النازحون في ليبيا يصنعون ملاذهم ومدينتهم

رغم ارتفاع معدلات الجريمة فيها حسب تقارير محلية ، إلا ان هذا لم يمنع من أن تصير سبها، المدينة الصحراوية القابعة في أقصى الجنوب، قبلة للنازحين من مختلف مناطق الصراعات كتاورغاء وأوباري وسرت.

لقد شهدت المدينة في النصف الأول من العام الحالي 120 جريمة قتل و164حالة خطف وفق احصائية صادرة عن مديرية امن سبها ،اغلبها لخلافات قبلية وسطو مسلح وابتزاز، وسط عجز كلي لأجهزة الشرطة والأمن.

سبها ملاذنا في الماضي والحاضر

“عندما قررنا الخروج من سرت لم نشعر بالحيرة فوجهتنا بالتأكيد سبها لأن لدينا ارتباط تاريخي بها” يقول عبدالنبي زيدان.

يتابع: “كان أجدادنا كل ماضاق بهم الحال يأتون لسبها فقد اتجهوا اليها عندما فرض عليهم الاتراك الاتاوات المرتفعة، وايام الاحتلال الايطالي هربوا إليها، والان جئناها هربا من جحيم ” تنظيم الدولة الاسلامية “.

ولأن قسما كبيرا من قبيلته ما زالت تعيش في سبها كانت وجهة زيدان وأسرته، إذ ” كل نازح وضعه المادي متواضع يأتي إليها للحصول على دعم قبيلته التي تعتبر من القبائل الغنية في الجنوب”.

ولصعوبة الحركة بحرية في سبها لانعدام الامن فيها، ” نبقى ضمن نطاق سكن قبيلتنا وتحت حمايتها” يقول زيدان. والأمر ذاته ينطبق على النازحين من باقي القبائل.

نازحو سرت لايهتمون بنوعية خدمات ومساعدات الجمعيات الخيرية ولا يعتمدون عليها، فالمهم عندهم الاتجاه نحو مناطق تمركز قبائلهم، فقبيلة الفرجان مثلا اتجهت لترهونة وورفلة لبني وليد والقذاذفة لسبها.. وهكذا..

الدولة لا تقدم أي دعم حقيقي، وكذلك المنظمات الدولية (…) وكل الدعم يصلنا من اهالي سبها واقاربنا فيها بالتحديد، فهناك من قدم المال وهناك من قدم السكن والمأوى”. والحديث لزيدان.

الوضع في طرابلس افضل

عمر القنطري نزح من سرت إلى سبها، لينتقل لطرابلس أخيرا. ويعلل انتقاله بـ”انعدام السيولة في سبها فيما هنا بطرابلس الوضع افضل خصوصا ان المصارف فيها خصصت يومين في الاسبوع (الاربعاء والخميس) لنازحي سرت”.

ولفت إلى أنهم في سبها لا يستطيعون التوجه للمصارف بحرية “لانعدام الأمن ووجود الخلافات القبلية (…) فقبيلتنا تكون على خلاف مع قبيلة ما وينظر لنا كجزء من هذه القبيلة وليس كنازحين من سرت”.

وأوضح أنهم وجدوا الحل بأن تنقسم كل عائلة : قسم في سبها والآخر يتجه لطرابلس لتوفير السيولة للبقية”.

الف عائلة نازحة من سرت

يقول منسق الحملة التطوعية لاستضافة نازحي سرت في سبها عمر التمتام أنه يتواجد في سبها اكثر من الف عائلة نازحة من سرت وفقا لاحصاءات غير رسمية.

ويصعب تحديد العدد بدقة، كما يقول التمتام، لانهم “غير مسجلين بالكامل، فهم قبائل بدوية يلعب العامل القبلي دورا في نزوحهم”.

ويوضح أن المسجلين لدى غرفة استقبال ومساندة اهل سرت “حوالي 150 عائلة”

ويرى التمتام أن من اكبر وأهم الصعوبات التي تواجه النازحين “ارتفاع الايجارات”، ويشير إلى أن الحملة “تتواصل مع الجهات الرسمية المكلفة بتأمين بدل ايجار والمتمتلة في عميد بلدية سرت.. ولكن للاسف لم يتجاوب معنا”.

المشكلة الأخرى الكبيرة “ان الجميع يعاني من نقص السيولة وبخاصة نازحو سرت لعدم وجود منظومات لأغلب فروع مصارفهم في المدينة”.

وشكا التمتام من أن “هناك من يتاجر باسم النازحين في عملية الاغاثة والمعونات على مستوى الدولة”.

وتتعاون مع الحملة جهات حكومية وأخرى مدنية في اغاثة نازحي سرت، وأكثر المساعدات “تأتي من المواطنين”.

اما الجهات الرسمية، والحديث للتمتام، فتنحصرفي “الهلال الاحمر وشركة ليبيانا، اما البقية فلا حياة لمن تنادي (…) طرقنا جميع الابواب ولم نحصّل سوى وعود”.

ولاحظ التمتام أن العرف الاجتماعي السائد في المدينة يحتم على النازحين التكيف مع أوضاعها التي يعيشها سكانها قبل الوافدين اليها، ف”أهالي سرت اختاروا سبها لوجود اقارب لهم فيها، ومدينة سبها كبيرة من حيث توافر السكن ومقومات العمل الخاص”.