المد الأحمر

المد الأحمر
يستخدم مصطلح "المد الأحمر" للدلالة على ظاهرة بيئية تظهر في مياه البحر أساساً أو في مياه البحيرات أو الأنهار نتيجة لزيادة فجائية في عدد بعض الطحالب الدقيقة التي لا يمكن رؤيتها إلا تحت الفحص ألمجهري، إذ تحدث هذه الزيادة كقنبلة تنفجر حيث يصل بشكل مفاجئ عدد هذه الكائنات في اللتر الواحد من ماء البحر إلى ملايين عديدة، كما يحدث في كثير من الحالات أن يكون ازدهار نوع أو أكثر من الهائمات النباتية.
في نفس الوقت مصحوبا بتلون واضح لمياه البحر بدرجات من ألوان الأخضر الزيتوني،
الأصفر، البني، لون طوب البناء الأحمر، أو حتى لون الدم.
كيف ينتشر المد الأحمر ؟
على الرغم من إن ظاهرة المد الأحمر تعتمد في تواجدها واستمرارها على عوامل شارك
الإنسان في صنعها إلا أن هناك عوامل أخرى ليس له شأن بها، فقد لوحظ أن ظهور
المد الأحمر يتعاقب مع فترات هطول أمطار غزيرة وخاصة على مرتفعات مزروعة وغابات وتصب مياه أمطارها في البحر وما تحمله من مواد عضوية هي بمثابة الغذاء الوفير للطحالب الدقيقة والبكتريا المسببة لظاهرة المد الأحمر، وينحصر دور الإنسان في:
١- الصرف المباشر على المجاري المائية التي تصب بالتبعية في الأنهار والبحار:
هذه المخلفات وإن جرى معاملتها جزئياً للتخلص من العوالق بها إلا إنها تعتبر من أهم مصادر الأملاح الغذائية للطحالب، فقد أثبتت الأبحاث أهمية الأمونيا الموجودة في مخلفات الصرف الصحي وأنها أفضل العناصر من مصادر النيتروجين المختلفة التي تمتصها الطحالب مباشرة، كما إن استخدام المنظفات الصناعية في المناطق الآهلة بالسكان والمتاخمة للساحل بما تحتويه من نسبة عالية من الفوسفات قد ساعد على تواجد الظاهرة وازدهارها. وفي تجربة في اليابان قامت ربات المنازل المطلة على أحد الخلجان بجمع مثل هذه المخلفات وعدم صرفها في الخليج وكانت النتائج أن تأخر ظهور المد الأحمر وقلت آثاره الجانبية ومضاره وان لم يمنع ذلك من تواجده لأسباب أخرى مجتمعه.
٢- إلقاء المخلفات الصناعية:
لوحظ في بداية الستينيات ان بعض الموانئ التي تقوم بها صناعات سفن خشبية تشهد تواجدا كثيفا للمد الأحمر يتمثل بأنواع معينة من الهائمات النباتية يطلق عليه الطحالب الذهبية (الدياتومات) وهوما استتبعه اهتمام من الباحثين بمدى تأثير مخلفات هذه الصناعة على استفحال الظاهرة، وتم رصد مشابه بخصوص مخلفات صناعات الورق والكيماويات وحتى الصناعات الثقيلة.
٣- صرف مخلفات الأراضي الزراعية:
بهدف تنمية انتاجية أرضه المنزرعة استوجب استخدام انواع متعددة من الأسمدة الكيميائية تحوي في المقام الأول عنصري النتروجين والفوسفات والتى تنتقل عند صرف مياه الري بطريقة مباشرة أوغير مباشرة إلى مياه البحر، وقد لوحظ ان هناك فترات لتواجد المد الأحمر يعقب عمليات الري في فصول معينة، إن التغير في نسبة النتروجين إلى الفوسفات يشكل عاملا في نمو الطحالب الدقيقة بكثافة.
٤- إقامة المزارع السمكية:
أوضحت الدراسات أن انتاج المزارع السمكية على نطاق العالم يستطيع خلال ١٠ – ٢٠ سنة القادمة ان يسد النقص الواضح والمتوقع في المصايد الطبيعية إلا أن مثل هذه المزارع السمكية ورغم أهميتها تشكل بيئة خصبة وصالحة لتوالد الهائمات النباتية واستنباط أنواع جديدة من المد الأحمر.


