غناوة العلم بين الغزل وهموم ((المـــواطن)).

من طرف c.ronaldo 2010-07-12, 1:41 am

غناوة العلم بين الغزل وهموم ((المـــواطن)).

(( غناوة العلم )).. حينما نسمعها، ندرك أنها من صميم تراثنا، و نتمعن فيها لنكتشف ما تزخر به من معاني و كلمات، و في ختامها نطلق كلمة (( يا علم )) لنظهر مقدار إعجابنا ونشوتنا بها، فهي فولكلور شعبي ينال إعجاب الكثير من شرائح المجتمع. و لكن العجيب في هذه الشطرات أن المستمع يفسرها على هواه وحسب حالته النفسية و كأنها قيلت لأجله، وكما يقول الغناي (( كيف تحلمي يا عين تفسيرك على قيس غايتك )) وهذا ما يجعل الغناوة تحمل في طياتها أكثر من معنى لمستمعيها. وكما يقول العامة (( جت عالفاهق )) أي إنها عبرت عن حالة قائلها ومست نفسية وتفكير من سمعها، وهذا طبعا يزيد في شعبيتها و انتشارها. و نحن الآن نتطرق إلى غناوي العلم التي قيلت في الغزل، فنجدها تنطبق على الأمور العامة وهموم المواطن، فمثلا : عندما تمر على معرض للسيارات الفخمة تقول : (( العقل مالقيلك بيش وأنت بلاش ما بيتي اتجي )) فقد فسرت هذه الغناوة على هوى من سمعها، وليس من قالها، وهي على السيارات، التي زاد سعرها على الرغم من كثرة عددها وغزارة استيرادها وانعكاسا لقانون العرض و الطلب، فالمار بسيارته القديمة على هذا المعرض يتمنى اقتناء سيارة تتحمل صعوبة الطرق التي تحتاج إلى صيانة دائمة و مستمرة كشوارعنا فالمار يتجنب الذهاب إلى وسط المدينة في أوقات الذروة، كالظهر و المغرب مثلا ويقول في نفسه (( حتى من بعيد ايجوك اسعدك ما قوي غير في العول )) وهذا كله ليتجنب الزحام و المشاكل ولو اضطر إلى ذلك يقول في نفسه (( ضبابه تجي للعين أتحير وين لوهامك اتجي )). فهذه الشطرات من صوب خليل جميعها في جانب الغزل ولكن كثرة الهموم الاجتماعية جعلتنا نستغلها في الأمور العامة. وكذلك (( كثرة الدين )) فهو هما بالليل و مذلة بالنهار، كما هو شائع، و الغناي يقول : (( أتقول في الغطا مكتوب يخطر هضاك ساعة نومها )). وزيادة الأسعار في قوتنا اليومي يقول عليه الغناي : (( حسيت ياعزيز الياس ابقي شريك في قوت رقبتي )). ولا ننسى نقص المياه، حيث يتتبع سكان المناطق العطشي بلهفة شديدة مواسير المياه لعلها تأتي بجرعات لتخفيف ظمأهم (( وحتى و المواير ياس غلا عزيز نا نتركه )) فنجدهم يتتابعون طوال الليل و النهار لعل المياه في طريقها داخل المواسير،أما اذا تحصلوا على المياه فهم حذرون على استمرارها وعدم انقطاعها ويقول اغلبهم في نفسه (( حتى وانت فيك اليأس جعل الله توقاتك فرج )) أما من تصلهم عن طريق الشركات و الأصحاب فهم ينامون الليل ولا يضطرون للسهر فالعامة هم الذين يسهرون الليل على المياه ويقولون لهم : (( راقد وجاك النوم كذاب ما غلانا شاغلك )). وكذلك تأخر الرواتب، فهي لا توجد لها أوقات محددة في الشهر، فيتلهف صاحب الراتب بالنظر إلى المصرف لعله يجد زحام وصراخ وسب وشجار فيستبشر بمجي الغائب ويقول : (( غلاك برق سيل أرعود الحيط شال و الغابة كنس )). ولو تمعنا في رواتب الكثير نجد الأغلب مخصوم منه (( السلف وع الحمر )) و السلف تعطي حلا مؤقتا كما نعلم، ويقول عنها الغناي : (( الناس يحسبوك ربيع وأنت إمرار يا نار الغلا )). أما ((عالحمر )) فيأخذه المواطن بعد عناء واستجداء موظفي المصرف، وهو يقول : (( يجفاك من أفعالك فيه ويجيك من أمرارات الغلا )). وليس لدى صاحب المعاش إلا الدخول في عالم التقسيط الشائع هذه الأيام (( خلاك حايرة في الرأي غلا عزيز يا عين هولي ))

فهذه الشطارات أو بالأحرى غناوة العلم تحولت من الغزل إلى هموم المواطن اليومية. وعبرت عنها تعبيرا بليغا والذي ينظر الى صاحب المعاش يجده يفكر في مصاريف الاعياد والمدارس وغيرها وهي متواليه طبعاً وبحكم العادة فما يكاد يواجه موجه حتى تأتي اختها (( علينا ايشيل الصوت عزيز لونظر حالاتنا )) وفي الختام نقول متفائلين ومتوكلين على الله تعالى (( ونشا الله بعد ياسات أنحصل العيد ويروق خاطري )).

منقــــcopeـــــول...