سر الفجوة بين اللغة العربية واهلها

بالتأكيد هناك فجوة _إن لم نقل هوة عظيمة_ بين اللغة العربية واهلها الناطقين بها ، ولاأظننى أحتاج الى التدليل على ذلك...فالغالبية العظمى من الناطقين بلغة الضاد لايستطيعون التحدث بها كما يتحدون لهجاتهم المحلية...وكثير منهم لايجيدون كتابتها دون أخطاء إملائية..وطبعا أنا هنا لاأتحدث عن المتتخصصين فى مجال اللغة العربية ، بل أتحدث عن عموم المتعلمين العرب من طلاب وأساتذة ودكاترة ووزراء ومدراء..........الخ.

الغريب أن أى شخص من هؤلاء إذا تعلم لغة اجنبية _دون أن يكون متخصصا فيها _ تراه يجيدها محادثة وكتابة وقراءة..وبدرجة أفضل من لغته الام..رغم أنه يقضى اثنى عشر سنة فى تعلم العربية لغته الأم فى مراحل الدراسة الابتدائية والاعدادية والثانوية ، بينما لايتطلب اتقان اللغة الاجنبية سوى دورة مكثفة أو مايعرف بكورس لغة...

فى الحقيقة لن نستطيع كشف سر هذه الفجوة إلا إذا تأملنا الموضوع بأسلوب علمى نسمى فيه الأشياء بمسمياتها بعيدا عن المجاملات والعواطف الجياشة ، ووضعنا ايدينا على مواضع الداء الحقيقة...وإلا فإنه سيأتى يوم تصبح فيه اللغة العربية والهيروغليفية بالنسبة لنا سواء...وأنا هنا أطرح هذا الموضوع الذى أراه مهما لنتشارك وجهات النظر والآراء كى نسهم بما نستطيع للنهوض بلغتنا العربية أو بالنهوض بنا نحن العرب كى نتدارك أنفسنا ولغتنا...

شكرا أخى حبة مسك على وعيك لقدر أهمية هذا الموضوع...الذى لم يلق تفاعلا من الأعضاء ربما لأنه جاء فى توقيت سىء،فالشهر شهر الصيام ،والأحداث اليومية فى بلادنا المتلاحقة والمتسارعة ربما لاتسمح للمرء أن ينشغل بغيرها...وعموما انا لدى آرائى الخاصة حول هذا الموضوع التى ربما يخالفنى فيها الكثيرون ، بل وربما وجه لى بعضهم أصابع الاتهام بأنى أسعى إلى هدم اللغة لا إلى دعمها ووإحيائها ...ولكنى أود الاشارة إلى أننى كونت قناعاتى وآرائى هذه عن تجربة شخصية مباشرةمع اللغة ومع معلميها ومتعلميها ، فأنا لدى تخصص جامعى فى اللغة العربية ،وأجيد الانجليزية ، ولى بعض الإلمام بالإيطالية والفرنسية ،بل إنى قد سعيت لتعلم اللغة الأمازيغية والأردية.. المهم أنى احتكاكى بعالم اللغة جعلنى أدرك الفرق بين تعامل العرب مع لغتهم وتعامل الشعوب الأخرى مع لغاتها ...وكيف ادى ذلك إلى شبه موت العربية، وإحياء لغات أخرى كانت ميتة كالعبرية...حتى أنى أكاد أجزم أنه لولا نزول القرآن الكريم باللسان العربى وتكفل الله عز وجل بحفظه وبالتالى حفظت معه العربية ، أقول لولا ذلك لكانت اللغة العربية إحدى اللغات المندثرة..