٥- إقامة المنتجعات السياحية:
المنتجعات السياحية تستوجب إقامة حواجز الأمواج وبحيرات صناعية محدودة وهوما يساعد على ظروف بيئية لإنتشار المد الأحمر.
إن المد الأحمر يمر بأربع مراحل حتى يصبح حقيقة واقعة يمكن أن تميز بالعين المجردة:
١- مرحلة البدء :
وهي مرحلة تستلزم تواجد عدد كاف من الخلايا النشطة الفعالة في منطقة ذات مواصفات طوبغرافية معينة، وكذا ظروف بيئية مناسبة لتكاثرها وهذه الخلايا قد يتم وصولها أونقلها إلى منطقة الإزدهار أوقد تكون نابعة من اصل منطقة الإزدهار ذاتها، تلعب التيارات البحرية وحركة الرياح دورا هاما في انتقال الخلايا من منطقة إلى أخرى بينما تمثل الحويصلات المدفونة داخل الطبقة السطحية من قاع البحر العامل الرئيسي لظهور المد الأحمر في منطقة تحولها من مجرد حويصلات إلى خلايا مزدهرة، وهذه الحويصلات في الواقع خلايا حية سقطت من عند سطح الماء إبان فترة مد احمر سابقة (عند انهياره) وتظل كامنة عاما اواكثر حتى تحين فرصة الإزدهار، وتلك حالة يلجأ إليها الطحلب للحفاظ على النوع واستمرار تواجده.
ما هي العوامل الطبيعية التي تعمل على التحول من وضع التحوصل إلى خلايا يمكنها النمو و الانقسام؟
إن ذلك يحدث عندما ترتفع درجة حرارة المياه السطحية ارتفاعا ملحوظا مع ما يتبعه من ازدياد في درجة الثبات لعمود المياه والتواجد المفاجئ المطرد للأملاح الغذائية والفيتامينات اللازمة للنمو مثل فيتامين ب ١٢ مع إنخفاض في تركيزات المعادن الثقيلة وغير ذلك.
٢- مرحلة النمو:
إنها المرحلة التي ينمو فيها الطحلب وتختلف سرعة الإنقسام تبعا للنوع المسبب للظاهرة وعادة ما تنحصر هذه السرعات ما بين اقل من خلية وحتى خليتين في اليوم الواحد، هذا وقد تقفز هذه السرعة لتصل إلى الأضعاف في فترات قليلة ويعقب ذلك ان يصبح لون المياه المتغير ظاهرا للعين المجردة، إن استمرار هذه المرحلة رهن بإستمرارية الظروف المناسبة للنمو وخاصة فيما يتعلق بالضوء والحرارة والأملاح الغذائية ولا تتعدى هذه الفترة أياما معدودات وقد لا تتجاوز ساعات النهار.
٣- مرحلة الثبات:
هذه المرحلة تعني أن يظل لون المياه المتغير ظاهرا للعين المجردة، فهناك مد أحمر يستمر أسابيع قد تمتد إلى شهر أو اكثر بينما قد لا يتواصل تواجده ساعات محدودة لعوامل عدة. وكلما زادت فترة المد الأحمر واعتمادا على النوع المسبب له كلما تزايدت خطورة الموقف وهذه هي المرحلة التي يصاحبها في الغالب موت الأسماك وغيرها من الكائنات البحرية وذلك بسبب التباين الشديد في تركيز الأوكسجين الذائب في الماء ما بين فترات الليل والنهار.
٤- مرحلة الإنهيار:
يأخذ فيها لون المياه في العودة لوضعه الطبيعي وتعني انحسار الإزدهار وإنتهاء فترته.
آثار ظاهرة المد الأحمر:
أولاً: الآثار على الصحة العامة
