال .. ولكل سكان تلك القرية .. وصاروا يشتتون أفكار باقي سكان القرية بأن ليس عليهم إعطاء موافقتهم للمصنع حتى تحقق مطالبهم ..
والنتيجة كانت أن لا المصنع تمكّن من البناء في تلك القرية وتشغيل أبناءها .. ولا السكان تمكنّوا من لبس الأحذية التي انتظروها سنين طويلة .. فكيف بالله عليكم أن يتحصلوا على (أحذيتهم) ما لم يساعدوا بإعطاء موافقتهم لذلك المصنع وتشييده والعمل به سوية لتحقيق مطالب سكان تلك القرية؟؟ لربما تعودوا أن يكونوا (قرية الحفايا) !! ليس هذا ما أتمناه لتلك القرية المسكينة التي عانت الأمرّين ..
( الرافضين المشاركة بانتخابات بنغازي حتى تحقيق مطالبهم .. مطالبكم هي مطالبنا هي مطالب كل سكان بنغازي .. تعالوا وسجّلوا وانتخبوا بيش نحققوا المطالب مع بعضنا ومانكونش (حفايا) الأفكار والطموح ) …
محمد بن سليم