( ١) تلوث مياه الشرب في الكثير من البحيرات وبخاصة ببعض الأنواع السامة من الطحالب الزرقاء.
( ٢) تناول المحاريات والقشريات التي لها القدرة على امتصاص السموم التي تفرزها بعض الطحالب الدقيقة مما يسبب التسمم، وتناول أسماك القاع من مناطق الشعاب المرجانية يسبب مرض (يسجوترا) مسبباً آلاما شديدة بالمعدة وصعوبة في التنفس.
( ٣) تشابه أعراض الإصابة بالتسمم مع أعراض نزلات البرد ومع الوقت تسبب صعوبة التنفس والوفاة إذا لم يتم الإسعاف السريع.
( ٤) بعض الإفرازات المصاحبة لبعض أنواع المد الأحمر تسبب حروقاً للجلد والحساسية الصدرية.
ثانياً: الآثار على السياحة البحرية
يعيق وجود المد الأحمر ممارسة رياضة الغطس التي تتطلب مياه صافية وذلك لإنعدام الرؤية وكذا بعض الرياضة البحرية، هناك ظاهرة معروفة على امتداد شواطيء البحر الأدرياتيك في البحر الأبيض وهي ما يطلق عليها ظاهرة المخاض المائي -نوع من المد الأحمر- يقوم الطحلب المتواجد بكثافة عالية بإفراز بعض المواد الكربوهيدارتية والبروتينيات، والتي تجعل ماء البحر ثقيلا يشبه المخاط يسبب العزوف عن ممارسة رياضته البحرية.
ثالثا: الآثار على الإقتصاد القومي
( ١) تتكبد الحكومات خسائر مادية نتيجة انتشار المد الأحمر، إذ ان التكلفة الفعلية لمكافحة هذه الظاهرة حوالي مليون دولار لكل كيلومتر مربع في بعض البحيرات الأوروبية.
( ٢) يؤثر على صلاحية المياه للشرب والإستخدام الآمن.
( ٣) الموت الجماعي للأسماك المتواجدة في مياه البحر وفي مزارعها أثناء بعض فترات المد الأحمر تشكل تهديدا خطيرا للأمن القومي للبلدان التي تعتمد على الأسماك كمصدر رئيسي للغذاء وعلى الصناعات القائمة عليها.
خطوات علاجية :
( ١) التحكم في كميات المياه المنصرفة والعمل على معالجتها ومحاولة إعادة استخدامها في ري بعض المحاصيل.
( ٢) استخدام الحد الأدنى من الأسمدة.
( ٣) العمل على تطبيق القوانين التي تنظم إقامة المنتجعات السياحية على امتداد الشاطيء وما يتبعها من إنشاء حواجز للأمواج.
( ٤) ضرورة توقيع إتفاقيات دولية بين الدول المطلة على نفس الساحل للتنسيق فيما بينها وخاصة ما يتعلق بمعالجة مياه الصرف.
( ٥) إجراء الحسابات لخفض كميات الأملاح الغذائية والإستعانة ببيوت الخبرة وتبادل المعلومات دون التأثير على الثروة السمكية.
( ٦) التوعية المستمرة عبر وسائل الإعلام المختلفة لجميع المواطنين والصيادين.
( ٧)التدريب المستمر للعاملين في المزارع السمكية واستخدام وسائل حديثة في التغذية.
( ٨) إقامة برامج المتابعة وعلى فترات زمنية قصيرة.

مشكورة علي مشاركتك

عزيزتي جلنار ،

اشكرك على هذه المعلومات القيمة .

تقبلي فائق احترامي

مشكور سامي عالمرور

شكرا على هذا الطرح المفيد والمميز بارك الله فيك